تدبر سورة الفتح الآية ٢٤

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.

من آيات الله الواضحات الدالات على وجود الله. أنه كف أيدي الفريقين عن بعضهما البعض وحقن دماءهم وهذه الآية تعلمنا التسبيح لله في هذا الفعل وأنه فعل الله وحده.

{ وَهُوَ ٱلَّذِی كَفَّ أَیۡدِیَهُمۡ عَنكُمۡ وَأَیۡدِیَكُمۡ عَنۡهُم بِبَطۡنِ مَكَّةَ مِنۢ بَعۡدِ أَنۡ أَظۡفَرَكُمۡ عَلَیۡهِمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرًا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٢٤]

(وهو الذي) وحده الله لا شريك له.

(وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم)

سبحان الله المؤمنون خرجوا للقتال والكفار تأهبوا للقتال وتجهزوا ولكن الله أراد أمرا آخر وأنفذ أمره فيهم بقدرته وحكمته.

ولله أمور نظن أننا نفعلها ولكن الحقيقة والواقع أن الله هو من أمر بها وأذن لها.
قتلهم للكفار لم يكن بملك أيديهم ولا حتى رميهم السهام قال تعالى عن ذلك:

{ فَلَمۡ تَقۡتُلُوهُمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمۡۚ وَمَا رَمَیۡتَ إِذۡ رَمَیۡتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِیُبۡلِیَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ مِنۡهُ بَلَاۤءً حَسَنًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ }
[سُورَةُ الأَنفَالِ: ١٧]

حتى مسيرنا لأي وجهة لسنا سائرين إلا بأمر الله وبإذنه:

(هُوَ ٱلَّذِی یُسَیِّرُكُمۡ فِی ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۖ)

ولا نزرع شيئا إلا بأمره:

{ أَفَرَءَیۡتُم مَّا تَحۡرُثُونَ (٦٣) ءَأَنتُمۡ تَزۡرَعُونَهُۥۤ أَمۡ نَحۡنُ ٱلزَّ ٰ⁠رِعُونَ (٦٤) }
[سُورَةُ الوَاقِعَةِ: ٦٣-٦٤]

حتى تدريبنا للجوارح الصيد فلسنا نحن من علمها ولكنه الله:

( وَمَا عَلَّمۡتُم مِّنَ ٱلۡجَوَارِحِ مُكَلِّبِینَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُۖ)
[سُورَةُ المَائـِدَةِ: ٤]

بل حتى علمنا الذي آتانا الله إياه ليس بمجهودنا ولا سعة اطلاعنا ولكنه مما علمنا ربنا.

{ عَلَّمَ ٱلۡإِنسَـٰنَ مَا لَمۡ یَعۡلَمۡ }
[سُورَةُ العَلَقِ: ٥]

وكذلك دفعه الناس للقتال هو من عند الله لنصره دينه.

{ ٱلَّذِینَ أُخۡرِجُوا۟ مِن دِیَـٰرِهِم بِغَیۡرِ حَقٍّ إِلَّاۤ أَن یَقُولُوا۟ رَبُّنَا ٱللَّهُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضࣲ لَّهُدِّمَتۡ صَوَ ٰ⁠مِعُ وَبِیَعࣱ وَصَلَوَ ٰ⁠تࣱ وَمَسَـٰجِدُ یُذۡكَرُ فِیهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ كَثِیرࣰاۗ وَلَیَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن یَنصُرُهُۥۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِیٌّ عَزِیزٌ }
[سُورَةُ الحَجِّ: ٤٠]

ولكن في فتح مكة أراد الله أن يكف أيدي الفريقين عن القتال.

{ وَهُوَ ٱلَّذِی كَفَّ أَیۡدِیَهُمۡ عَنكُمۡ وَأَیۡدِیَكُمۡ عَنۡهُم بِبَطۡنِ مَكَّةَ مِنۢ بَعۡدِ أَنۡ أَظۡفَرَكُمۡ عَلَیۡهِمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرًا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٢٤]

وقد أوقف القتال ليس لضعف بالمؤمنين ولكن بعد أن أظفرهم على الكافرين. بمعنى ليست هدنة عن ضعف وإنما عن قوة ونصر مبين.

{ وَهُوَ ٱلَّذِی كَفَّ أَیۡدِیَهُمۡ عَنكُمۡ وَأَیۡدِیَكُمۡ عَنۡهُم بِبَطۡنِ مَكَّةَ مِنۢ بَعۡدِ أَنۡ أَظۡفَرَكُمۡ عَلَیۡهِمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرًا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٢٤]

ثم ختم الآية ب (وكان الله بما تعملون بصيرا)

سبحان الله وكأن كل أمر وكل نصر وكل هزيمة مرهونة بما نعمله وما ننويه والله بصير بنا وبما نعمله وبصير بنوايانا.

نسأل الله فتحا قريبا مبينا.

سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *