الدرس الحادي والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.

تحدثنا في الدرس السابق عن الذين يشركون مع الله إلها وهو الهوى.
وكيف أن ذلك كان سببا في الختم على القلب والسمع والبصر.

(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُمْ بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ * وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)
[سورة الجاثية 23 – 25]

وأن تكذيبهم بالبعث يأتي ضمنيا من خلال أعمالهم وتصرفاتهم التي لا تحسب لذلك اليوم حسابا ولا عملا.

هم نسوا الآخرة وقل إيمانهم بها لبعدهم عن القرآن وهجرهم له.
وإلا فإن الله عز وجل قد ذكر الآخرة ولمح لها في أغلب صفحات القرآن وذكر البعث والإحياء كثيرا.

(قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ)
[سورة الجاثية 26 – 27]

المشكلة هي أن أكثر الناس يهجرون القرآن لذلك ينسون الآخرة والبعث . لا يضعونها نصب أعينهم ولا الهدف لأعمالهم ومعيشتهم.
بل يرمونها وراء ظهورهم لكي لا يرونها ولا يفكروا فيها.

(إِنَّ هَٰؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا)
[سورة اﻹنسان 27]

يومها يكتشفون أنهم الخاسرون خسروا نعيما خالدا باعوه بنعيم زائل واشتروا بالنعيم الخالد عذابا مهينا أليما خالدا.

(قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ)
[سورة الجاثية 26 – 27]

كيف يكون حالهم يومها؟

(وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ۚ كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
[سورة الجاثية 28]

تخيلوا معي كل الخاسرون من عهد آدم إلى آخر أمة يجثون على الركب في حالة صدمة ورعب وحزن وندم لا يمكن وصف مداه.

ينظرون لسرادق جهنم أمامهم وهم يعلمون أنهم داخلون فيها لا محالة .
حينها يتذكرون نصح النبي الذي أرسل إليهم.
ويتذكرون نصح الرسول الذي أرسل إليهم.
ويتذكرون نصح كل من اتبع الأنبياء والرسل في الدعوة للكتب السماوية.

كلهم يتذكرون في ذلك المشهد.

(وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ۚ كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
[سورة الجاثية 28]

ويعلمون أنهم يجازون اليوم بكل ذنوبهم وكل عصيانهم وتمردهم على خالق الأرض والسماوات.

(هَٰذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
[سورة الجاثية 29]

يود المجرم يومئذ لو أنه يكذب فيصدقوه وينجو ولكن هيهات.
فكتاب أعماله موجود وينطق عليهم (ضدهم) بالحق . ويجد نسخة لكل ما عمله في الدنيا سواء كان صغيرا أو كبيرا.

يجد أعماله أمامه لا تمسح ولا تختفي
تخيلوا ذلك الشعور!

وهو يجثو على حافة جهنم ويرى أعماله، تمرده، استهزاؤه، رفضه، عدم اقتناعه ، تسويفه، اصراره.

كل ذلك يراه أمامه فهل تتخيلون؟!

(هَٰذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
[سورة الجاثية 29]

يومها يفرح المؤمنون بما عملوا وبفوزهم العظيم.

(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ)
[سورة الجاثية 30]

ولا يجد الكافرون إلا العتاب ولا أحد يواسيهم.

(وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ)
[سورة الجاثية 31]

أين التكبر على آيات الله اليوم؟
اختفى ولم يبق إلا الذل والهوان.

(وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ)
[سورة الجاثية 32]

أين التسويف في التوبة والريب في الآخرة ؟

انتهى ولم يبق إلا عين اليقين

(وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ)
[سورة الجاثية 33]

بدا لهم كل شيء كل أعمالهم بقبحها واستهزاؤهم بها.

فقط تخيلوا شعورهم!!!

فلنقض هذا اليوم نتفكر في ما بقى من أوامر لم نتبعها بعد أو نواهي لم ننته عنها بعد

ليكن القرار اليوم
بالتوبة النصوح فلا نضمن أن نبقى لغد.

ولا نعلم أي الفريقين نحن؟
نسأل الله السلامة في الدنيا والآخرة.
ربنا أعنا وقونا لنتخذ هذا القرار.
لندعوه دعاء المضطرين أن يردنا إليه ردا جميلا.

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *