الدرس السابع و العشرين

بسم الله الرحمن الرحيم

النقطة الخامسة : الإنسان الكفور الذي يرى رسائل الله أمامه ثم يعرض عنها كأنه لم يراها .

إذن إبليس كفر :

سورة ص : إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74).

السؤال : هل كفر بوجود الله ؟

هل أنكر وجود الله ؟

هل لم يعترف بوجود الله أصلاً ؟

الجواب : لا .

كفر بمعنى غطى التنبيه ، غطى التذكير ، غطى الرسائل المنبهة ، وحاول أن يبرر معصيته ، وهذه هي حالة الإنسان الكفور ، عندما تأتيه رسائل من الله ، ويراها رأي العين ثم يغطيها .

سورة الإسراء : وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (67).

كفور بإعراضه عن آية ربه التي رآها في وسط البحر ، الله تعالى يريه آية في البحر ، ثم هو يغطيها .

سورة يونس : وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21) هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23).

ركز :

مازن الذي لم يسلك طريق أبيه آدم عليه السلام ، بل آثر وفضل أن يسلك طريق إبليس ، وهو طريق الإصرار ، الله تعالى لا يتركه هكذا ، لا يهمله ، لا يتركه دون تنبيه ، يرسل إليه من ينصحه ، من يعظه ، من يذكره ، فإذا أبى فالله تعالى له رسائل أخرى ، له رسائل تأديبية أخرى ، رسائل في البحر ، رسائل في الطائرة ، رسائل في المستشفى .

الآن مازن المصر في وسط البحر ، مازن المصر على ارتكاب الذنوب والسيئات والمعاصي في وسط البحر ، عندما يحيط به هذا العذاب الأدنى من كل جهة ويطبق عليه بنسبة 100% ، فإنه يرى بين عينيه السيئات ، هذه رسالة من الله تعالى ، أنك خرجت من الطريق ، لست مستقيماً ، لست على الطريق المستقيم ، هنا يدعو ربه بأنه سيتوب وسيقلع ويندم ، (لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) ، لقد رأى رسالة الله إليه ، رأى التنبيه رأي العين .

سورة يونس : … لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23).

(فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) : مازن هنا أخلف وعده لله ، لم يوفي بوعده عندما وعد الله ، وبإخلافه هذا يكون معرضاً عن ربه ، ولا يكون مقبلاً ، وبهذا الإعراض يكون كفوراً ولا يكون شكوراً .

سورة الإسراء : وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (67).

السؤال : من هو الكفور ؟ هل هو إبليس أم آدم عليه السلام ؟

الجواب : الكفور هو إبليس .

إذن طريق إبليس يتحدد ويتعين بعد الإعراض عن التنبيه ، بعد الإعراض عن التذكير ، بعد الإعراض عن الآية ، بعد الإعراض عن هذا العذاب الأدنى ، الذي أحاط به ورأى من خلاله الحقيقة ، ولكنه غطاها ، تعامل مع الآية وكأنه لم يرها ، كأنها غير موجودة ، غطاها ، دسها ،( وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا) .

سورة الإسراء : وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (67).

أن الكثير ممن يدعي الإسلام ، و يدعي الإيمان ، تجده يصر على المعاصي والذنوب والسيئات ، والله تعالى ينبهه ، في البحر أو في الطائرة أو في المستشفى وما شابه ذلك ، وحينها يدرك الحقيقة ويراها ، ويعترف لله ويعد ربه ، وعندما يشفيه الله ويكشف عنه الضر ، ويرفع عنه المصيبة ، وينجيه من غرق شبه مؤكد ، تجده بعد ذلك يعرض ويخلف الوعود ، ويتعامل مع الآيات وكأنها ليست آيات ، ويراها أموراً طبيعية وعادية ، وأن الناس كلهم يحدث لهم هذا .

سورة الإنسان : إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) .

السؤال : الكفور إن مات على هذه الحال ، غداً يوم القيامة ، هل يرافق آدم عليه السلام إلى جنة النعيم ، أم يرافق إبليس إلى نار الجحيم ؟

الجواب : يرافق إبليس إلى نار الجحيم .

سورة فاطر : وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37).

الذين يغطون الآيات ، يقومون بتغطيتها ، من مات وهو كفور ، من مات وهو مصر على هذا الإعراض ، على سلوك طريق إبليس ، فإنه يوم القيامة يرافق إبليس إلى نار الجحيم .

سورة الزمر : وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8).

هذا كله يؤكد لنا خطورة طريق إبليس ، يعني أحذر أن تسلك طريق إبليس ، إذا زلت قدمك ، إذا وقعت أتجه في طريق آدم عليه السلام ، أسلك طريق آدم عليه السلام ، وإياك وطريق إبليس .

سورة الزمر : وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8).

(نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ) : هل رأيتم (نَسِيَ) ؟، يعني غطى ، كأنه لم يرى شيئاً ، كأنه لم يسمع شيئاً .

(( نهاية المحاضرة السادسة ))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *