بسم الله الرحمن الرحيم
النقطة الرابعة : أمثلة للتفريق بين نوع معصية آدم عليه السلام وبين نوع معصية إبليس .
والإنسان ليس معصوماً قد يقع في المعاصي ، قد تزل قدمه ، لكن هل أنت في طريق آدم عليه السلام ، في طريق الاعتراف والرجوع والتوبة والإنابة ، أم أنت في طريق إبليس ، تحاول أن تبرر المعصية ، تحاول أن تجادل ، وتبقى مصراً على المعاصي ، ولهذا الله تعالى عندما يحدثنا عن معصية آدم عليه السلام فإنه يعبر عنها بالفعل .
سورة طه : وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121).
( وَعَصَى) : فعل أي قام بالمعصية مرة واحدة فقط .
أما معصية إبليس فيعبر عنها بالصفة .
سورة مريم : إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44)
(عَصِيًّا) : صفة ، أي أن صفته أنه عاصي ، يفعل المعصية مرات ومرات ومرات كثيرة جدً جداً جداً .
إبليس فعل المعصية مرات ومرات ومرات كثيرة جداً جداً جداً ( لذلك أتصف بالمعصية ) .
وهذا كالفرق بين الاسم والصفة ، عندما تقول ( إنسان مجتهد ) ، قد يتكاسل كفعل ، يعني نادراً ، لكن يغلب عليه طابع الاجتهاد .
(إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا) ، و (عَصِيًّا) هي صفة وليست فعل ، وإبليس أتصف بالمعصية ، لأن معصيته الأولى أنه لم يسجد لآدم عليه السلام ، وبعد أن نبهه الله تعالى على هذه المعصية لم يتوقف عن المعاصي ، بل أستمر في المعاصي .
سورة ص : قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83).
لذلك إبليس لم يقع في المعاصي مرة واحدة ، بل كان وقوعه في المعاصي أمراً مستمراً ، أمر لا يتوقف ، وهذا معنى الصفة ، (إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا) .
آدم عليه السلام فعل المعصية مرة واحدة فقط وتاب بسرعة رهيبة ( لدرجة أنه لم يفقد حالة التقوى).
أما آدم عليه السلام فلم يكن عصياً ، هو عصى ، وقع كفعل ، يعني نادراً ، وقع مرة واحدة ، وقوعه في المعصية كان أمراً شاذاً ، كان أمراً نادراً ، ليس أمراً يغلب عليه ، (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) .
المثال الأول : طالب مجتهد وطالب كسول .
المعلم أو الأستاذ في القسم ، عندما يصف تلميذاً بأنه مجتهد ، ويقول : هذا تلميذ مجتهد ، (مجتهد) صفة ، هذا التلميذ المجتهد ، هل هو يجتهد كل يوم ، أم قد يصيبه الكسل أحياناً ؟ ، يمكن أن يصيبه الكسل في يوم ما ، مرة أو مرتين في السنة ، لكن في سائر أيام السنة كان مجتهداً ، كان مجتهداً طوال أيام السنة ، كان مجتهداً كل يوم ، لكنه قد يتكاسل ، قد يقع منه كسل، قد يصدر منه الكسل نادراً وشذوذاً، فهذا متصف بالاجتهاد .
والعكس صحيح ، فالمعلم أو الأستاذ عندما يصف تلميذاً ويقول : هذا تلميذ كسول ، فهذا لا يعني أن الكسول لا يجتهد ذات يوم ، قد يجتهد ، لكن الصفة الغالبة عليه وهو أنه كسول .
مثال الثاني : طالب حاضر وطالب غائب .
كذلك المعلم أو الأستاذ عندما يصف تلميذا بأنه حاضر ، يعني طوال أيام السنة كان حاضراً في القسم أو الصف ، يقول : فلان أنه حاضر ، لكن ليس معنى ذلك أنه لا يغيب إطلاقاً ، قد يغيب لكن الغياب يكون نادراً ، يكون حالة شاذة ، فهو عندما يغيب وتسجل عدد أيام الغياب نجدها مرة أو مرتين أو ثلاث في السنة ، ولكن كان سائر أيام السنة حاضر .
والعكس صحيح ، يقول المعلم أو الأستاذ هذا التلميذ غائب ، حالة فلان مع الدراسة أنه غائب ، لكن ليس معنى هذا أنه لم يحضر إطلاقاً ، أنه يحضر لكن نادراً .