الدرس التاسع عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

النقطة الرابعة : القاعدة الرابعة من قواعد تصفية الملفات (المسارعة والمسابقة في تصفية الملفات ).

سورة التحريم : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8).

إذن هكذا هي قواعد تصفية الملفات :

القاعدة الأولى : تتذكر الملفات .

القاعدة الثانية : تسأل عن كيفية تصفيتها .

القاعدة الثالثة : تنوي أن تقوم بتصفية كل الملفات ولا تبقي ولا حتى ملفاً واحداً .

القاعدة الرابعة : أن تسرع في التصفية ، ولا بد من السرعة , وأن تسرع في تصفية ملفاتك بسرعة أسرع من سرعتك في جمع أموالك ومتاع الدنيا .

سورة الزخرف : وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32).

لأن الله يدعوك إلى جنة من خلال هذه التصفية ، من خلال هذه التوبة النصوح الخالصة ، من خلال تصفية الملفات التي بها تحقق توبتك النصوح ، الله يدعوك ليس إلى قصر في الدنيا ، يدعوك ليس إلى قصر تعيش فيه في الدنيا ، الله يدعوك إلى جنة عرضها السماوات والأرض .

سورة آل عمران : وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)

الله تعالى قال : (وَسَارِعُوا) ولم يقل الله (تعالوا ) ، إذن لا بد من تحقيق السرعة ، عليك أن تسرع ، أما في سورة الحديد (سَابِقُوا) .

سورة الحديد : سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) .

يعني أن تسرع سرعة تسابق فيها من تراه مسرعاً في تصفية ملفاته ، يعني القضية تحتاج أيضاً إلى منافسة ، حاول أن تنافس الذين يقومون بتصفية الملفات ، حاول أن تنافسهم في سرعتهم ، بأن تسرع أكثر منهم .

المسارعة والمسابقة في تصفية الملفات :

سورة آل عمران : وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)

سورة الحديد : سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) .

في سورة آل عمران : ( وَسَارِعُوا ) .
في سورة الحديد : ( سَابِقُوا ) .

يعني السرعة المطلوبة في تصفية الملفات هي :

1) أن تسارع في تصفية ملفاتك سرعة تسابق فيها الذين يسارعون في تصفية ملفاتهم .

2) كذلك تسارع في تصفية ملفاتك سرعة أكبر من سرعتك في جمع أموالك .

السؤال : لكن لماذا هذه السرعة في تصفية الملفات ؟

الجواب : لأن الجنة أغلى من مسكن الدنيا، هل أنت مؤمن أن الجنة أغلى من الدنيا ؟؟؟

سورة آل عمران : … وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157)

سورة الزخرف : … وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)

مثال :

لو أن المدير عمر هو يعمل في مكتب توزيع السكنات ( المنازل والبيوت والفلل والقصور الكبيرة والفاخرة والفخمة ) ،المدير عمر أتصل بمازن ، وأخبره أن موعد تسليم السكنات يكون بعد غد مباشرة ، والمدير عمر يطلب من مازن الحضور إلى المكتب بعد غد على الساعة الثامنة صباحاً تماماً ، ويحضر معه عشر وثائق كاملة ، حتى يكتمل الملف وحتى يحظى بالقبول ، لكن مازن يملك فقط وثيقة واحدة ، أما التسع وثائق الباقية فلا يملكها ، ليس عنده إلا وثيقة واحدة من أصل عشر وثائق ، وقد بقي لديه يوم واحد فقط حتى موعد المقابلة مع المدير عمر .
ماذا سيفعل مازن خلال هذا اليوم الواحد ؟

كيف ستكون سرعته خلال ساعات هذا اليوم الواحد ؟

سيسرع في جمع الوثائق سرعة كبيرة جداً جداً جداً ، تجعله يتنازل عن الكثير من الأشياء ، قد يتخلى عن فطوره ، قد يتخلى عن وجبة الغداء ، قد يتخلى عن راحته من أجل تحصيل هذ الوثائق .
متى سيصل مازن إلى مكتب المدير عمر ؟

في أي ساعة سيصل مازن إلى مكتب المدير عمر ؟

سيصل مثلاً في الساعة السابعة صباحاً ، يقيناً أنه سيصل قبل الساعة الثامنة صباحاً ، يقيناً أنه سيحتاط لكي يصل قبل الساعة الثامنة صباحاً ، يقيناً ويقيناً سيحتاط لكي يصل قبل الساعة الثامنة صباحاً ، ويقيناً هذا الذي سيحدث .

لكن هل أكثر المسلمين اليوم يسارعون إلى التوبة النصوح وتصفية الملفات على هذه الشاكلة ؟ وبهذه الطريقة ؟ وبهذه السرعة ؟

سورة آل عمران : وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)

وعد من الله للذين يتوبون توبة نصوحاً :

ووعد من الله تعالى لمن إلتزم بهذه القواعد في تصفية الملفات ، والذي إلتزم بأن يعيش ما تبقى له من لحظات بينه وبين موته وهو:

1) يتذكر ذنوبه .

2) أن يسأل عن تصفية الملفات قبل تصفيتها ، ( يعني يقوم بتصفية مبنية على علم وليس عن هوى أو جهل ) .

3) نوى وينوى وظل ينوي أن يقوم بتصفية كل شيء .

4) وكان مسرعاً في التصفية ، سرعة أكبر من سرعته في جمع أمواله ، وسرعة يسابق فيها الذين يسارعون في تصفية ملفاتهم .

الله يعد كل من قام بالخطوات السابقة كلها وعلى أتم وجه ، الله يعده بالتالي :

((يكفر له جميع سيئاته التي وقع فيها قبل توبته ، و يدخله الجنة ، سواء أكمل التصفية من حيث الواقع أم لم يكمل ، لأنه في الطريق إليها )) .

يتبع…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *