الدرس الثاني عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

النقطة الخامسة : خطوات تذكر الذنوب في سبيل تنظيف القلب ، ليصبح أبيض 100%

الحل هو الإقبال على ذكر الآيات ( قراءة القرآن الكريم )، لأنك عندما تقبل على ذكر الآيات ، ينفر القرناء ، وعندما ينفر القرناء فإن تزينهم يتوقف ، ويتوقف الاستصغار ، فتتوقف المعصية ، وإذا أقلع الإنسان عن جميع المعاصي ، حينها فقط بإمكانه أن يعود بذاكرته إلى الوراء .

سورة الإسراء : وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46)

فالإقبال على ذكر الآيات يجعل القرناء ينفرون ، وعندما ينفر القرناء فإن تزينهم يتوقف ، وعندما يتوقف تزيين المعاصي يتوقف استصغارها ، فنرى هذه المعاصي على حقيقتها ، نرى المعاصي كبيرة وعظيمة ، نصبح نستعظم المعاصي ، وحينما نستعظم المعاصي نراها كبيرة فنتوب منها ، وعندما نتوب من جميع المعاصي وبدون استثناء ، عندها فقط بإمكاننا أن نعود بذاكرتنا إلى الوراء ، لنتذكر ما فعلناه في الأيام الماضية .
النقطة السادسة : دماغ الإنسان وقطعة الإسفنجة ( تذكر كل لقطات معاصيك طيلة حياتك الماضية ) .
ونمثل لدماغ الإنسان ، قبل أن يرتكب أي معصية في حياته ، بقطعة الإسفنج التي تستخدم في المطبخ عند شرائها من الدكان ، عندما نشتري قطعة الإسفنج من الدكان نجدها يابسة وجافة من أي قطرة ماء ، ولا نجدها رطبة ، نفس الأمر دماغ الإنسان يكون خالياً من أي لقطة معصية قبل أن يقع في المعاصي ، نأتي بقطعة الإسفنج التي اشتريناها من الدكان ونضعها في الدلو الذي تحدثنا عنه سابقاً ، الدلو الذي تتنزل فيه قطرات الحنفية بمعدل قطرة في الدقيقة ، بعد شهر نعود إلى الدلو وقد وضعنا فيه قطعة الإسفنج ، فنجد قطعة الإسفنج مملوءة بالماء ، غارقة في الماء ، نفس الأمر يحدث لدماغ الإنسان ، لدماغ المصر على المعاصي ، الذي يصر على المعاصي مع مرور الأيام والشهور ، دماغه يصبح غارقاً أي مملوء بالمعاصي .

سورة المطففين : كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14).

هذا المثال تقريبي لكي نقرب به صورة التذكرة ، كيف نتذكر ذنوبنا ، يعني تتذكر ذنوبك ، تعود بذاكرتك إلى الوراء ، تماماً كأن تعصر دماغك ، تقوم بعصر دماغك معنوياً ، وأنت تبذل الجهد وتستفرغ الوسع بأن تستخرج منه جميع ما فيه من لقطات المعصية ، مثلما تحاول أن تقوم بعصر قطعة الإسفنج .

تصور بأننا عندما نقوم بعصر قطعة الإسفنج ، نمسكها ونعصرها جيداً ، عصر جيد جداً ، نبذل جهدنا ونستفرغ وسعنا في عصر قطعة الإسفنج ، ونستخرج كل ما لدينا من طاقة في العصر ، وفي نهاية المطاف ، هل ستعود قطعة الإسفنج جافة ويابسة كما اشتريناها أول مرة من الدكان ؟ أم تظل رطبة ؟ .

تظل رطبة !!!

بمعني أن فيها أو بداخلها قطرات ماء لم نستطع استخراجها ، وهذا واقع ، فدماغ الذاكر التائب العائد إلى ربه ، سيقوم ولا شك وهو مطالب بذلك أن يعصر دماغه ، محاولاً أن يستخرج كل ما فيه من لقطات المعصية ، وذلك لكي يتوب منها ، وقد تأتيه لحظة الموت ، رغم أنه بذل الجهد واستفرغ الوسع إلا أنه قد يموت وفي دماغه لا تزال هناك بعض اللقطات عالقة ، غير قادر عليها ولم يستطع استخراجها .

أنتبه وركز جيداً : إذا كان صادقاً في تذكره وفي توبته ، وكان مستفرغاً وسعه في ذلك ، فالله تعالى يتجاوز عن تلك المعاصي التي لم يستطع تذكرها .

سورة البقرة : … رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286).

(رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) هذا نسيان الذاكرين ، الذي يكون بعد السمع والطاعة ، وهو يكون فوق طاقتهم ، (رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) .

(رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) تظل قطعة الإسفنج رطبة وذلك بعد العصر ، فلا زالت فيها بعض قطرات الماء لم نقوى على استخراجها ، نفس الأمر يحدث لدماغ الذاكر التائب العائد المنيب إلى ربه ، يعني قد يبذل هذا التائب جهده في عصر دماغه ، ويستفرغ وسعه في ذلك محاولا استخراج ما فيه من لقطات المعصية ولكن تأتيه لحظه الموت وهو لا يزال لم يتذكر بعض لقطات المعصية ، إذا كان صادقاً في توبته ومستفرغاً وسعه في تذكره ، فالله تعالى يتجاوز عن جميع تلك اللقطات التي بقيت في دماغه ، يتجاوز عنها جميعها ويغفرها ولا يؤاخذه عليها ، لأنه كان صادقاً في توبته ، مستفرغاً وسعه في تذكره .

يتبع….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *