الدرس الخامس عشر

بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي .رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

(إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ) [سورة الصافات : 6]

لاحظوا معي هل زينة السماء بزينة الكواكب تكون ليلا في الظلمات أم نهارا في النور؟

كلما كنت في الظلمات فالزينة ستبدو لك أكثر وستتعرض للغواية أكثر.

وكلما كنت في النور اختفت الزينة فنور النهار يطغى على نور الزينة.

وعالم الشهادة يقرب لنا عالم الغيب.
كلما ذكرت الله أكثر رزقك النور الغيبي فأبصرت ورأيت الدنيا على حقيقتها ولم تغرك.

وكلما نسيت الذكر دخلت في الظلمات فزين لك الشيطان الدنيا و أعمالك السيئة.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا) [سورة اﻷحزاب : 41]

(وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) [سورة اﻷحزاب : 42]

(هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) [سورة اﻷحزاب : 43]

تذكر الله يخرجك من الظلمات إلى النور بإذنه

فتزول عنك الغشاوة عن حقيقة الدنيا.

لماذا عند المصائب تزول الغشاوة من أعيننا عن الحياة الدنيا؟
لأن الإنسان في الضر يتحول إلى الذكر الكثير .

(وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَسَّهُ ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة يونس : 12]

لجنبه أو قاعدا أو قائما
يصبح من الذاكرين الله كثيرا

من أولي الألباب!!
يتعلق قلبه بربه ليخرجه من كربته.
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [سورة آل عمران : 191]

هذه صفة أولي الألباب.
الغافل في الضر يصبح
تماما كأولي الألباب يذكر الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم.
الفرق هو أن الألباب يستمرون بالذكر الكثير في السراء والضراء لذلك الدنيا بحقيقتها واضحة لهم فلا تغرهم.
بينما الغافل بعد كشف الضر يعود للغفلة يترك الذكر الكثير فترجع الدنيا مزينة له وتغره غرورا.
تخيل أن تعيش وتتعامل مع الدنيا بنفس النظرة التي رأيتها فيها وقت المصيبة.
(وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ (((مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَسَّهُ ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ))) [سورة يونس : 12]

بعد الضر مباشرة ” مر” كأن لم يدعنا إلى ضر مسه
إذن من وسائل التنبه للحياة الدنيا وتجنب الإغترار بها هو
الذكر الكثير قياما وقعودا وعلى جنوبنا

وهذا يبعد عنا تزيين الشياطين للدنيا لنا
الذكر الكثير حفظ من الله العزيز الحميد يجعلك من عباده الصالحين المخلصين والشيطان لا سلطان له عليهم.
(قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) [سورة الحجر : 39]

(إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [سورة الحجر : 40]

(قَالَ هَٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ) [سورة الحجر : 41]

(إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) [سورة الحجر : 42]

“إلا من اتبعك من الغاوين”
تخيل أن تتبع عدوك وأنت لا تشعر.
هل جربت طعنة في الظهر ممن حسبته صديق؟
كذلك من يتبع الشيطان ويظنه ناصح أمين يخذله يوم الدين.
(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ۖ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [سورة إبراهيم : 22]

فمن ترك الذكر اتبعه ولا سبيل له وتعرض لتلك الطعنة.
لذلك من أهم استراتيجياته ليدفعك لاتباعه هو أن ينسيك الذكر.
(اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [سورة المجادلة : 19]
تنسى ذكر الله تحصل على عضوية مجانية في حزبه .
والأعضاء في هذا الحزب يتلقون دعوة
ليس إلى وليمة
ولا إلى فرح
ولكن….
(إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [سورة فاطر : 6]

يدعو الحزب بأكمله ليكونوا أصحاب السعير وأهلها وساكنيها

والأكثرية يقبلون الدعوة صما وعميانا ويذهبون طائعين.
أليس غريبا؟!!!!
قمة الخيانة والطعن في الظهر
لذلك علينا أن نحذر من هذا العدو لنتخلص من سيطرته على عقولنا .
بالذكر الكثير هو سلاحنا لطرده
(وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا) [سورة اﻹسراء : 45]
(وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ ((وَلَّوْا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا))) [سورة اﻹسراء : 46]

تبعد الشيطان ..تدرك حقيقة الدنيا…تزهد فيها .. ترجو الله واليوم اﻵخر…تعمل لها …تفوز برضا الله و بالجنات.

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.