الدرس العشرون

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.

نتدارس اليوم كيفية التعامل مع الآيات التي تصف أصنافا من البشر.

مثلا آيات تصف:
المؤمنون
المتقون
عباد الرحمن
الصالحون
المحسنون
المشركون
المنافقون
الكافرون
الغافلون
أهل الجنة
أهل النار

آيات كثيرة في كتاب الله تعطينا وصفا دقيقا لكل صنف وأعراض تظهر في كل صنف وأعمال يقومون بها بطبيعة حالهم دون تكلف.

فمثلا لو جئنا لوصف عباد الرحمن في سورة الفرقان نجد الآيات تصفهم بصفات لا يمكن لأحد غيرهم الإتصاف بها لأنها تظهر عليهم تلقائيا دون تكلف منهم أو تظاهر بل هي صفات تطبعوا بها.

مثلا هذه الصفات :

(وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)
[سورة الفرقان 63]

لا يمكن لغيرهم الإتصاف بها إلا تكلفا ولا يستمر فيها فهي صعبة على أنفسهم.

في حين أنها صفة في عباد الرحمن بلا تكلف.

كأن تقول فلان كريم . هذه صفة فيه وطبع جُبِل عليه ولا يتصنعه بينما لو حاول البخيل أن يتصف بصفة الكرم فهذا صعب على نفسه ويتكلفه ولا يتمكن من المداومة عليه.

هل يعني هذا أنه يستحيل؟
لا ولكن المقصود أنها صفات ترتبط بالقلوب.
فالقلوب المعظمة لربها والسليمة والذاكرة له ذكرا كثيرا والمنيرة بنور الآيات تلقائيا يحبب الله لها الإيمان ويزينه في قلوبهم ويكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان.

(وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ۚ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ)
[سورة الحجرات 7]

لأن المانع أو المحفز هو في النفس فإذا كانت النفس محبة لهذه الصفة فسيكون سهلا عليها و صفة لها. في حين أنها لو كانت كارهة لهذه الصفة فسيكون عسيرا عليها الإتصاف بتلك الصفات.

والصدر إما أن يشرحه الله لتلك الصفات أو يضيقه بحسب اهتمام الشخص بسلامة قلبه وشحنه بالذكر.

(فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ ((يَشْرَحْ صَدْرَه))ُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ ((صَدْرَهُ ضَيِّقًا)) حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ)
[سورة اﻷنعام 125]

والله لا يظلم أحدا.

إذن كيف أتعامل مع هذا النوع من الآيات؟

سيكون من منطلق قوله تعالى

(لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)
[سورة اﻷنبياء 10]

روي أن الأحنف بن قيس كان جالساً يوما، فجال في خاطره قوله تعالى :

(لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم)، فقال : عليَّ بالمصحف، لألتمس ذكري، حتي أعلم من أنا ومن أشبه؟..

فمر بقوم :
(كانوا قليلاُ من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون * وفي أموالهم حقٌ للسائل والمحروم).

ومرَّ بقومٍ :
(ينفقون في السرَّاء والضرَّاء)
(والكاظمين الغيظ)
(والعافين عن
الناس)

ومرَّ بقوم :
(يؤثرون على أنفسهم ولو
كان بهم خصاصة ومن يوق شُحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون)

ومرَّ بقوم :
(يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون).
فقال تواضعاُ منه : اللهم، لست أعرف نفسي في هؤلاء.

ثم أخذ يقرأ، ومر بقوم :
(إذا قيل لهم لا إله إلا الله
يستكبرون)
ومرَّ بقوم يقال لهم :
(ما سلككم في سقر)؟..
(قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين).
فقال : اللهم، إني
أبرأ إليك من هؤلاء.

حتى وقع على قوله تعالى :
(وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم).
فقال : اللهم، أنا من
هؤلاء.

فأين أنا وأنت من وصف القرآن؟

إذن تعاملنا مع الآيات التي تصف اصناف البشر هو أن أعرض نفسي على الآيات هل تصفني وتصف أعمالي ومشاعري أو لا تصفني؟
هل تنطبق علي صفاتهم أو لا تنطبق؟

مثال:

قال تعالى:

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ )

أولا : نستخرج الذكر والتسبيح.

الله: لفظ الجلالة
آياته: الهاء ضمير عائد عليه سبحانه
ربهم: هو ربي و رب العالمين
رزقناهم: فعل الله وحده
ربهم: هو ربي و رب العالمين

ثانيا: قراءة الآية قراءة ذكر وتسبيح.

ثالثا: التفاعل مع الآية واسقاطها على نفسي.

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)

(إنما ) أداة حصر
(إنما المؤمنون) إذن هي تحصر المؤمنون في صفات إذا انعدمت فهذا معناه أننا لم نصل للإيمان الحق ولكننا أسلمنا.

(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
[سورة الحجرات 14]

(إنما المؤمنون) ما بهم يا رب؟ ما هي صفاتهم؟

الصفة الأولى والأهم:

(الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم)

قلوبهم تخشى الله وتتقيه وتعظمه لدرجة أنهم بمجرد ذكر اسم الله تخشع قلوبهم وتوجل وتخشاه.

وهذه أهم ميزة للمؤمن.
حيث أنه وإن أخطأ أو زل فإنه إذا ذُكِّر استغفر مباشرة لما في قلبه من تعظيم وتقوى وخوف منه سبحانه وتعالى.

(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ((ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِم))ْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)
[سورة آل عمران 135]

فكيف هو حال قلبي إذا ذُكِر الله؟
هل يوجل أم أنه لا يتأثر؟

كيف هو حال قلبي؟ هل يعظم الله حقا لدرجة الخوف من معصيته؟ أم أن تعظيمي له قولا باللسان ولم يصل للقلب وتكشفه جوارحي؟

هل إذا ذُكِّرتُ بالله اتقيه واستغفره وأتوب أم أستمر بالمعصية وأبرر لنفسي وقوعي فيها؟

ما هي الصفة الثانية؟

(وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا)

المؤمنون حقا كلما تليت عليهم الآيات استمعوا وأنصتوا فنالوا رحمة الله بعكس من يستمعون لها وقلوبهم لاهية.

المؤمنون كلما تليت عليهم الآيات تزيدهم إيمانا فهي منبع للإيمان بالله.
بعكس من يطلبون المعجزات ليؤمنوا وإذا حصلت لا تزيدهم إيمانا.

(فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون)

المؤمن يتوصل لمعرفة الله من خلال آياته القرآنية والتي يراها تطبيقا عمليا في الكون وفي أنفسهم وفي الأحداث والمواقف ومجريات الأمور وفي مشاعرهم وتصرفاتهم وصفاتهم فيزدادون إيمانا بالله منزل هذه الآيات.

فهل عندما تتلى علي آيات الله أُنصت لها؟ هل تزيدني إيمانا أم أنها لا تؤثر بي ولا تحرك مشاعري؟
هل تجعلني أؤمن أكثر بربي وتزيدني يقينا به أم لا؟
هل بحثت عن الله من خلالها أم قرأتها وأنا لا أعي ما أقرأه؟

والصفة الثالثة:
(وعلى ربهم يتوكلون)

المؤمن يعمل بالأسباب ثم يتوكل على الله، ويعتبر السبب لا شيء ولا تتحقق له أمنياته إلا باذن الله ويضع كل اعتماده على الله عز وجل. فإذا تحقق مراده لم يرجع الفضل للأسباب التي اتخذها ولكن إلى الله وحده.

رابعا: اتساءل هل الصفات تنطبق علي أم لا.

كيف أنا مع التوكل على الله؟
هل اتبع الأسباب المشروعة والمرضية لربي أم اتبع أسبابا تغضب ربي؟
هل اعتمد عليها وكأنها لها دور في حصول مرادي أم اعتمادي على الله وحده؟

هل أنا متواكل فلا اتخذ الأسباب وانتظر مرادي يتحقق دون سعي مني أم أنني متوكل؟

هل الصفات الثلاثة تنطبق علي؟ أم أنني لم أصل بعد للإيمان الحق ؟

خامسا: الدعاء.

الآن حان دوركم في التطبيق..

تمرين:

استخرج الآتي:

  • آية تصف المتقين
  • آية تصف المنافقين
  • آية تصف الكافرين

ضعها في رسالة واحدة وارسلها في تعليقات هذا الدرس.

أنتظر مشاركاتكم..

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *