تدبر سورة المائدة الآية ٥٤

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)

يقول تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) الارتداد هو الرجوع الى الخلف، والمعنى من يرجع مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ وهو دين الاسلام، الى الكفر والضلال.
(فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) يعنى من يرتد عن الاسلام الى الكفر، فان ذلك لَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا، بل سوف يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ مؤمنين آخرين، كما قال تعالى في سورة محمد (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم)
ثم وصفهم الله تعالى بستة صفات، فقال في الصفة الأولى والثانية (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) أي يُحِبُّهُمْ الله وَيُحِبُّونَ الله.

ثم قال تعالى في الصفة الثالثة والرابعة (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ)

(أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) وليس المقصود بأَذِلَّةٍ أنهم مهانون، ولكن المراد هو المبالغة في وصفهم بالتواضع والرفق واللين والرحمة، في تعاملهم مع المؤمنين.
ومن دقة الأداء القرآني، أن الله تعالى قال (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) وحرف (عَلَى) يستدعي الارتفاع والعلو، للإشارة الى أنهم يؤدون ذلك مع الْمُؤْمِنِينَ من باب الفضل لا من باب الضعف والهوان.

(أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) يعنى أَشِدَّاءَ غُلَظَاءَ مع الكافرين.‏
كانت العرب تقول “أرض عزاز” يعنى أرض صلبة قوية، يقول تعالى (وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ) يعنى غلبنى في الكلام.
وهذا مثل قول الله تعالى (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ )

يقول تعالى (يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ إعلاء دين الله.
(وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ) يعنى وهم في حال جهادهم أعداء الله، لَا يَخَافُونَ من يومهم على ذلك الجهاد، وبصرف النظر عن من هو هذا اللائم، وهذا يدل على صلابة دينهم.

(ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ)
يعنى أن يحبهم الله ويحبونه، وهذه الصفات الطيبة الكريمة التي ذكرها الله تعالى في وصف هؤلاء المؤمنين، مِنْ أَنَّهُمْ أَذِلَّةٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، أَعِزَّةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ، يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، كل هذا من فضل الله تعالى واحسانه الذي يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ من عباده.
(وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) والله تعالى وَاسِعٌ في كل شيء، فهو تعالى وَاسِعٌ في عطائه، وَاسِعٌ في قدرته، وَاسِعُ في مغفرته، وَاسِعُ في علمه.
وهو تعالى عَلِيمٌ، يعنى ذو علم فيمن يستحق هذا العطاء، فلا يبذله الا لمن يستحقه.

سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
منقول من موقع وائل فوزي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *