بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
قدم الله لنا نموذجا رائعا للدعوة إلى عبادته وهو المنهج المتبع عند الأنبياء ونراه أيضا في بعض السور القرآنية.
فهو في سورة الواقعة بدأ بهدايتنا وتبصيرنا بأن نحذر عذاب الآخرة وبين لنا المصائر فهدانا هداية تبيان لنختار المصير وعلى أساسه نعمل.
(إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)
[سورة اﻹنسان 3]
فأما من اختار أن يكون رزقه في الآخرة العذاب فإنه سيسلك مسلك التكذيب والجحود والكفر.
(أَفَبِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ * وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)
[سورة الواقعة 81 – 82]
أنت حر في اختيار طريقك في الدنيا ولكنك لست حرا في عواقب نهاية ذلك الطريق.
أنت حر أن تختار عبور الشارع والإشارة حمراء ولكنك لست حرا أن تنجو من حادث شبه مؤكد.
أنت حر في اختيار الإجابات في الإختبار الذي دخلته دون مذاكرة ولكنك لست حرا في النتيجة.
لذلك عندما ينتهي الإختبار الدنيوي ويحين الوقت لمعرفة النتيجة فأنت لست حرا في اختيارها أو في طلب اعادة الإختبار.
(فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَٰكِنْ لَا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)
[سورة الواقعة 83 – 87]
حينها يتمنى الكافر والكذب لو يرجع ولو قليلا ليكفر عن ذنبه ويعمل صالحا.
(حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ)
[سورة المؤمنون 99 – 100]
يتمنى لو يعود ليتصدق على الأقل لعل صدقته تطفئ غضب الله عليه.
(وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ)
[سورة المنافقون 10]
ولكن هيهات..
أنت حر في عدم الإستعداد للإختبارات ولكن لست حرا في تأجيلها أو إعادتها.
حر في تسويف التوبة ولكنك لست حرا في تمديد حياتك أو العودة إليها.
فإذا كنت غير قادر على إرجاع روحك فماذا تنتظر لتستعد؟
(فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)
[سورة الواقعة 86 – 87]
فإذا جاء وقت استلام النتائج النهائية فلا تنسى ما علمك الله إياه عن الفرق الثلاثة وتأكد أنك في إحداها لا محالة.
فإن اقتنعت أنك لا تريد أقل من مصير السابقون فاعلم أن نهايتهم روح وريحان وجنة ونعيم.
(فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ)
[سورة الواقعة 88 – 89]
وأما إن تكاسلت وأردت أن تكون في أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين. لاحظوا الفرق في الرد بين الفريقين.
(وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ)
[سورة الواقعة 90 – 91]
وأما إن اخترت التكذيب والضلالة وترك العمل وتسويف التوبة والكفر والجحود فنزل من حميم وتصلية جحيم.
(وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ)
[سورة الواقعة 92 – 94]
وهكذا هو حالك إما فرارا من نزل من حميم وإما مسارعة لتكون من المقربين ولا نعلم يوم نقبض في أي حال نكون.
وختم الله عز وجل بنقطتين مهمتين تختصران طريق النجاة.
(إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ)
[سورة الواقعة 95 – 96]
لن تنجو إلا إن تخلصت من الريب وتيقنت أنه الحق من ربك وأخذت الموضوع محمل الجد ولن تصل لليقين دون تسبيح يؤدي بك لتعظيم الله ربك.
(إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ)
[سورة الواقعة 95 – 96]
كانت هذه هي نهاية دورتنا نسأل الله العظيم أن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علما.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
1 فكرة عن “الدرس السادس عشر”
بسم الله