بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
تحدثنا في الدرس السابق عن أهمية الوصول لليقين في موضوع البعث وكيف أن موضوع التفكر في خلق الإنسان خير معين على الوصول لليقين.
اليوم نتحدث عن التفكر في النباتات وكيف أنها أيضا خير معين في تبديد أي شك باليوم الآخر وقد استخدم الله سبحانه وتعالى هذا الربط الجميل بين النبات وبين البعث والنشور في عدة آيات منها:
(وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا ۚ كَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ)
[سورة الزخرف 11]
(يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ)
[سورة الروم 19]
(وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا)
[سورة نوح 17 – 18]
فلو تفكرنا في النبات لرأينا عجبا..
بذرة ميتة من شجرة حية تدفن في التراب ثم بغير حول منها ولا قوة إلا بالله وبعد أن ينزل الله عليها ما يتكون منه كل حي وهو الماء يشق الله الأرض فيخرج منها نباتا حيا هو أشبه ما يكون بسابقتها. نفس اللون ونفس الرائحة ونفس الزهور ونفس الثمار ونفس الأوراق وكأنه إعادة إحياء لها فسبحان الله العظيم.
وكذلك بالضبط يكون البعث والنشور حيث يموت الإنسان ويدفن ويتحلل وتبقى بذرته (عجب الذنب) ثم يوم البعث ينزل الله الماء الذي يحيي به كل شيء على الأرض فيشق الله الأرض وينبت الإنسان في خلق جديد بنفس الشكل وهو ربنا القادر على أن يسوي بنانه.
تأملوا الآيات التالية واربطوها بموضوعنا هذا..
(وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا ۚ كَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ)
[سورة الزخرف 11]
(.. وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)
[سورة اﻷنبياء 30]
(يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ)
[سورة الروم 19]
(يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ۚ ذَٰلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ)
[سورة ق 44]
(أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ)
[سورة القيامة 3 – 4]
لذلك إخوتي حين تحدث الله عز وجل عن الشك والريب في سورة الواقعة وجهنا بعدها مباشرة للتفكر في موضوع خلق الإنسان ثم مباشرة موضوع التفكر في النباتات.
تأملوا معي..
(أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ)
[سورة الواقعة 63 – 64]
يسألنا ربنا أفرأيتم ما تحرثون؟
لينبهنا لحقيقة لطالما غفلنا عنها وهي أننا حراثا فقط للنبات.
كل ما علينا فعله هو الحراثة فقط وليس لنا أي دور في انبات النبات أو بالأصح نحن لسنا زراعا.
(أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ)
[سورة الواقعة 64]
تماما كقضية خلق الإنسان قد ينسى الإنسان أو يتغافل عن حقيقة كونه حارثا فقط لزوجه ومسألة نشأة الجنين هي بيد الله وحده.
لذلك قد يذكرنا الله وينبهنا بالعقم سواء في الإنسان أو في الأرض. قد يحرث باستمرار ولا ينتج شيئا وقد تكون الأرض خصبة والرحم لا عيب فيه ولكن لا انتاجية!
يريد الله أن يذكرنا بحقيقة أنه هو الخالق ولو عملنا بالأسباب ولو توفرت الأسباب المناسبة للإنتاجية ولكن تبقى إرادته فوق كل شيء.
فسبحان الله العظيم..
(لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ)
[سورة الواقعة 65 – 67]
وقد يوقف نمو الجنين أو يسقطه أو ينقص من خلقته ليذكرنا أن الأمر بيده وليس بأيدينا.
وقد يسقي الحراث نباتهم ويزرعه الله ولا تتغير الأرض ولا الماء ولا الحرارة ولكن يختار الله أن يهلك الزرع بغير سبب ويحتار ذلك الحارث ولا يفهم السبب ولكن الله يذكرنا أنه على كل شيء قدير.
(لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ)
[سورة الواقعة 65 – 67]
عندما يصيبنا الغرور ونظن أننا الزراع يذكرنا الله بأن يجعله حطاما عندها تصيبنا الدهشة والتساؤل هل عاقبنا الله أم حرمنا؟
سبحان الله لا نتذكر أن الله بيده كل شيء إلا عندما يأخذه ويمنعه عنا.
نكمل في الدرس القادم إن شاء الله فتابعونا.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.