الدرس السادس عشر

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.

كنزنا اليوم كنز غال جدا فهو كنز لا يفنى ويستمر ملكه للآخرة وهو كنز (الرضا).

ولكن كيف نصل للرضا الحقيقي النابع من القلب؟
أول طريقة للحصول على الرضا هو أن تكون نفسي مطمئنة.

(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ ((الْمُطْمَئِنَّةُ)) * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ ((رَاضِيَةً)) مَرْضِيَّةً)
[سورة الفجر 27 – 28]

وللوصول للطمأنينة علينا بالذكر الكثير في القرآن الكريم.

(الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)
[سورة الرعد 28]

إذن هي معادلة بسيطة:
ذكر كثير لله= طمأنينة= رضى

فعلينا أن نكثر من ذكر الله تعالى لنكسب هذا الكنز العظيم.

الطريقة الثانية للوصول للرضا هي التسبيح بالحمد في الأوقات التالية:

(فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ ((لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ))
[سورة طه 130]

فهي وصفة ربانية وقد سعد ورضي كل من قام بها.
ولكن…
كيف يكون هذا التسبيح بالحمد مثمرا؟

بأن يكون حقيقيا ونابعا من القلب بحيث أنزه الله تعالى عن الشريك في كل أمر وكل نعمة وأنزهه عن الخطأ فيها وعن النقص والعيب وأن أوجه الحمد له وحده لا شريك له.

مثال:
سبحان الله وبحمده- الذي أنعم علي بالوظيفة وحده لا شريك له وهو أعلم بما يناسبني ورزقني رزقا حسنا منه فله الحمد وحده وله الشكر.
وهكذا مع كل تسبيحة بالحمد أفكر في نعم الله علي وأشعر بالإمتنان وأحمده في قلبي..
هذا مثال وكل شخص له طريقته في تسبيح ربه بالحمد تسبيحا حقيقيا نابعا من القلب.

الطريقة الثالثة للوصول للرضا هو أن يكون همي الآخرة وأن أجعلها بقلبي خيرا من الأولى.

(وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَىٰ * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ)
[سورة الضحى 4 – 5]

فقد روى الإمام أحمد عن زيد بن ثابت أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ كَانَ هَمُّهُ الْآخِرَةَ، جَمَعَ اللهُ شَمْلَهُ، ((وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ))، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا، فَرَّقَ اللهُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ)

فكل ما سيصيبك في الدنيا لن يحزنك ولن تلقي له بالا لأنك غير متعلق بها وبما فيها وعينيك لا تنظران إلا للمستقبل وهو الآخرة ولا تنظران للوراء.
سيكون همك الفوز بالآخرة. ولن يسخطك رفع أسعار النفط ولا نقص بعض الخضروات ولا هبوط بورصة ولا خسارة تجارة وووو….إلخ.

فكل ذلك في يديك وليس في قلبك وما يفقد في الدنيا يمكن تعويضه ولكن فقدان الآخرة هو الذي لا يمكن تعويضه أبدا.

الطريقة الرابعة للوصول للرضا هو التقوى والإنفاق ابتغاء وجه الله تعالى وحده.

(وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * ((الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ)) * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَىٰ * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَىٰ * ((وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ))
[سورة الليل 17 – 21]

هنا نجد لام التوكيد في كلمة (ولسوف) للتأكيد بأن كل من كانت عادته الإنفاق لوجه الله تعالى لا يريد من الناس مدحا ولا مصلحة ولا جزاء ولا شكورا فقلبه سيرضى وعدا من الله.

سيرضى ويقنع بما رزقه الله ولن يكون ساخطا أبدا.

كنزنا لليوم كنز ثمين جدا لأنك إن سعيت للحصول عليه وكسبته وأصبحت راضيا فإن الله يرضى عنك وما الذي يريده ويتمناه المؤمن أكثر من رضى الله تعالى؟؟

(جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ((ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ))
[سورة البينة 8]

فكل الطرق للوصول للرضا لا يسلكها إلا من خشي ربه فكان جزاءه الرضى من الله عز وجل.

فإن كنت تطمع للتمتع في دنياك بكنز الرضا المريح للقلب ورضى رب العالمين المنجي من العذاب فاتبع سببا وتابع الدرس القادم…

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *