بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
كنز اليوم هو كنز دفع البعض المليارات للحصول عليه ولم يجده إلا وهميا وأذل الكثير جدا أنفسهم ليحصلوا عليه ولم يجدوه إلا وهميا ألا وهو كنز العزة!!
كنز العزة الحقيقية نجدها من رب العزة وحده سبحانه.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ ((رَبِّ الْعِزَّةِ)) عَمَّا يَصِفُونَ)
[سورة الصافات 180]
فهو مالكها الحقيقي والحصري.
(وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ ۘ ((إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)) ۚ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
[سورة يونس 65]
فإن هنا حرف توكيد وذكر العزة بأل التعريف ثم جاءت كلمة جميعا لتؤكد أنه لا عزة حقيقية إلا مع الله وحده لا شريك له.
والله عز وجل لا يؤتيها إلا لرسوله وللمؤمنين المتبعين له. ولكن المنافقون لا يعلمون.
(..وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ ((وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ))
[سورة المنافقون 8]
فيجري المنافق خلف الكافرين والمنافقين أمثاله ممن يظهر له ثراؤهم وسلطتهم وشهرتهم فيبتغي منهم العزة ولا يجدها إلا وهمية لأن العزة كلها جميعا بيد الله وحده.
(الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)
[سورة النساء 139]
هي حقيقة قرآنية ساطعة لا ينكرها إلا جاهل بها أو منافق. فمن يريد حقا العزة فليتوجه إلى الله وحده لا شريك له طالبا إياه منه وحده مؤمنا به عاملا للصالحات.
(مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ۚ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ وَمَكْرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ)
[سورة فاطر 10]
لو تأملنا في قصص القرآن الكريم لوجدنا مثالا حيا لذلك في سحرة فرعون.
بعد أن كانوا يطلبون بسحرهم العزة والقرب من فرعون الذي بدا لهم أنه السلطة العليا وأنه القوة العظمى وأنه الرب الأعلى وأنه له أتباع كثر فطلبوا منه القرب.
(فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)
[سورة الشعراء 41 – 42]
فرموا حبالهم وعصيهم بعزة فرعون الوهمية.
(فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ * فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ)
[سورة الشعراء 44 – 46]
عندها فقط تبينت لهم الحقيقة عندما انقلب السحر على الساحر وعلموا أن العزة لله جميعا فقالوا لفرعون عندما هددهم بقطع المساعدات وبالحرب عليهم وقتلهم وتعذيبهم.
(قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ۚ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُوا لَا ضَيْرَ ۖ إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ)
[سورة الشعراء 49 – 51]
فالعزة لا تطلب إلا من رب العزة فإذا طُلِبت من دونه من أولياء يبدو لنا بجهلنا أنهم أعزاء فلن نجد منهم إلا الشقاق والنفاق.
(بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ)
[سورة ص 2]
وإذا تم نصحه كما نصح موسى عليه السلام فرعون تأخذهم العزة الوهمية بالإثم فيعرضون ويزدادون إثما!!
(وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * (((وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ))) ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ)
[سورة البقرة 205 – 206]
إذن ما الحل وكيف نتصرف مع الذين يفرحون بعزتهم الوهمية فيؤذون المؤمنون بشقاقهم؟؟
أولا: لا تحزن من كلامهم.
(وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ ۘ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ۚ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
[سورة يونس 65]
ثانيا: إلتزم بالكلم الطيب والرد بالحسنى واشغل نفسك بالأعمال الصالحة. واترك المكر لهم فإنه يبور.
(مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ۚ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ وَمَكْرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ)
[سورة فاطر 10]
ثالثا: الصبر فإن الله قادر على تغيير موازين القوة في ثواني كما رفع بني اسرائيل وأغرق فرعون. وكما خسر الأحزاب بريح اقتلعت خيامهم وشتت ركوبهم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ((أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ)) يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)
[سورة المائدة 54]
رابعا: كن مع الله وقوي إيمانك به وأكثر من الصالحات فالعزة بيده ويؤتيها من يشاء وقد وعد أنها للمؤمنين فكن أنت من المؤمنين.
(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
[سورة آل عمران 26]
تحضرني قصة أحد الوزراء وكان اسم عائلته من مشتقات كلمة العزة سبحان الله وكان يظن أنه في عزة فأراد أن يذل إحدى الموظفات ويؤذيها في دينها فطبقت تلك الخطوات فأعزها الله وأذله وفقد منصبه وبقيت هي عزيزة نفس.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
[سورة الصافات 180 – 182]
فإن كنت تريد كنز العزة فكن مع الله ولا تطلبها إلا من الله وحده. وتابع الدرس القادم…
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.