بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
كنز اليوم لا يشترى بالمال ولا يعرض في المحلات. تاجر به الكهان وتاجر به الاخصائيون ومكاتب الاستشارات الأسرية والزوجية والعيادات النفسية وكسبوا من وراءها المليارات التي لم تعد بهم بنتيجة وربما بنتيجة مؤقتة بوقت قصير. ألا وهو السعادة والسكينة والراحة النفسية بلا نكد ولا مشاكل ولا منغصات.
وهل تكلم القرآن عن هذا أيضا؟!!
نعم فأخبرنا أن المودة والرحمة بين الزوجين والتي تستقر في قلبيهما هي آية من الله عز وجل دالة على وجوده.
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ((وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)) ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
[سورة الروم 21]
فكيف تكون المودة والرحمة دالة على وجوده؟ أننا إذا اتبعنا أمره وكسونا العلاقة الزوجية بالقرآن وتبادل الذكر بينهما عاشا في سعادة دائمة ما دامت الآيات بينهما. وبمجرد الدخول في الغفلة وهجر الآيات تبدأ المناوشات وتجرح القلوب وتبلل الوسائد بالدموع وقد تكسر القوارير الرقيقة!!!
وهذا واقع ويحدث دايما.
وهل هذا خاص بالعلاقة الزوجية فقط؟؟؟
لا فهذا يخص كل علاقة بين طرفين
المدرس مع تلاميذه
الوالدين مع أبنائهم
الجار مع جيرانه
المدير مع موظفيه
الزملاء مع بعضهم
الإخوة مع بعضهم
الأقارب مع بعضهم
الحاكم مع شعبه
الدولة مع جيرانها…إلخ
ما الدليل؟!!
(وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)
[سورة المائدة 14]
هم نقضوا الميثاق مع الله (لم يتبعوا آياته) ونسوا ذكره فكانت النتيجة أن عاقبهم الله بتركهم للشيطان الذي أطاعوا وسوسته والذي يفتعل بينهم العداوة والبغضاء!!
(إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)
[سورة المائدة 91]
إذن من وسائل الشيطان في نشر العداوة والبغضاء هو أنه يصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة بالإضافة للخمر والميسر.
ونجد أن الشيطان يكون له تأثير أكبر على من لا يذكر الله ذكرا كثيرا فالله عز وجل يقيض على الغافلين شيطانا يكون قرينا لهم يوسوس لهم طوال الوقت إلى أن يؤثر فيهم بوسوسته.
(وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ)
[سورة الزخرف 36 – 37]
فإذا كان قرينه الشيطان فسينفذ فيه مخططه بنشر العداوة والبغضاء.
وكما أن المودة والرحمة آية من آيات الله فالعداوة والبغضاء آية أيضا من آيات الله.
(قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ ((يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)) ۗ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ((الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ))
[سورة اﻷنعام 65]
فمن يبتعد عن كتاب ربه تجده دوما في خلافات مع من حوله، لا يتفاهم معهم وإذا تفاهم فلمدة قصيرة والقلوب بها ما بها من البغض الخفي.
فأين السعادة والطمأنينة؟؟
(الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ ((أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ))
[سورة الرعد 28]
وأين الشقاء والضنك؟؟
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ)
[سورة طه 124]
فالقرب من كتاب الله واتباعه ينفي الشقاء والحزن والخوف وهذه هي السعادة الحقيقية.
(قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي ((هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ))
[سورة طه 123]
(قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ ((تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ))
[سورة البقرة 38]
فمع كتاب الله لن تحتاج لطبيب نفسي يعالج الحزن والإكتئاب.
لن تحتاج لاستشاري علاقات أسرية ليحل لك العداوة والبغضاء بينك وبين من حولك ولن تشتري منه مودة ورحمة زائفة. ولن يحتاج المدراء لأخصائيي موارد بشرية لحل الخصام.
ولن تحتاج الدول لخبراء أمنيين ومستشارين ومحاكم دولية ومجالس أمن ومنظمات ومؤتمرات وقمم لحل الخلافات بينهم لأنه لن يذيقهم الله بأس بعض وهم يتبعون هداه.
فإن كنت قد مللت حقا من الكآبة والحزن ومن المشاكل والخلافات وتريد السعادة والسكينة والراحة والمودة والتراحم في كل علاقاتك الإنسانية فعليك بالتمسك بهدى الله ذكرا وتدبرا وعملا بما فيه.
وتابع الدرس القادم…
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.