من نعيم الجنة غياب اللغو

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم.

﴿ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلَاماً ﴾

سلامةُ ألسنة وقلوب ساكني الجنة لسلامة الدار والجار :

 لا يوجد لغو ، اللغو مُزعج ، أن تستمع إلى كلامٍ باطل ، أن تستمع إلى كلامٍ كاذب ، كلامٍ فيه دَجَل ، كلامٍ ليس واقعياً ، هذا لغو ، كل كلامٍ ليس حقيقياً ليس واقعياً ليس حقاً إنما هو لغوٌ .

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾

( سورة المؤمنون : 1-3)

 الجنةُ ليس فيها لغو ، أما في الدنيا فقد تضطر إلى أن تجلس مع أُناس يتحدثون كلاماً باطلاً ، كلاماً منحطاً ، كلاماً سخيفاً ، كلاماً لا جدوى منه ، قد ينهشون أعراض بعضهم بعضاً ، قد يتفاخرون بشيءٍ سخيف تافهٍ ، هذا كله لغو ، لكنك في الجنة لم يجمعك الله في الجنة إلا مع الكُمَّل ، مع المؤمنين الصالحين ، مع الأنبياء ، والصادقين ، والشهداء ، والصالحين ، هؤلاء لا يتكلمون اللغو ، كلام لا فائدة منه ، كلام باطل ، كلام مُزخرف ، كلام فيه دجل ، كلام فيه تزوير ، كلام فيه مبالغة ، كلام فيه كذب ، كلام فيه تجاوز، كلام سخيف ، موضوعات تافهة ، لا ، لا ، هذا كله في الجنة غير موجود ، اطمئنوا .

﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلَاماً﴾

﴿ سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ﴾

( سورة يس : 58)

 رب العزة يسَلِّم عليهم .

﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ ﴾

( سورة الحجر : 46)

 والملائكة يسلمون عليهم .

﴿ إِلَّا سَلَاماً ﴾

 يعني تسليماً ، ويعني طمأنينةً ما بعدها قلق ، سلام ، قد أقول لإنسان : سلامٌ عليك ، أي لن ترى مني إلا الخير ، لن ترى مني إلا الأمن ، لن ترى مني إلا الخدمة ، سلامٌ عليك ، وهذا معنى السلام : السلام عليكم ، أي اطمئن أنا إنسان طيب خيِّر لن أصيبك بالأذى ، لن ينالك مني ضرر ..

﴿ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ﴾

 هذا معنى السلام ، إذاً :

﴿ إِلَّا سَلَاماً ﴾

اطمئنان أهل الجنة على وفرة الرزق :

 وليس في الجنة قلقٌ على الرزق ..

﴿ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً ﴾

 أحياناً يكون الإنسان ضَيْفاً على أُناس كرماء ، ففي الساعة السابعة تفضل على الأكل ، كله جاهز ، أَكَلَ وزَحَلَ ، غَسّل ، فجلس ، وكذلك عند الظهر تفضل على الأكل ، لا يهتم لشراء الطعام ، ولتأمين المال لشراء الطعام ، واختيار المواد الجيدة ، وكيف يُطبخ ، وكيف يقدَّم ، هذا كله سهل ميسور ، وتلك الهموم التي في الدنيا لن تكون في الجنة ، لن يكون قلق أبداً .

﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلَاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً * تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً﴾

 تنتفي هناك الوراثة ، فلا تسمع أنا ابن فلان ، أو هذه ورقة الطابو ، اسمح لي بالجنة .

﴿ مَنْ كَانَ تَقِيّاً ﴾

وراثة الجنة بحسب درجات الأعمال :

 الوراثة هنا بحسب العمل لا بحسب النسب .

﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً ﴾

 والتقوى مباحة لكل الناس ، مفتحةٌ أبوابها لكل الناس ، رحمة الله مبذولة ، رحمة الله واسعة ، موجبات الرحمة متوافرة ، هناك تكافؤٌ في الفُرَص ، أي عبدٍ قال : يا رب ، يقول الله : لبَّيك يا عبدي ، أي عبدٍ قال : يا رب قد تبت إليك ، يقول الله : وأنا قد قبلت ، يا رب أنا قد أذنبت ، يقول : وأنا قد عفوت .
 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :

(( يَا ابْنَ آدَمَ ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ، ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ))

( الترمذي)

﴿ قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾

( سورة الزمر : 53)

﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً ﴾

 جعلنا الله من أهلها ، هذه الدنيا قصيرة ، كم سنة ؟ كلها متاعب .. إن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء ، ومنزل ترحٍ لا منزل فرح ، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ، ولم يحزن لشقاء قد جعلها الله دار بلوى .. الدنيا دار تكليف ، والآخرة دار تشريف .. وجعل الآخرة دار عُقبى ، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبباً وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً ، فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي .

﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا﴾

 نعطيها لا بحسب النسب ، لا .. بل ..

﴿ مَنْ كَانَ تَقِيّاً ﴾

 لذلك ليس مَن يقطع طُرُقاً بطلاً إنما من يتَّق الله البطـــل
 هذه هي البطولة

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك
موسوعة النابلسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *