بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم اسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينغعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي . رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [سورة النور : 30]
” قل” من اﻵمر هنا؟
رب السموات والأرض وما بينهما.
ورسول الله عليه الصلاة والسلام بلغ الرسالة وأوصل القول.
” قل”
هل ربنا عز وجل عندما أمره بأن يقول هل كان ذلك أمرا منه يقتضي التنفيذ أم أنه على سبيل الإخبار فقط؟!
طبعا أمرا واجب التنفيذ
” قل للمؤمنين”
إذن هو أمر للمؤمنين لماذا ؟
ﻷن المؤمن هو الذي يستجيب ﻷمر ربه.
أما المنافق فلا يستجيب ﻷنه لا يجد في نفسه العزم على التنفيذ ليس لديه الدافع لذلك. ﻷنه لا يذكر هذا الأمر ينساه أو ينسى أنه أمر من العزيز الجبار الذي يملك بصره ويملك أن يذهب بصره في ثانية واحدة.!
” قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم..”
أصيب أحد الأشخاص وهو يتجول في احدى المراكز التجارية فجأة بالعمى تخيل كان يتجول بصيرا وفجأة أظلمت دنياه في ثانية واحدة.ذهب بصيرا وخرج أعمى ذهبوا به للمشفى وإذا الطبيب يقول له أنك اصبت بانفصال الشبكية!!!
وهو مرض مفاجيء لا مقدمات له في ثانية واحدة تصبح أعمى!! وإذا لم تجد طبيبا يجري لك العملية سريعا تفقد بصرك للأبد!
(إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [سورة يس : 82]
(فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [سورة يس : 83]
بيده بصرك. وهو مالك بصرك. هي نعمته وبيده أن يسترجعها في طرفة عين.
لو أننا نستشعر هذا الأمر لما عصيناه بنعمته التي أنعم بها علينا.
تخيل أنك والد وأنك أعطيت ابنك علبة ألوان ودفتر تلوين هبة منك له وأمرته أن لا يشخبط بها على جدران البيت ولكن فقط في دفتر التلوين. وبعد ساعة وجدت دفتر التلوين نظيفا والجدران كلها رسمات بكل الألوان.
ما هو شعورك نحوه؟
(قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۖ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ) [سورة الملك : 23]
ربنا أنعم علينا بنعمة البصر هبة من عنده وسخر لنا السموات والأرض والشمس والقمر والجبال وأمرنا أن نستخدم أبصارنا في النظر إليها لنتعرف عليه وعلى عظمته.
(قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ) [سورة يونس : 101]
ومنعنا من استخدامها فيما حرم الله.
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ…) [سورة النور : 30]
والحاصل أن الكثير من الناس فعلوا كالطفل صاحب الألوان.
بدلا من استخدام أبصارهم في التأمل صرفوا أبصارهم عنها وأعرضوا.
(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) [سورة يوسف : 105]
وبدلا من ذلك أطلقوا أبصارهم لما حرم الله من عورات النساء والرجال.
لم يشكروا الله على نعمة البصر.
فشكر النعمة هو استخدامها في طاعة الله وليس معصيته.
(…اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) [سورة سبأ : 13]
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [سورة النور : 30]
أمرنا بذلك لأنه أدعى لحفظ الفرج وأزكى لقلوبهم وأطهر .وقد أفلح من زكاها.
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) [سورة الشمس : 9]
بمعنى فاز لماذا لا نهتم بالفوز وكأن لسان حالنا يقول دعهم يفوزون وأنا اتركوني أخسر .
ولو سألت نفسي ما هو الفوز بماذا يفوزون؟
(وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [سورة التوبة : 72]
يا الله !
إذن من زكى نفسه يفوز بالجنة وكنت لا أهتم؟!
ورضيت بالخسارة؟!
وما هي الخسارة إذن؟!
(فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ ۗ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [سورة الزمر : 15]
يا الله!
كنت غافلا لم ادرك أني ان عصيتك أخسر نفسي واتعرض للعذاب العظيم!
(قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [سورة الزمر : 13]
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [سورة النور : 30]
غض البصر أزكى وأطهر للقلب
(..وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ..) [سورة اﻷحزاب : 53]
ﻷن النظرة تفقد القلب طهارته لا تجعله طاهرا والقرآن لا يتنزل في قلب غير طاهر.
فإذا أردت تدبر القرآن الذي هو هدى لك ورحمة فعليك أن تسعى لتطهيره بطاعة أمر الله واجتناب معصيته.
هل غض البصر للرجال دون النساء؟
(وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ..) [سورة النور : 31]
علينا أن لا نستهين بمعصية العظيم.
(قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [سورة اﻷنعام : 15]
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.