بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
{ أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تُتۡرَكُوا۟ وَلَمَّا یَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ جَـٰهَدُوا۟ مِنكُمۡ وَلَمۡ یَتَّخِذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَا رَسُولِهِۦ وَلَا ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَلِیجَةࣰۚ وَٱللَّهُ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ }
[سُورَةُ التَّوۡبَةِ: ١٦]
دخلنا إلى هذه الدنيا لتحقيق هدف واحد هو:
{ وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِیَعۡبُدُونِ }
[سُورَةُ الذَّارِيَاتِ: ٥٦]
ومن ضمن تحقيق هذا الهدف هو أن لا نحيد عنه رغم الابتلاءات ونثبت عند الفتن.
{ أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن یُتۡرَكُوۤا۟ أَن یَقُولُوۤا۟ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا یُفۡتَنُونَ (٢) وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَیَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ صَدَقُوا۟ وَلَیَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَـٰذِبِینَ (٣) }
[سُورَةُ العَنكَبُوتِ: ٢-٣]
الله يعلم صدقنا ويعلم كذبنا ولكننا قد لا نعلم عن أنفسنا هذا ولذلك يفتننا لنرى ما في داخلنا جليا ويتجلى ذلك في ردود أفعالنا.
وهذا كله تمحيص لنا..
{ وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَـٰهِدِینَ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِینَ وَنَبۡلُوَا۟ أَخۡبَارَكُمۡ }
[سُورَةُ مُحَمَّدٍ: ٣١]
وكله في إطار تحقيق الهدف الوحيد من دخولنا للدنيا وهي عبادة الله
فالرضا بما قدر الله عبادة
{ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ رَضُوا۟ مَاۤ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَقَالُوا۟ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ سَیُؤۡتِینَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَرَسُولُهُۥۤ إِنَّاۤ إِلَى ٱللَّهِ رَ ٰغِبُونَ }
[سُورَةُ التَّوۡبَةِ: ٥٩]
والسخط مذمة.
{ وَمِنۡهُم مَّن یَلۡمِزُكَ فِی ٱلصَّدَقَـٰتِ فَإِنۡ أُعۡطُوا۟ مِنۡهَا رَضُوا۟ وَإِن لَّمۡ یُعۡطَوۡا۟ مِنۡهَاۤ إِذَا هُمۡ یَسۡخَطُونَ }
[سُورَةُ التَّوۡبَةِ: ٥٨]
وقد يبتلى الإنسان لفترة طويلة بقدر إيمانه ليرى الله ويريه ما بقلبه.
فأيوب عليه السلام ابتلي بموت أبناءه وابتلي بفقد أمواله وابتلي بفقد أصحابه وجيرانه وابتلي في جسده حتى أنه لم يتمكن من أداء دوره في الدعوة كنبي لله لأن الناس انصرفت عنه مخافة من العدوى.
فأي بلاء كهذا بمعنى تعرض للتمحيص الشديد ولكنه بقي صابرا شاكرا مؤمنا راضيا. فقال عنه رب العزة إنه نعم العبد:
{ وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَاۤ أَیُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥۤ أَنِّی مَسَّنِیَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ بِنُصۡبࣲ وَعَذَابٍ (٤١) ٱرۡكُضۡ بِرِجۡلِكَۖ هَـٰذَا مُغۡتَسَلُۢ بَارِدࣱ وَشَرَابࣱ (٤٢) وَوَهَبۡنَا لَهُۥۤ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةࣰ مِّنَّا وَذِكۡرَىٰ لِأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِ (٤٣) وَخُذۡ بِیَدِكَ ضِغۡثࣰا فَٱضۡرِب بِّهِۦ وَلَا تَحۡنَثۡۗ إِنَّا وَجَدۡنَـٰهُ صَابِرࣰاۚ نِّعۡمَ ٱلۡعَبۡدُ إِنَّهُۥۤ أَوَّابࣱ (٤٤) }
[سُورَةُ صٓ: ٤١-٤٤]
ونحن أيضا قد نمر بابتلاءات في عدة أمور قد يكون في أموالنا أو أولادنا أو صحتنا أو أي من نعم الله علينا وقد يشتد البلاء وقد يطول كل حسب إيمانه.
فمنهم من يبقى على العهد إلى أن يكشف الله البلاء ومنهم من يرحل ثابتا على العهد فيلقى الله راضيا مرضيا.
{ مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ رِجَالࣱ صَدَقُوا۟ مَا عَـٰهَدُوا۟ ٱللَّهَ عَلَیۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن یَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُوا۟ تَبۡدِیلࣰا (٢٣) لِّیَجۡزِیَ ٱللَّهُ ٱلصَّـٰدِقِینَ بِصِدۡقِهِمۡ وَیُعَذِّبَ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ إِن شَاۤءَ أَوۡ یَتُوبَ عَلَیۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا (٢٤) }
[سُورَةُ الأَحۡزَابِ: ٢٣-٢٤]
سبحان الله العظيم وهناك من يفشل من أول اختبار أو ثاني اختبار أو من بعد أن يشتد عليه البلاء أو يطول فيقع في النفاق أو الكفر أو الإلحاد.
فيظهر الله له ما كان خافيا في قلبه وهو لا يدرك ولا يعلم.
فالله لا يضيع إيمان مؤمن بالفتن.
{.. وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمَـٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفࣱ رَّحِیمࣱ }
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ١٤٣]
وإنما من يقع هو من كان منافقا ولا يعلم بخفايا نفسه فاظهرها الله بالابتلاءات.
{ أَوَلَا یَرَوۡنَ أَنَّهُمۡ یُفۡتَنُونَ فِی كُلِّ عَامࣲ مَّرَّةً أَوۡ مَرَّتَیۡنِ ثُمَّ لَا یَتُوبُونَ وَلَا هُمۡ یَذَّكَّرُونَ }
[سُورَةُ التَّوۡبَةِ: ١٢٦]
نسأل الله أن يرزقنا إيمانا ثابتا ويقينا صادقا وأن يثبتنا عند الفتن والمحن..
سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.