تدبر سورة سبأ الآية ٢٠_٢١

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.

بعد سرد أمثلة عن ممالك وأثر التسبيح عليها. يبين لنا ربنا أسباب الوقوع في الغفلة وأولها ابليس لعنه الله.

{ وَلَقَدۡ صَدَّقَ عَلَیۡهِمۡ إِبۡلِیسُ ظَنَّهُۥ فَٱتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِیقࣰا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ }
[سُورَةُ سَبَإٍ: ٢٠]

(ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه)

ماذا كان ظن إبليس؟

{ قَالَ أَرَءَیۡتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِی كَرَّمۡتَ عَلَیَّ لَىِٕنۡ أَخَّرۡتَنِ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ لَأَحۡتَنِكَنَّ ذُرِّیَّتَهُۥۤ إِلَّا قَلِیلࣰا }
[سُورَةُ الإِسۡرَاءِ: ٦٢]

{ قَالَ فَبِمَاۤ أَغۡوَیۡتَنِی لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَ ٰ⁠طَكَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ (١٦) ثُمَّ لَـَٔاتِیَنَّهُم مِّنۢ بَیۡنِ أَیۡدِیهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَیۡمَـٰنِهِمۡ وَعَن شَمَاۤىِٕلِهِمۡۖ وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَـٰكِرِینَ (١٧) }
[سُورَةُ الأَعۡرَافِ: ١٦-١٧]

{ قَالَ رَبِّ بِمَاۤ أَغۡوَیۡتَنِی لَأُزَیِّنَنَّ لَهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَأُغۡوِیَنَّهُمۡ أَجۡمَعِینَ (٣٩) إِلَّا عِبَادَكَ مِنۡهُمُ ٱلۡمُخۡلَصِینَ (٤٠) }
[سُورَةُ الحِجۡرِ: ٣٩-٤٠]

{ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغۡوِیَنَّهُمۡ أَجۡمَعِینَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنۡهُمُ ٱلۡمُخۡلَصِینَ (٨٣) }
[سُورَةُ صٓ: ٨٢-٨٣]

فإذا تأملنا الآيات السابقة التي تخبرنا عن ظن ابليس لاجملناها في كونه ظن أنه قادر على إغواء الجميع إلا عباد الله المخلصين بتزيينه للمعصية وتزيين حب الدنيا ومتاعها وصرفهم عن شكر الله على نعمه.

وصدقا لقد صدق ابليس فيهم ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين.

{ وَلَقَدۡ صَدَّقَ عَلَیۡهِمۡ إِبۡلِیسُ ظَنَّهُۥ فَٱتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِیقࣰا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ }
[سُورَةُ سَبَإٍ: ٢٠]

فهل كان يجبرهم؟ لا!

{ وَمَا كَانَ لَهُۥ عَلَیۡهِم مِّن سُلۡطَـٰنٍ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن یُؤۡمِنُ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ مِمَّنۡ هُوَ مِنۡهَا فِی شَكࣲّۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءٍ حَفِیظࣱ }
[سُورَةُ سَبَإٍ: ٢١]

لم يقع في شراكه إلا المرتابون الذين يشكون في الآخرة أو يكذبون الآخرة.
أو أنهم أساسا فاسقون أفاكون كثيروا الكذب والإثم.

لاحظوا معي..

{ هَلۡ أُنَبِّئُكُمۡ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّیَـٰطِینُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِیمࣲ (٢٢٢) یُلۡقُونَ ٱلسَّمۡعَ وَأَكۡثَرُهُمۡ كَـٰذِبُونَ (٢٢٣) }
[سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: ٢٢١-٢٢٣]

وابليس نفسه يتبرأ من إجباره الناس على اتباعه.

{ وَقَالَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ لَمَّا قُضِیَ ٱلۡأَمۡرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمۡ وَعۡدَ ٱلۡحَقِّ وَوَعَدتُّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُكُمۡۖ وَمَا كَانَ لِیَ عَلَیۡكُم مِّن سُلۡطَـٰنٍ إِلَّاۤ أَن دَعَوۡتُكُمۡ فَٱسۡتَجَبۡتُمۡ لِیۖ فَلَا تَلُومُونِی وَلُومُوۤا۟ أَنفُسَكُمۖ مَّاۤ أَنَا۠ بِمُصۡرِخِكُمۡ وَمَاۤ أَنتُم بِمُصۡرِخِیَّ إِنِّی كَفَرۡتُ بِمَاۤ أَشۡرَكۡتُمُونِ مِن قَبۡلُۗ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ }
[سُورَةُ إِبۡرَاهِيمَ: ٢٢]

إذن لا عذر لأحد في اتباع ابليس.
فقد ميزنا الله بالعقل لنتعرف به على الحق والباطل وارسل رسله بالحق المبين…

ولا عذر لأحد في اتباع السادة والكبراء فأرض الله واسعة.

{ یَوۡمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمۡ فِی ٱلنَّارِ یَقُولُونَ یَـٰلَیۡتَنَاۤ أَطَعۡنَا ٱللَّهَ وَأَطَعۡنَا ٱلرَّسُولَا۠ (٦٦) وَقَالُوا۟ رَبَّنَاۤ إِنَّاۤ أَطَعۡنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاۤءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِیلَا۠ (٦٧) رَبَّنَاۤ ءَاتِهِمۡ ضِعۡفَیۡنِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنࣰا كَبِیرࣰا (٦٨) }
[سُورَةُ الأَحۡزَابِ: ٦٦-٦٨]

ولا عذر لأحد بإتباع أي كان من الإنس والجن.

{ إِذۡ تَبَرَّأَ ٱلَّذِینَ ٱتُّبِعُوا۟ مِنَ ٱلَّذِینَ ٱتَّبَعُوا۟ وَرَأَوُا۟ ٱلۡعَذَابَ وَتَقَطَّعَتۡ بِهِمُ ٱلۡأَسۡبَابُ (١٦٦) وَقَالَ ٱلَّذِینَ ٱتَّبَعُوا۟ لَوۡ أَنَّ لَنَا كَرَّةࣰ فَنَتَبَرَّأَ مِنۡهُمۡ كَمَا تَبَرَّءُوا۟ مِنَّاۗ كَذَ ٰ⁠لِكَ یُرِیهِمُ ٱللَّهُ أَعۡمَـٰلَهُمۡ حَسَرَ ٰ⁠تٍ عَلَیۡهِمۡۖ وَمَا هُم بِخَـٰرِجِینَ مِنَ ٱلنَّارِ (١٦٧) }
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ١٦٦-١٦٧]

إذن ما يسقط الممالك هو الوقوع في حبائل ابليس.

{ وَلَقَدۡ صَدَّقَ عَلَیۡهِمۡ إِبۡلِیسُ ظَنَّهُۥ فَٱتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِیقࣰا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ (٢٠) وَمَا كَانَ لَهُۥ عَلَیۡهِم مِّن سُلۡطَـٰنٍ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن یُؤۡمِنُ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ مِمَّنۡ هُوَ مِنۡهَا فِی شَكࣲّۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءٍ حَفِیظࣱ (٢١) }
[سُورَةُ سَبَإٍ: ٢٠-٢١]

حتى لو كان هناك مازال فريقا من المؤمنين؟..

نعم!

قالت عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: “قلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أنهلِكُ وفينا الصَّالحون؟”، أي: وهلْ يقَعُ مثْلُ هذا العذابِ على الأُمَّةِ وفيها من الصَّالحين؟ “فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نعمْ، إذا ظهَرَ الخبَثُ”، أي: كثُرَ، والمُرادُ بالخبَثِ: الفُسوقُ والفُجورُ والمعاصي، والمعنى: أنْ يكثُرَ أهْلُ الفَسادِ على أهلِ الصَّلاحِ، وفي حديثِ عِمْرانَ بنِ حُصَينٍ رضِيَ اللهُ عنه عندَ التِّرمذيِّ: “فقال رجُلٌ من المُسلمين: يا رَسولَ اللهِ، ومتى ذاك؟ قال: «إذا ظهَرَتِ القَيْناتُ والمعازِفُ، وشُرِبَت الخُمورُ”.

{ وَلَقَدۡ صَدَّقَ عَلَیۡهِمۡ إِبۡلِیسُ ظَنَّهُۥ فَٱتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِیقࣰا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ (٢٠) وَمَا كَانَ لَهُۥ عَلَیۡهِم مِّن سُلۡطَـٰنٍ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن یُؤۡمِنُ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ مِمَّنۡ هُوَ مِنۡهَا فِی شَكࣲّۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءٍ حَفِیظࣱ (٢١) }
[سُورَةُ سَبَإٍ: ٢٠-٢١]

قد يمهل الله المملكة ويؤخر العقوبة لزمن معين وفيه اختبار للمؤمنين هل يتأثرون بالمحيط أم يثبتون على الإيمان والطاعة.

ولكنه لا يهمل أبدا.

(وربك على كل شيء حفيظ)

يحفظ عباده المؤمنين وينجيهم كما أنجى قوم نوح عليه السلام المؤمنين وبيت لوط عليه السلام المؤمنين.

نسأل الله الثبات على الأمر والعزيمة على الرشد.

سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *