تدبر سورة سبأ الآية ١

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.

نبدأ بإذن الله تعالى بتدبر سورة سبأ وهي سورة مكية وكما تعودنا سابقا أن نبين أن هذه السورة هي رسالة متكاملة من الله لنا مرتبطة ببعضها واسم السورة عنوان مناسب لها ككل.

اسم السورة سبأ وهو اسم مملكة كانت في بلاد اليمن سميت باسم من أسسها واسمه سبأ. والتي حكمها من بعده ابنه حمير وكان من أشهر ملوكها ملكة سبأ التي ورد ذكرها في قصة هدهد نبي الله سليمان عليه السلام.

إذن موضوع السورة يدور حول مملكة كيف كانت وكيف صارت. ولماذا كانت عظيمة ولماذا تدمرت وانتهت.

منها سنتعلم أثر التسبيح على كل مملكة حيث بدأت هذه الرسالة كالعادة بمقدمة ثم الموضوع الذي انقسم إلى ذكر أمثلة من ممالك المسبحين القوية ومملكة سبأ التي كانت قوية ثم ذهبت قوتها وتدمرت. وبعدها شرح للأسباب التي تؤدي لكلا الطريقين. ومن ثم نرى الخاتمة التي تختصر كل ما جاء في هذه الرسالة.

نبدأ بإذن الله تعالى في المقدمة بعد أعوذ بالله من الشيطان الرحيم:
بسم الله الرحمن الرحيم.

{ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی لَهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِیمُ ٱلۡخَبِیرُ }
[سُورَةُ سَبَإٍ: ١]

يبدأ ربنا عز وجل هذه الرسالة بكلمة الحمد وهي بمعنى الثناء والشكر ولكن كونها بدأت بأل التعريف فهذا يعطينا معنى أنه الحمد كله والثناء كله والشكر كله هو لله وحده لا شريك له فهو الوحيد المستحق للحمد والثناء.

{ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی لَهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِیمُ ٱلۡخَبِیرُ }
[سُورَةُ سَبَإٍ: ١]

ثم وضح لنا السبب في كونه الوحيد المستحق للحمد…

لأنه الوحيد الذي يمتلك كل شيء فهو المالك وهو الملك وملكه يشمل ملك كل شيء في السموات والأرض في الدنيا وملك كل شيء في الآخرة.

{ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی لَهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِیمُ ٱلۡخَبِیرُ }
[سُورَةُ سَبَإٍ: ١]

(الذي له ما في السماوات)

كل شيء الشمس والقمر والنجوم وجميع الكواكب وماء السماء والغيوم والصواعق والهواء وكل ذرة فيها وكل مخلوقاتها.

(وما في الأرض)

بكل ما عليها من أراضي وبحار وأنهار وبحيرات وثروات ونباتات وأشجار وثمار وأنعام وطيور وأسماك والإنس والجن وكل من يدب في عمقها وسطحها وعمق بحارها وأنهارها.

فإذا كان له كل هذا وهو المالك الحقيقي لها والمتصرف بها كيف يشاء وكل النعم تدور حولها فلم سيكون الحمد والثناء إلا لمن يملكها ومن يؤتيها لمن يشاء ومتى شاء وينزعها ممن يشاء ومتى شاء.

{ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی لَهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِیمُ ٱلۡخَبِیرُ }
[سُورَةُ سَبَإٍ: ١]

(وله الحمد في الآخرة)

الكل وإن آتاه الله ملك أي شيء فإن ملكه يزول بموته وبخروج روحه إلى مالكها الحقيقي وهو الله جل جلاله ويدخل قبره ليزول ملكه لجسده أيضا وكل ما جمعه في الدنيا.
ولكن الله الملك والمالك الحقيقي لكل شيء لا يموت ولا يتغير ملكه ويستمر ملكه للآخرة لذلك حتى في الآخرة فهو الوحيد المستحق للحمد والثناء والشكر.

تأملوا معي حمد الحامدين في الدنيا كيف استمر حمدهم لله في الآخرة:

{ وَنَزَعۡنَا مَا فِی صُدُورِهِم مِّنۡ غِلࣲّ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَـٰرُۖ وَقَالُوا۟ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی هَدَىٰنَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهۡتَدِیَ لَوۡلَاۤ أَنۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُۖ لَقَدۡ جَاۤءَتۡ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلۡحَقِّۖ وَنُودُوۤا۟ أَن تِلۡكُمُ ٱلۡجَنَّةُ أُورِثۡتُمُوهَا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ }
[سُورَةُ الأَعۡرَافِ: ٤٣]

{ وَقَالُوا۟ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِیۤ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورࣱ شَكُورٌ (٣٤) ٱلَّذِیۤ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلۡمُقَامَةِ مِن فَضۡلِهِۦ لَا یَمَسُّنَا فِیهَا نَصَبࣱ وَلَا یَمَسُّنَا فِیهَا لُغُوبࣱ (٣٥) }
[سُورَةُ فَاطِرٍ: ٣٤-٣٥]

{ وَقَالُوا۟ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی صَدَقَنَا وَعۡدَهُۥ وَأَوۡرَثَنَا ٱلۡأَرۡضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلۡجَنَّةِ حَیۡثُ نَشَاۤءُۖ فَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَـٰمِلِینَ }
[سُورَةُ الزُّمَرِ: ٧٤]

أما من نسي وغفل عن حمد الله في الدنيا فلن يكون حامدا في الآخرة. سبحان الله.

{ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی لَهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِیمُ ٱلۡخَبِیرُ }
[سُورَةُ سَبَإٍ: ١]

ثم ختم الآية باسميه الحكيم الخبير.

فهو الحكيم الذي يوزع نعمه على عباده بحكمة يؤتيها من يشاء وينزعها ممن يشاء وفق حكمته وخبرته بهم وبإيمانهم وأعمالهم.

{ إِنَّ رَبَّكَ یَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن یَشَاۤءُ وَیَقۡدِرُۚ إِنَّهُۥ كَانَ بِعِبَادِهِۦ خَبِیرَۢا بَصِیرࣰا }
[سُورَةُ الإِسۡرَاءِ: ٣٠]

{ مَّا یَفۡتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحۡمَةࣲ فَلَا مُمۡسِكَ لَهَاۖ وَمَا یُمۡسِكۡ فَلَا مُرۡسِلَ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ }
[سُورَةُ فَاطِرٍ: ٢]

وهذه الآية الأولى من مقدمة سورة سبأ تبين لنا من أولها ملك الله وأنه الوحيد المستحق للحمد وأنه يؤتي ملكه بحكمته وبخبرته بعباده.
فكأنها توحي لنا بالتسبيح بالحمد لله رب العالمين.

نكمل بإذن الله في الدرس القادم.

سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *