تدبر سورة النساء الآية 59

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)

يقول تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ)
لم يقل تعالى (أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ) ، وإنما كرر الفعل (أَطِيعُوا) فقال تعالى (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) للإِشارة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم له طاعة مستقلة عن طاعة الله، يعنى نطيع الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى ولو كان ما يأمر به ليس منصوصا عليه فى القرآن.
وفي هذا رد على من أطلق عليهم القرآنيون، وهم الذين يقولون أن القرآن هو المصدر الوحيد للتشريع، وحجتهم في ذلك، أن القرآن العظيم لا أحد يختلف عليه، أما السنة ففيها خلاف، والرد عليهم أن الله تعالى قد هيأ لهذه الأمة علماء بينت ما هو الحديث الصحيح وما هو الحديث الضعيف.
فالحديث الصحيح تعمل بهن والحديث الضعيف لا تعمل به الا في فضائل الأعمال، واذا لم ترد أن تعمل به في فضائل الأعمال فلا تعمل به، والأحاديث الصحيحة تكفيك في كل باب.
أخرج أحمد وابن ماجه أن النبي قال “يوشِكُ أنْ يقعُدَ الرجلُ مُتَّكِئًا على أَرِيكَتِهِ، فيقولُ : بينَنَا وبينَكُمْ كتابُ اللهِ ، فما وجدْنا فيه مِنْ حلالٍ اسْتَحْلَلْناهُ ، وما وجدَنا فيه مِنْ حرامٍ حرَّمْناهُ ، ألَا وإِنَّ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ مثلَ ما حرَّمَ اللهُ”
من ينكر السنة لا يصلى الصلاة التى نعرفها لأن السنة هي التى حددت كيفة الصلاة وعدد ركعاتها وأوقاتها،ولا يخرج زكاة ماله، لأن السنة هي التى حددتها أنصبتها وحددت مقدارها، ولا يحج لأن السنة هي التى بينت مناسك الحج.
والمفروض أنه لا يأكل السمك، لأن القرآن يقول حرمت عليكم الميتة، والاستثناء في أكل السمك كان في حديث رسول الله “هو الطَّهور ماؤه، الحِلُّ ميتته”

ثم يقول تعالى (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) وهم الحكام والعلماء، ولم يقل تعالى (وَأَطِيعُوا أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فلم يكرر لفظ الطاعة اشارة الى أن الحكام والعلماء ليس لهم طاعة مستقلة، وانما طاعتهم تكون منبثقة من طاعة الله وطاعة رسوله، فإذا أمروا بشيء من معصية الله فلا سمع ولهم ولا طاعة.
يقول الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- “لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الخَالِقِ”
قال أبو بكر في خطبته عندما تولي الخلافة “أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم”

وولى الأمر إذا أمر بشيء ليس بطاعة الله -تَعَالي- ولا معصيته فيجب طاعته، مثل الالتزام بقوانين المرور، وغير ذلك من القوانين المدنية المنظمة للحياة، فهذه القوانين لو التزمت بها عملًا بهذه الآية الكريمة فلك الثواب من الله -تَعَالي- عليها.
اذا كنت تسكن في مجمع سكنى “كومباوند” وكان لهذا المجمع السكنى لوائح خاصة به، فلو التزمت بها عملًا بهذه الآية الكريمة فأنت مأجور على ذلك.
حتى لو كان عمارة سكنية لها لوائحها، أو فندق، أو مكان عمل، يجب على المسلم الالتزام بقوانين المكان، لأننا مأمورون بطاعة ولى الأمر، طالما أنه ليس في معصية الله.
وقوله تعالى (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) أي أن تكون هذه الطاعة اذا كان ولى الأمر من المسلمين، أما اذا كان كافرًا فلا طاعة له.
وعندما احتل الانجليز مصر قال بعض شيوخ السلطان –وهم موجودون في كل عصر- أن الانجليز هم ولاة الأمر ويجب طاعتهم.
وهذا يدل على أهمية العلم وأهمية فهم القرآن العظيم، فهؤلاء الجهال المنافقون نقول لهم قال تعالى (وَأُولِي الْأَمْرِ ((((مِنْكُمْ)))) ) وهؤلاء ليسوا منا وليسوا من المسلمين فلا طاعة لهم.

(فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)
التنازع هو الاختلاف وهو مأخوذ من النزع وهو الجذب، فالمعنى إذا حدث خلاف في أمر من الأمور، فاحتكموا إِلى كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
وقوله تعالى (شَيْءٍ) يعنى أي شيء مهما كان صغيرًا، فكل شيء من أمور الدين والدنيا في القرآن الكريم والسنة النبوية.

(إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ)
هذا حث على الإحتكام إلى الكتاب والسنة

(ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)
يعنى هذا الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله خَيْرٌ لكم حالًا وَأَحْسَنُ عاقبة، أي خَيْرٌ في الحاضر وفي المستقبل.

سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

منقول من موقع وائل فوزي بتصرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *