بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143)
يقول تعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ) يعنى الْمُنَافِقِينَ يعتقدون أنهم كما يخدعون الناس باظهار الايمان واخفاء الكفر، فانهم لجهلهم بصفات الله -تَعَالي- يعتقدون أنهم يستطيعون أن يخدعوا الله -تَعَالَى – أيضًا، وأنهم سيأتون يوم القيامة ويقولون نحن يا رب كنا مع المؤمنين، فيدخلهم الله -تَعَالَى – الجنة مع المؤمنين، يقول تعالى (يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم)
(وَهُوَ خَادِعُهُمْ) الجزاء من جنس العمل، فكما يحاولون خداع الله، فجزاء الله لهم أن يخدعهم.
كيف يخدعهم الله ؟ الخداع هو أن تري من تخادعه ما يحبه منك، وتستر عليه ما يكرهه.
فالله تعالى يخدعهم بأن يريهم ما يحبونه وهو أن يتركهم معصومي الدماء والأموال في الدنيا، بينما يستر عليهم ما يكرهونه وهو ما أعده لهم من العذاب العظيم يوم القيامة.
ولكن هناك فرق بين خداعهم وخداع الله، فبينما هم لا يستطيعون خداع الله، لأن الله -تَعَالَى – يعلم السر وأخفى، فان الله -تَعَالَى – يخدعهم الخداع الحقيقي.
ولذلك قال تعالى (يُخَادِعُونَ اللَّهَ) وهذه صيغة مفاعلة، يعنى يحاولون خداع الله -تَعَالَى -، وقال (وَهُوَ خَادِعُهُمْ) تدل على الغلب عليهم.
(وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى)
يعنى يقومون إِلَى الصَّلَاةِ وهم متثاقلون متكاسلون، لأنهم لا يرجون ثوابًا من هذه الصلاة.
ولذلك كان المنافقون يتخلفون كثيرًا عن صلاتي العشاء والصبح، لأن المصلي لا يُرى فيها غالبًا، يقول الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- “إن أَثْقَلُ الصَّلاَةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ الْعِشَاءُ وَالْفَجْرُ”
وهذه اشارة الى أن من صفة المؤمنين أنهم يقومون الى الصلاة وهم مقبلون عليها.
كما كان الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول “يا بلالُ، أَقِمِ الصَّلاةَ، أَرِحْنا بها”
(يُرَاءُونَ النَّاسَ)
أي يقصدون بصلاتهم الرياء والسمعة ولا يقصدون وجه الله -تَعَالَى –
والرياء من الرؤية، فهم يفعلون ذلك حتى يراهم الناس ويمدحوهم.
(وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا)
لا يذكرون الله سبحانه إِلا القليل سواء بألسنتهم أو بقلوبهم أو بأعمالهم
يقول الزمخشري في تفسيره، اذا صحبت هؤلاء الأيام والليالي لم تسمع منه تهليلة ولا تسبيحة ولا تحميدة، ولكن حديث الدنيا يستغرق كل وقته لا يفتر عنه.
واشارة أيضًا الى أن من صفة المؤمنين أنهم يكثرون ذكر الله -تَعَالَى – بينما من علامات النفاق أنه يستغرق وقته في حديث عن الدنيا
وقيل أن قوله تعالى (وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا) يعنى لا يصلون الا قليلًا، لأنهم يصلون رياء اذا كان هناك من يشاهدهم، أما اذا كانوا لا يراهم أحد فانهم لا يصلون.
(مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143)
(مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ) أي مترددين بين المؤمنين والكافرين، لأنهم يريدون تحقيق أكبر منفعة من كلا الفريقين.
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا) من قضى الله -تَعَالَى – عليه بالضلالة، فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا للهداية مهما اجتهدت في محاولة هدايته بالحجة والدليل.
سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
منقول من موقع وائل فوزي