تدبر سورة المنافقون الآية ٩_١١

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.نصل للدرس الأخير بإذن الله في تدبر سورة المنافقون.ووصلنا لآية فيها نداء للمؤمنين.(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَ ٰ⁠لُكُمۡ وَلَاۤ أَوۡلَـٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰ⁠لِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡخَـٰسِرُونَ)[سورة المنافقون 9](يا أيها الذين آمنوا) وكل نداء للمؤمنين لا يتبعه إلا أمر لا ينفذه إلا المؤمن الحق.فماذا هو الأمر أو النهي؟(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَ ٰ⁠لُكُمۡ وَلَاۤ أَوۡلَـٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰ⁠لِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡخَـٰسِرُونَ)[سورة المنافقون 9](لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله) لا تجعلوها تلهيكم يا مؤمنين عن ذكر الله.لا تجعل دنياك أكبر همكلا تجعل أكبر شغلك جمع المال وتكثيره والحفاظ عليه فالله يحفظه ويديمه ويزيده فما الرزق إلا من عند الله.(إِنَّ رَبَّكَ یَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن یَشَاۤءُ وَیَقۡدِرُۚ إِنَّهُۥ كَانَ بِعِبَادِهِۦ خَبِیرَۢا بَصِیرࣰا)[سورة الإسراء 30]فما علينا إلا السعي مع الذكر ولا يطغى السعي على الذكر. ولا يلهي السعي عن الذكر.ولا تجعل الأولاد أكبر شغلك ظنا منك أنك أنت من ستحافظ عليهم بحرصك فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين ولو كان الحرص يحفظ لما فقد يعقوب عليه السلام ابنه. ولا نظن أننا من نربيهم فالله قال عن مريم الصديقة عليها السلام (وأنبتها نباتا حسنا) كما قال عن موسى عليه السلام الذي تربى في قصر فرعون (ولتصنع على عيني) وقال عن يوسف عليه السلام الذي تربى في قصر العزيز (ولنعلمه من تأويل الأحاديث) و (آتيناه حكما وعلما). نحن نسعى في تربيتهم بالقدوة الحسنة ولكن الله هو من يربيهم حقا لذلك لا تجعلهم يلهوك عن ربك فتكون القدوة السيئة وتخسر دينك وايمانك ويكون اولادك عذابا لك.(فَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَ ٰ⁠لُهُمۡ وَلَاۤ أَوۡلَـٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا یُرِیدُ ٱللَّهُ لِیُعَذِّبَهُم بِهَا فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَـٰفِرُونَ)[سورة التوبة 55]نربي أبناءنا مع ذكر الله ولا نجعلهم يلهونا عن ذكره. نعبد الله ولا نتركهم يلهونا عن العبادة. نطيع الله ورسوله ولا نجعلهم حاجزا يلهينا عن طاعتهم.فلا نعتذر عن طاعة بحجة المال والبنون كما فعل المنافقون.(سَیَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَاۤ أَمۡوَ ٰ⁠لُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ یَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَیۡسَ فِی قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن یَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَیۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرَۢا)[سورة الفتح 11]ثم يأمر المؤمنين المتقين بالإنفاق لأن المنافقون كما قلنا لا ينفقون.(وَأَنفِقُوا۟ مِن مَّا رَزَقۡنَـٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن یَأۡتِیَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ فَیَقُولَ رَبِّ لَوۡلَاۤ أَخَّرۡتَنِیۤ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ قَرِیبࣲ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ)[سورة المنافقون 10](وأنفقوا مما رزقناكم) المؤمن يتذكر أن أمواله كلها من رزق الله. لذلك يستسهل الإنفاق هو يعلم أنها من الله وينفقها لله وأن الله سيزيده ويربي له ماله ويضاعفه.(مَّثَلُ ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰ⁠لَهُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنۢبَتَتۡ سَبۡعَ سَنَابِلَ فِی كُلِّ سُنۢبُلَةࣲ مِّا۟ئَةُ حَبَّةࣲۗ وَٱللَّهُ یُضَـٰعِفُ لِمَن یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ وَ ٰ⁠سِعٌ عَلِیمٌ)[سورة البقرة 261]بعكس المنافق الذي يعتقد أن المال ماله وله حرية التصرف به فلا ينفقه لا بفريضة الزكاة ولا بنافلة الصدقات.كمثل قارون الذي كان من قوم موسى عندما تم نصحه قال (إنما أوتيته على علم عندي)المؤمن يؤمن بالموت ويتذكره ويعد لذلك اليوم لذلك ينفق قبل أن ينقطع عمله. (وَأَنفِقُوا۟ مِن مَّا رَزَقۡنَـٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن یَأۡتِیَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ فَیَقُولَ رَبِّ لَوۡلَاۤ أَخَّرۡتَنِیۤ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ قَرِیبࣲ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ)[سورة المنافقون 10]سبحان الله من يضيع فرصة الإنفاق على نفسه ويؤجلها ثم يموت يندم فيتمنى العودة أو تأجيل الموت قليلا فقط. لماذا؟(فأصدق وأكن من الصالحين)يريد أن يعود ليتصدق لأنه ترك أمواله خارج القبر ليتم تقسيمه على الورثة ولم تنفعه تلك الأموال ولم تعد أمواله وهناك يتذكر أنه لا يملكها وأنها لله.ويتذكر أنه لم يكن من الصالحين فالصالحين يصدقون ولا يبخلون بأموالهم.(وَلَا یَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ یَبۡخَلُونَ بِمَاۤ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ هُوَ خَیۡرࣰا لَّهُمۖ بَلۡ هُوَ شَرࣱّ لَّهُمۡۖ سَیُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا۟ بِهِۦ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۗ وَلِلَّهِ مِیرَ ٰ⁠ثُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ)[سورة آل عمران 180](.. إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ مَن كَانَ مُخۡتَالࣰا فَخُورًا ۝ ٱلَّذِینَ یَبۡخَلُونَ وَیَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبُخۡلِ وَیَكۡتُمُونَ مَاۤ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَـٰفِرِینَ عَذَابࣰا مُّهِینࣰا)[سورة النساء 36 – 37](لِّكَیۡلَا تَأۡسَوۡا۟ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا تَفۡرَحُوا۟ بِمَاۤ ءَاتَىٰكُمۡۗ وَٱللَّهُ لَا یُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالࣲ فَخُورٍ ۝ ٱلَّذِینَ یَبۡخَلُونَ وَیَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبُخۡلِۗ وَمَن یَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَنِیُّ ٱلۡحَمِیدُ)[سورة الحديد 23 – 24]كلها آيات جاءت في ذم البخل وأثر خطورته على الإنسان نسأل الله أن يقينا شح أنفسنا وأن يجعلنا من المنفقين.وفي ختام السورة يذكرنا ربنا بحقيقة الموت والأجل.(وَلَن یُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِذَا جَاۤءَ أَجَلُهَاۚ وَٱللَّهُ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ)[سورة المنافقون 11]لن يؤخر الله موت أحد أبدا فلا يظن بخيل أن الله سيؤخره إلى أجل قريب ليتصدق. إذا جاء الأجل فلن يؤخر أبدا.علينا أن نبادرأن نسارعأن نجاهدأن نعالج الشح في قلوبنا(والله خبير بما تعملون)خبير بمن ينفق طواعية وخبير من ينفق كارهاخبير بمن ينفق مخلصا وخبير بمن ينفق مرائيا.خبير بمن نوى الإنفاق ولم يجد وخبير بمن ادعى أنه لا يجد ما ينفقه.خبير بمن أعطى واتقى ولم يتبع إنفاقه منا ولا أذى وخبير بمن آذى ومن على من أنفق عليه.اللهم ارزقنا ايمانا خالصا لا نفاق فيه.سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *