بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.
بعد أن تدارسنا فضل الله على المؤمنين والمؤمنات. ندرس اليوم عاقبة المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات.
(وَیُعَذِّبَ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَٱلۡمُنَـٰفِقَـٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِینَ وَٱلۡمُشۡرِكَـٰتِ ٱلظَّاۤنِّینَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَیۡهِمۡ دَاۤىِٕرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَاۤءَتۡ مَصِیرࣰا) (٦)
قبل أن نذكر عذابهم علينا أولا أن نعرف من هم وما هي صفاتهم.
ولنبدأ بالمنافقين والمنافقات..
فقد وصفهم ربنا في بعض الآيات وصفا دقيقا وفصلهم في سورتي المنافقون والتوبة.
ولنذكر بعض الآيات..
{ إِنَّ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ یُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَـٰدِعُهُمۡ وَإِذَا قَامُوۤا۟ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُوا۟ كُسَالَىٰ یُرَاۤءُونَ ٱلنَّاسَ وَلَا یَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِیلࣰا (١٤٢) مُّذَبۡذَبِینَ بَیۡنَ ذَ ٰلِكَ لَاۤ إِلَىٰ هَـٰۤؤُلَاۤءِ وَلَاۤ إِلَىٰ هَـٰۤؤُلَاۤءِۚ وَمَن یُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ سَبِیلࣰا (١٤٣) }
[سُورَةُ النِّسَاءِ: ١٤٢-١٤٣]
وقال عنهم :
{ وَمَا مَنَعَهُمۡ أَن تُقۡبَلَ مِنۡهُمۡ نَفَقَـٰتُهُمۡ إِلَّاۤ أَنَّهُمۡ كَفَرُوا۟ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِۦ وَلَا یَأۡتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُمۡ كُسَالَىٰ وَلَا یُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمۡ كَـٰرِهُونَ }
[سُورَةُ التَّوۡبَةِ: ٥٤]
وقال:
{ وَإِذَا قِیلَ لَهُمۡ لَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ قَالُوۤا۟ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ (١١) أَلَاۤ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ وَلَـٰكِن لَّا یَشۡعُرُونَ (١٢) وَإِذَا قِیلَ لَهُمۡ ءَامِنُوا۟ كَمَاۤ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوۤا۟ أَنُؤۡمِنُ كَمَاۤ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَاۤءُۗ أَلَاۤ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَاۤءُ وَلَـٰكِن لَّا یَعۡلَمُونَ (١٣) وَإِذَا لَقُوا۟ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡا۟ إِلَىٰ شَیَـٰطِینِهِمۡ قَالُوۤا۟ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُونَ (١٤) }
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ١١-١٤]
والقرآن به الكثير من أفعالهم وأقوالهم ولكنني اخترت هذه الآيات لأنها تشخص للمنافق نفسه بنفسه لأنه هو الذي يعلم إن كان ذكره قليل أم كثير وهو الذي يشعر بالتكاسل لأداء الصلاة وينفق وهو كاره وهو أعلم الناس بما يدور في خلده وكذلك هو من سيقال له تلك الكلمات وهو من سيرد بمثل تلك الردود.
فالمنافق لن يتوب إذا قيل له أنت منافق لذلك لا تحاسب غيرك واشتغل بنفسك. المنافق قد يتوب إذا قرأ الآيات ورأى أنها تصفه بدقة وقد يكابر إن كان في قلبه ذرة من كبر.
وهؤلاء يعذبهم الله في الدنيا بأموالهم وأولادهم الذين أنهكوا أنفسهم في تكثيرهم.
{ فَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَ ٰلُهُمۡ وَلَاۤ أَوۡلَـٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا یُرِیدُ ٱللَّهُ لِیُعَذِّبَهُم بِهَا فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَـٰفِرُونَ }
[سُورَةُ التَّوۡبَةِ: ٥٥]
وفي الآخرة يعذبهم أشد العذاب.
{ إِنَّ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ فِی ٱلدَّرۡكِ ٱلۡأَسۡفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمۡ نَصِیرًا }
[سُورَةُ النِّسَاءِ: ١٤٥]
والآن نضع بعض الآيات التي تصف المشركين…
{ ٱلَّذِینَ یَجۡعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَۚ فَسَوۡفَ یَعۡلَمُونَ }
[سُورَةُ الحِجۡرِ: ٩٦]
مهما كان هذا الإله الذي يطيعونه سواء كان هوى النفس:
{ أَرَءَیۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُۥ هَوَىٰهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَیۡهِ وَكِیلًا }
[سُورَةُ الفُرۡقَانِ: ٤٣]
أم الشيطان:
{ وَقَالَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ لَمَّا قُضِیَ ٱلۡأَمۡرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمۡ وَعۡدَ ٱلۡحَقِّ وَوَعَدتُّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُكُمۡۖ وَمَا كَانَ لِیَ عَلَیۡكُم مِّن سُلۡطَـٰنٍ إِلَّاۤ أَن دَعَوۡتُكُمۡ فَٱسۡتَجَبۡتُمۡ لِیۖ فَلَا تَلُومُونِی وَلُومُوۤا۟ أَنفُسَكُمۖ مَّاۤ أَنَا۠ بِمُصۡرِخِكُمۡ وَمَاۤ أَنتُم بِمُصۡرِخِیَّ إِنِّی كَفَرۡتُ بِمَاۤ (((أَشۡرَكۡتُمُونِ))) مِن قَبۡلُۗ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ }
[سُورَةُ إِبۡرَاهِيمَ: ٢٢]
أم كان من الجن:
{ وَیَوۡمَ یَحۡشُرُهُمۡ جَمِیعࣰا ثُمَّ یَقُولُ لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ إِیَّاكُمۡ كَانُوا۟ یَعۡبُدُونَ (٤٠) قَالُوا۟ سُبۡحَـٰنَكَ أَنتَ وَلِیُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُوا۟ یَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ (٤١) }
[سُورَةُ سَبَإٍ: ٤٠-٤١]
أم كان من السادة والكبراء:
{ وَقَالُوا۟ رَبَّنَاۤ إِنَّاۤ أَطَعۡنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاۤءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِیلَا۠ (٦٧) رَبَّنَاۤ ءَاتِهِمۡ ضِعۡفَیۡنِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنࣰا كَبِیرࣰا (٦٨) }
[سُورَةُ الأَحۡزَابِ: ٦٧-٦٨]
أم كان وثنا او حجرا أو نجما أو طاقة أو أي شي لا يملك لهم نفعا ولا ضرا ثم يكذبون على أنفسهم انهم لم يشركوهم مع الله.
{ وَیَوۡمَ نَحۡشُرُهُمۡ جَمِیعࣰا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِینَ أَشۡرَكُوۤا۟ أَیۡنَ شُرَكَاۤؤُكُمُ ٱلَّذِینَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ (٢٢) ثُمَّ لَمۡ تَكُن فِتۡنَتُهُمۡ إِلَّاۤ أَن قَالُوا۟ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشۡرِكِینَ (٢٣) ٱنظُرۡ كَیۡفَ كَذَبُوا۟ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡۚ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ (٢٤) }
[سُورَةُ الأَنۡعَامِ: ٢٢-٢٤]
هؤلاء يعذبهم الله عذابا شديدا ولا يغني عنهم ما كانوا يعبدون.
(وَیُعَذِّبَ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَٱلۡمُنَـٰفِقَـٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِینَ وَٱلۡمُشۡرِكَـٰتِ ٱلظَّاۤنِّینَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَیۡهِمۡ دَاۤىِٕرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَاۤءَتۡ مَصِیرࣰا)
أحد أسباب عذابهم هو أنهم يظنون بالله ظن السوء.
كيف؟
لا يثقون بنصره ولا بقوته ويشكون بقدرته واجابته للدعاء لذلك كانوا لا يحبون المشاركة في الغزوات إلا إن رأوا عدد جيش المؤمنين وعتادهم أكبر من عدد جيش الكفار. ذلك لأنهم يثقون بالعدد والعدة ولا يثقون بالله ويظنون بالله الظنونا.
(وَیُعَذِّبَ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَٱلۡمُنَـٰفِقَـٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِینَ وَٱلۡمُشۡرِكَـٰتِ ٱلظَّاۤنِّینَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَیۡهِمۡ دَاۤىِٕرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَاۤءَتۡ مَصِیرࣰا)
هؤلاء يعاقبهم الله بما ظنوا به. فمن لا يثق باجابة ربه للدعاء لا يجيبه ومن يشك بقدرته لا ينصره وفوق هذا غضب الله عليهم ولعنهم وهذا هو العقاب الأشد.
فاللعن هو الطرد من رحمة الله فلا يظن منافق أو منافقة أنه بمواصلته النفاق وبعدم توبته أن الله يرحمه ويدخله الجنة والآيات كثيرة التي تبين طمعهم برحمة الله في الآخرة ولا يجدونها مثل:
{ یَوۡمَ یَقُولُ ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَـٰفِقَـٰتُ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱنظُرُونَا نَقۡتَبِسۡ مِن نُّورِكُمۡ قِیلَ ٱرۡجِعُوا۟ وَرَاۤءَكُمۡ فَٱلۡتَمِسُوا۟ نُورࣰاۖ فَضُرِبَ بَیۡنَهُم بِسُورࣲ لَّهُۥ بَابُۢ بَاطِنُهُۥ فِیهِ ٱلرَّحۡمَةُ وَظَـٰهِرُهُۥ مِن قِبَلِهِ ٱلۡعَذَابُ (١٣) یُنَادُونَهُمۡ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡۖ قَالُوا۟ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمۡ فَتَنتُمۡ أَنفُسَكُمۡ وَتَرَبَّصۡتُمۡ وَٱرۡتَبۡتُمۡ وَغَرَّتۡكُمُ ٱلۡأَمَانِیُّ حَتَّىٰ جَاۤءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ (١٤) فَٱلۡیَوۡمَ لَا یُؤۡخَذُ مِنكُمۡ فِدۡیَةࣱ وَلَا مِنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ۚ مَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُۖ هِیَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ (١٥) }
[سُورَةُ الحَدِيدِ: ١٣-١٥]
فالنار مقرهم وبئس المصير.
(وَیُعَذِّبَ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَٱلۡمُنَـٰفِقَـٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِینَ وَٱلۡمُشۡرِكَـٰتِ ٱلظَّاۤنِّینَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَیۡهِمۡ دَاۤىِٕرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَاۤءَتۡ مَصِیرࣰا)
فقد أعد الله لهم جهنم ولا أسوأ منها كمصير في الآخرة.
نسأل الله السلامة والعفو والعافية. وأن يتوب علينا ويغفر لنا ويرحمنا.
سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.