بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم اسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينغعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [سورة الفتح 29]
آية ختم الله بها سورة الفتح بها ووضع فيها خلاصة الأسباب التي تؤدي للفتح فإن طبقها المسلمون اليوم سيفتح الله عليهم كما فتح لرسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل والذين معه.
” محمد رسول الله” أول سبب من أسباب الفتح اتصاله بالله.
فهو رسول الله ورسالته القرآن. فتبليغه للآيات والعمل بها نتيجة تدبره. وهو أول سبب للنصر فهو ومن معه يعلمون الغاية من نزول القرآن ويعملون بما يعلمون وهو تدبر القرآن.
ونحن إن اتصلنا بالله من خلال تلاوة وتدبر رسالته لكان هذا سببا من أسباب النصر.
(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) [سورة ص : 29]
ولو تدبرنا القرآن لتبين لنا من خلال آياته أن التسبيح سبب لتقوية الحكم. كما شد الله ملك داود عليه السلام بالتسبيح.
(وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ) [سورة ص : 20]
وكما نجده أيضا في سورة سبأ
التي ابتدأها سبحانه بآيات الحمد والتسبيح والتفكر ثم آرانا نموذج لدول كان التسبيح سببا ليعطيها سبحانه القوة والمنعة مثل دولة داود عليه السلام ودولة سليمان عليه السلام.
ثم بين لنا سبأ كنموذج لدولة كانت قوية وطيبة طالما كانت مع الله وبعد أن اعرضوا عنه مزق الله دولتهم كل ممزق.
” محمد رسول الله” اذن السبب الاول للفتح هو الاتصال بالله من خلال ذكره وتسبيحه في الرسالة التي أنزلت إلينا.
فكلما ذكرنا الله ذكرنا هو وهذا بحد ذاته اتصال بيننا وبين الله.
(فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) [سورة البقرة : 152]
إذن نحقق الاتصال به أولا بالذكر الكثير في القرآن حتى لا يصدق علينا ابليس ظنه فهدفه هو أن ينسينا هذا الذكر.
(اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [سورة المجادلة : 19]
وحزب الشيطان الذي ينسى الذكر هو الخاسر في الدنيا والآخرة.
” محمد رسول الله والذين معه “
ما بالهم؟
” أشداء على الكفار رحماء بينهم”
طبعا هم حققوا الاتصال بالقرآن وذكروا الله كثيرا وسبحوه بكرة واصيلا فتوحدت صفوفهم واختفت الخلافات والخصومات
(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) [سورة الصف : 4]
فمن اسباب وحدة الصف التسبيح الكثير.
(وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) [سورة الصافات : 165]
(وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) [سورة الصافات : 166]
هؤلاء عالم الملائكة المسبحون . وهو عالم يخلو من الفساد وسفك الدماء. لأنهم مسبحون.
في حين عالم البشر اذا اختفى التسبيح انتشر الفساد وسفك الدماء.
(وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) [سورة البقرة : 205]
” محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم”
لأنهم لم يهجروا القرآن وذكروا الله فيه كثيرا لانه كتاب ذكر “ص. والقرآن ذي الذكر”
فدرسوا الآيات التالية وطبقوها
(لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [سورة المجادلة : 22]
كانوا حزب الله المفلحون لانهم لم يوادوا من حاد الله ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [سورة المائدة : 54]
القوم الذين يحبهم الله هم الأذلة على المؤمنين والأعزة على الكافرين..
” محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم”
وعالم المسلمين اليوم للأسف يعاكس هذه الآية.
نجد تحالفات بينهم وبين الكفار وذلة لهم وهذه التحالفات ضد المؤمنين الآخرين والذين يكونون عليهم أعزة!!!
هنا علامات استفهام كبيرة على المسلمين ان يفهموا ما وراء هذه الآيات ويعملوا بها.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [سورة المائدة : 54]
هجرنا القرآن ففقدنا الاتصال بالله القائل
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [سورة آل عمران : 103]
يأمرنا أن نعتصم بحبله ” القرآن” ولا نتفرق . عندما اعتصم به الصحابة رضوان الله عليهم مع النبي عليه الصلاة والسلام ألف الله بين قلوبهم بنعمته واصبحوا اخوانا .
فاذا تركوه وهجروه تفرقوا وأصبحوا أعداء.
(وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [سورة آل عمران : 105]
لهم عذاب عظيم لانهم تركوا البينات .
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [سورة الفتح : 29]
قلنا أن العامل الأول لتحقيق الفتح من الله تعالى هو الاتصال بالله بذكره ذكرا كثيرا وتسبيحه في القرآن ذي الذكر.
والعامل الثاني اللاعتصام بهذا القرأن ونبذ الخلافات بين المؤمنين ليؤلف الله بين قلوبهم.
” محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم”.
وماذا بعد؟
” تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا”
الاخلاص في العبادة وخاصة في عمود الدين الصلاة.
يركعون ويسجدون ليس ليراهم الناس ولا ليقال عنهم كذا وكذا ولكن يبتغون فضلا من الله ورضوانا يبتغون وجهه هو سبحانه يرضوه ليرضى عنهم.
لماذا اختار ركعا سجدا بالذات؟
لأن الصلاة تفرق بين المنافق والمؤمن.
صلاة المؤمن هكذا
(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [سورة المؤمنون :1- 2]
وصلاة المنافق هكذا
(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا) [سورة النساء : 142]
اولا لا اخلاص يراءون الناس
ثانيا كسالى لا همة ولا محبة
ثالثا اكيد لا خشوع لانهم لا يذكرون الله إلا قليلا
وهذا مرتبط بالعاملين الاول والثاني.
الاول : الاتصال بالله بمعيته بالذكر الكثير .
الثاني: الاعتصام بحبل الله ” القرآن” للوحدة بين المؤمنين
الثالث : الاخلاص في العبادة لله والاتصاف بصفات المؤمنين الذين من صفاتهم الصلاة ابتغاء وجه الله.
لماذا ركز على الصلاة؟
(اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [سورة العنكبوت : 45]
اتلو الوحي ” القرآن” تتحقق اقامة الصلاة فتنهاك عن الفحشاء والمنكر وهذا يضمن رضا الله عنا.
فارتكاب الفواحش من مسببات وقوع العذاب الأدنى في الدنيا لعلنا نرجع إليه.
ومن بين اصناف العذاب الادنى التشتت والتفرق واذاقة كل فريق بأس الفريق الآخر!
(قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ۗ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) [سورة اﻷنعام : 65]
شيعا بمعنى فرق وطوائف أليس هذا هو حال أمة الاسلام؟
واقعون في العذاب لعلنا نفقه ونرجع للاعتصام والتمسك بالقرآن ونلغي عبارة ” فصل الدين عن الدولة”
فالدين والتسبيح وطاعة الله ورسوله سبب في قوة الدولة او فشلها وذهاب ريحها .
(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [سورة اﻷنفال : 46]
“محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا”
ما هي علامتهم ؟
” سيماهم في وجوههم من أثر السجود”
أثر قربهم من الله يظهر على وجوههم.
واكثر ما يكون العبد قربا من ربه هو عند السجود.
(كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ۩) [سورة العلق : 19]
أثر القرب من الله بذكره ذكرا كثيرا يظهر على وجوههم سماحة واشراقة وطيية ونورا ومحبة.
بعكس الشخص العاصي البعيد عن ربه تجد وجهه مظلما قاسيا لا تجد في وجهه الرفق واللين بالضعفاء والمساكين والفقراء.
قد يظهر الرفق واللين ولكن للأغنياء والمترفين ومن هم على شاكلته لمصلحة دنيوية ولكن لأخروية لا.
” سيماهم في وجوههم من أثر السجود “
هذا الأثر تراه في من يقيم الصلاة على وجهها في من يخشع فيها ومن خشع فانما كان أيضا ممن يتلون كتاب الله ويذكرونه قياما وقعودا وعلى جنوبهم.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [سورة يونس : 57]
(….وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا) [سورة النساء : 66]
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)
ووصلنا للعامل الرابع من عوامل حصول الفتح . وهو ما نتبينه في المثل القرآني
(..كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ..)
كزرع أخرج شطئه…
هؤلاء الصحابة كانوا كالفسيلة التي خرجت تحت شجرة .
فالفسيلة آزرت الشجرة والشجرة آزرت الفسيلة .
فالنبي عليه الصلاة والسلام آزر الصحابة الكرام ورباهم على القرآن .
(لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [سورة آل عمران : 164]
وهم آزروه بمساندته في الدعوة ونشرها والقتال في سبيل الله.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [سورة اﻷنفال : 74]
فالحياة تعاون .
” كزرع أخرج شطئه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه “
الصحابة رضوان الله عليهم بدأوا صغارا ضعفاء في الإيمان كالفسيلة والرسول عليه الصلاة والسلام علمهم الكتاب وزكاهم فنموا وكبر ايمانهم وازدادوا عددا وقوة وآزروه ونصروه.
نمو الفسيلة واستواء سوقها واستغلاظها لتكون شجرة يعجب الزراع كما انه يرضي الله سبحانه وتعالى وذلك يغيظ الكفار .
الكافر لا يحب الخير ولا يحب انتشار الدين يريد ان يعيش مرتاحا وفقا لهوى نفسه لذلك يتضايق من تقوية دين الله في اي مكان وزمان.
اذن العامل الرابع هو تعاون بين صاحب دعوة الحق وبين الذين يدعوهم يعلمهم الكتاب والحكمة حتى يرتقي ايمانهم ثم يآزروه بنشر الدعوة يكون كل منهم شجرة لها فسائل تحتها يربيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وهكذا ينتشر الحق.
(وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [سورة سبأ : 6]
وهذا الكتاب هو الحق منزل من الحق سبحانه.
فأي دعوة إلى الله يجب أن تنطلق من هذا الكتاب وهو الأساس لأنه يدعو إلى عبادة الله الواحد الأحد فإذا توجه الكل لواحد أحد توحدوا وانتشر الدين.
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [سورة فصلت : 33]
” وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما”
وعد من الله لكل من آمن وعمل عملا صالحا مقبولا مغفرة منه والأجر العظيم.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.