بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.
{ إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فِی قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِیَّةَ حَمِیَّةَ ٱلۡجَـٰهِلِیَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِینَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ وَكَانُوۤا۟ أَحَقَّ بِهَا وَأَهۡلَهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمࣰا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٢٦]
عندما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة للعمرة أخذت الكافرون الحمية والأنفة فقالوا هؤلاء قتلوا أبناءنا والآن يريدون الدخول علينا فإن دخلوا قالت العرب أنهم دخلوا علينا رغم أنفنا.
ولذلك رفضوا دخولهم ثم أخذتهم الحمية حمية الجاهلية فرفضوا أيضا أن يكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) في صلح الحديبية ورفضوا أن يكتبوا محمد رسول الله.
(إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فِی قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِیَّةَ حَمِیَّةَ ٱلۡجَـٰهِلِیَّةِ)
فكيف واجه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته هذه الحمية؟
(فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِینَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ)
يعلمنا الله عز وجل في هذه الآية تسبيحه في أفعاله فيقول (هو الذي أنزل) فالسكينة لا تنزل وحدها ولا تتكون وحدها وإنما هو فعل الله فهو الذي أنزل السكينة وحده لا شريك له. أنزله عليهم.
(فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِینَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ)
فتحملوا حمية الكفار وجهلهم وعصبيتهم بنفس صابرة ملؤها السكينة وألزمهم كلمة التقوى. وهي كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) فعملوا بمقتضاها أن لا مشرع ولا معبود يطاع إلا الله فأطاعوا الله ورسوله بالهدنة وحلقوا رؤوسهم طاعة له وعادوا من حيث أتوا.
{ إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فِی قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِیَّةَ حَمِیَّةَ ٱلۡجَـٰهِلِیَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِینَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ وَكَانُوۤا۟ أَحَقَّ بِهَا وَأَهۡلَهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمࣰا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٢٦]
ثم مدحهم رب العالمين طاعتهم وإلتزامهم. فالتحكم بالغضب شيء لا يستطيعه إلا القوي الذي يملك نفسه. لقوله صلى الله عليه وسلم : (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب).
لذلك قال عنهم رب العالمين (وَكَانُوۤا۟ أَحَقَّ بِهَا وَأَهۡلَهَاۚ)
هم الأحق بإلتزام كلمة التقوى فهم الذين رضي الله عنهم وهم الذين بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان فهم أهل التقوى والأحق بها.
والأحق بلا إله إلا الله.
فكيف نكون نحن أيضا أحق بكلمة التقوى؟
إذا عملنا بمقتضاها.
عندما هاجرت المؤمنات من مكة إلى المدينة هل بايعهن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بمقتضى لا إله إلا الله؟ بلى لقد وضح لهن على ماذا يبايعهن للدخول في دينه.
{ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ إِذَا جَاۤءَكَ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتُ یُبَایِعۡنَكَ عَلَىٰۤ أَن لَّا یُشۡرِكۡنَ بِٱللَّهِ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَسۡرِقۡنَ وَلَا یَزۡنِینَ وَلَا یَقۡتُلۡنَ أَوۡلَـٰدَهُنَّ وَلَا یَأۡتِینَ بِبُهۡتَـٰنࣲ یَفۡتَرِینَهُۥ بَیۡنَ أَیۡدِیهِنَّ وَأَرۡجُلِهِنَّ وَلَا یَعۡصِینَكَ فِی مَعۡرُوفࣲ فَبَایِعۡهُنَّ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُنَّ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ }
[سُورَةُ المُمۡتَحنَةِ: ١٢]
ونحن أيضا صحيح أننا ولدنا مسلمين ولكن نحن الآن بالغين فهل الإسلام مازال خيارنا؟ إذن لابد أن نوافق على بنود المبايعة أيضا وبذلك نكون أهل لها وأحق بها من الكفار أما إن كنا نسرق ونزني ونقذف الأعراض وناتي ببهتان وننشره وكذلك نعصي الله ورسوله فما الفرق في تصرفاتنا؟
نسأل الله إيمانا حقيقيا فالله بكل شي عليم. عليم بما نفعله سرا وجهرا وعليم بما نقول سرا وجهرا وعليم بما نرى سرا وجهرا وعليم بما في الصدور.
{ إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فِی قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِیَّةَ حَمِیَّةَ ٱلۡجَـٰهِلِیَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِینَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ وَكَانُوۤا۟ أَحَقَّ بِهَا وَأَهۡلَهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمࣰا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٢٦]
سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك