تدبر سورة الفتح الآية ٢٥

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.

قد يكون تأخر الفتح لسبب يعلمه الله ولا نعلمه. كما حدث في فتح مكة. وكما بينته الآية التالية:

{ هُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَصَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡهَدۡیَ مَعۡكُوفًا أَن یَبۡلُغَ مَحِلَّهُۥۚ وَلَوۡلَا رِجَالࣱ مُّؤۡمِنُونَ وَنِسَاۤءࣱ مُّؤۡمِنَـٰتࣱ لَّمۡ تَعۡلَمُوهُمۡ أَن تَطَـُٔوهُمۡ فَتُصِیبَكُم مِّنۡهُم مَّعَرَّةُۢ بِغَیۡرِ عِلۡمࣲۖ لِّیُدۡخِلَ ٱللَّهُ فِی رَحۡمَتِهِۦ مَن یَشَاۤءُۚ لَوۡ تَزَیَّلُوا۟ لَعَذَّبۡنَا ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِیمًا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٢٥]

(هُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَصَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡهَدۡیَ مَعۡكُوفًا أَن یَبۡلُغَ مَحِلَّهُۥۚ)

يبين الله سوء سلوك الكفار وظلمهم حين منعوا الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من دخول الحرم ونحره الهدي هناك بعد الحج حيث كان خروجه في أشهر الحج فصدوهم عن المسجد الحرام. وهذا من أشد أنواع الظلم كان قال الله تعالى:

{ وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَـٰجِدَ ٱللَّهِ أَن یُذۡكَرَ فِیهَا ٱسۡمُهُۥ وَسَعَىٰ فِی خَرَابِهَاۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ مَا كَانَ لَهُمۡ أَن یَدۡخُلُوهَاۤ إِلَّا خَاۤىِٕفِینَۚ لَهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا خِزۡیࣱ وَلَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمࣱ }
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ١١٤]

وليس أسوأ حالا من أن يتسلط غير المسلمين على أهم مسجد لهم وهو المسجد الحرام. ويمنعوهم من أداء خامس ركن من أركان دينهم. ونحن في هذا الزمن تسلط علينا اليهود الغاصبين وتسلطوا على أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين يتحكمون في من يدخله ومن يمنع من دخوله وهذا ظلم كبير يقع فيه اخواننا المسلمين في أرض بيت المقدس.

{ هُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَصَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡهَدۡیَ مَعۡكُوفًا أَن یَبۡلُغَ مَحِلَّهُۥۚ وَلَوۡلَا رِجَالࣱ مُّؤۡمِنُونَ وَنِسَاۤءࣱ مُّؤۡمِنَـٰتࣱ لَّمۡ تَعۡلَمُوهُمۡ أَن تَطَـُٔوهُمۡ فَتُصِیبَكُم مِّنۡهُم مَّعَرَّةُۢ بِغَیۡرِ عِلۡمࣲۖ لِّیُدۡخِلَ ٱللَّهُ فِی رَحۡمَتِهِۦ مَن یَشَاۤءُۚ لَوۡ تَزَیَّلُوا۟ لَعَذَّبۡنَا ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِیمًا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٢٥]

ثم بين لنا سبب تأخر الفتح ولماذا أذن الله بصلح الحديبية وعدم دخول المسلمين إلى مكة في ذلك العام وهو:
(وَلَوۡلَا رِجَالࣱ مُّؤۡمِنُونَ وَنِسَاۤءࣱ مُّؤۡمِنَـٰتࣱ لَّمۡ تَعۡلَمُوهُمۡ أَن تَطَـُٔوهُمۡ فَتُصِیبَكُم مِّنۡهُم مَّعَرَّةُۢ بِغَیۡرِ عِلۡمࣲۖ)

كان هناك في مكة رجال مستضعفون لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ونساء ضعيفات لم يتمكنوا لا من الهجرة إلى المدينة ولا من الإفصاح عن إيمانهم فكانوا يخفونه ويكتمونه خوفا من بطش الكفار بهم.

ولذلك لو دخل عليهم المسلمين للقتال لوقعوا في قتل أنفس مؤمنة بريئة بغير علم ولوقعوا في إثم عظيم وعيب كبير.

فكان التأجيل رحمة بالذين كتموا إيمانهم ليشملهم الله بالحفظ والرحمة.

(لِّیُدۡخِلَ ٱللَّهُ فِی رَحۡمَتِهِۦ مَن یَشَاۤءُۚ)

وما زاد الأمر هو أن أؤلئك المؤمنون والمؤمنات يخالطون الكفار في البيوت والطرقات فلو أنهم كانوا قد انفصلوا عنهم أو أبعدوا أنفسهم بعيدا عن مكة لتمكن المؤمنون وقتها من الدخول.

(لَوۡ تَزَیَّلُوا۟ لَعَذَّبۡنَا ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِیمً)

سبحان الله وربما يكون هذا نفسه سبب تأخر الفتح في أرض المقدس حيث أن المسلمون قد خالطوا الكفار في القرى والمدن ونفس البنايات والأسواق فأصبح من الصعب للمسلمين قتال الكفار خوفا من أن يقعوا في قتل المستضعفين من الرجال والنساء المسلمين والمسلمات..

{ هُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَصَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡهَدۡیَ مَعۡكُوفًا أَن یَبۡلُغَ مَحِلَّهُۥۚ وَلَوۡلَا رِجَالࣱ مُّؤۡمِنُونَ وَنِسَاۤءࣱ مُّؤۡمِنَـٰتࣱ لَّمۡ تَعۡلَمُوهُمۡ أَن تَطَـُٔوهُمۡ فَتُصِیبَكُم مِّنۡهُم مَّعَرَّةُۢ بِغَیۡرِ عِلۡمࣲۖ لِّیُدۡخِلَ ٱللَّهُ فِی رَحۡمَتِهِۦ مَن یَشَاۤءُۚ لَوۡ تَزَیَّلُوا۟ لَعَذَّبۡنَا ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِیمًا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٢٥]

وربما كان يستغرب البعض في العام الفائت عندما كان قائد المسلمين يعلن أين سيطلق صواريخه وفي أي ساعة بالضبط وسخر المنافقون وقالوا من الذي يخبر عدوه بساعة الهجوم عليه والمكان ولكن لم يتفطنوا أنه كان يبرئ ذمته تجاه المسلمين هناك ليزيلوا بعيدا عن تلك المناطق حتى يتمكن من قتال الكفار.

يا الله نسألك نصرا قريبا وفتحا مبينا.

سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *