بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.
{ سُنَّةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِی قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِیلࣰا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٢٣]
(سنة الله) بمعنى قانون الله وهو ثابت عادل لا يتغير ولا يتبدل.
وجاء مثل هذه الآية لتأكيد هذا المعنى في عدة سور مثل:
{ مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِیِّ مِنۡ حَرَجࣲ فِیمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُۥۖ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِی ٱلَّذِینَ خَلَوۡا۟ مِن قَبۡلُۚ وَكَانَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قَدَرࣰا مَّقۡدُورًا }
[سُورَةُ الأَحۡزَابِ: ٣٨]
{ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِی ٱلَّذِینَ خَلَوۡا۟ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِیلࣰا }
[سُورَةُ الأَحۡزَابِ: ٦٢]
{ ٱسۡتِكۡبَارࣰا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَمَكۡرَ ٱلسَّیِّىِٕۚ وَلَا یَحِیقُ ٱلۡمَكۡرُ ٱلسَّیِّئُ إِلَّا بِأَهۡلِهِۦۚ فَهَلۡ یَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ ٱلۡأَوَّلِینَۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبۡدِیلࣰاۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحۡوِیلًا }
[سُورَةُ فَاطِرٍ: ٤٣]
{ فَلَمۡ یَكُ یَنفَعُهُمۡ إِیمَـٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡا۟ بَأۡسَنَاۖ سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِی قَدۡ خَلَتۡ فِی عِبَادِهِۦۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ }
[سُورَةُ غَافِرٍ: ٨٥]
وقد جاءت في سورة الفتح لتبين سنة الله في تحقيق النصر للمؤمنين في كل زمان ومكان.
{ سُنَّةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِی قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِیلࣰا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٢٣]
(سنة الله التي قد خلت من قبل)
وهي سنة ثابتة ليس فقط في أمة محمد صلى الله عليه وسلم وإنما في الأمم السابقة.
فلو بحثنا في القصص القرآنية لوجدنا أمثلة :
منها قصة طالوت وجالوت.
على كثرة عدد بني اسرائيل الذين سألوا نبيهن ملكا يقاتلون تحت لوائه.
{ أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلۡمَلَإِ مِنۢ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰۤ إِذۡ قَالُوا۟ لِنَبِیࣲّ لَّهُمُ ٱبۡعَثۡ لَنَا مَلِكࣰا نُّقَـٰتِلۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۖ قَالَ هَلۡ عَسَیۡتُمۡ إِن كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ أَلَّا تُقَـٰتِلُوا۟ۖ قَالُوا۟ وَمَا لَنَاۤ أَلَّا نُقَـٰتِلَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَقَدۡ أُخۡرِجۡنَا مِن دِیَـٰرِنَا وَأَبۡنَاۤىِٕنَاۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ تَوَلَّوۡا۟ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّنۡهُمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِیمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِینَ)
ولان نية أغلبهم كانت الغنائم أو الإنتقام تخلفوا مباشرة بعد الإختيار لملك مقتدر سيقودهم لمعركة النصر!
وهكذا تخلص المؤمنين من المنافقين الذين تخلفوا فلم يوضعوا خلالهم ولم يسمع لهم المؤمنين الصادقين.
فهل النصر كان للجميع؟ لا!
وإنما فقط للقلة المؤمنة التي صمدت أمام جميع الاختبارات التي غربلت وأخرجت من صفوفهم فئة المخلفين المنافقين.
{ وَلَمَّا بَرَزُوا۟ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُوا۟ رَبَّنَاۤ أَفۡرِغۡ عَلَیۡنَا صَبۡرࣰا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ (٢٥٠) فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ وَءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَهُۥ مِمَّا یَشَاۤءُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضࣲ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ (٢٥١) }
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢٥٠-٢٥١]
هذا في الأمم التي خلت من قبل وفي أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رأينا ما حدث مع القلة في غزوة بدر ومع القلة في غزوة الأحزاب.
وبعده اتبعهم المؤمنون بإحسان خلال الألف وأربعمائة عام هجري.
فرأينا الانتصارات في عهد عمر بن الخطاب ومحمد الفاتح وصلاح الدين الأيوبي وقطز وبيبرس وعثمان بن أرطغرل وغيرهم الكثير ممن رزقهم الله النصر والعلو والرفعة وما طالبان وغزة عنا ببعيد لأن النية كانت لله وحده لا شريك له ولتكون كلمة الله هي العليا.
نسأل الله الإخلاص والنصر على الأعداء والشهادة في سبيله.
سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.