تدبر سورة الفتح الآية ١٢

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.

في آية الدرس السابق ذكر لنا الله العذر الذي استخدمه المخلفون من الأعراب وهو أنهم شغلتهم أموالهم وأهاليهم. وفضحهم الله وقال بأن عذرهم غير صحيح وأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.

{ سَیَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَاۤ أَمۡوَ ٰ⁠لُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ یَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَیۡسَ فِی قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن یَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَیۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرَۢا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ١١]

فما هو الذي كان في قلوبهم وعلمه الله العليم بذات الصدور؟

{ بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن یَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰۤ أَهۡلِیهِمۡ أَبَدࣰا وَزُیِّنَ ذَ ٰ⁠لِكَ فِی قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورࣰا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ١٢]

ظنوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه سيقتلون ولن يرجعوا
(بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن یَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰۤ أَهۡلِیهِمۡ أَبَدࣰا)

لذلك يقول لهم المؤمنون يوم القيامة عندنا يسألوهم (ألم نكن معكم) يردون عليهم ب (بلى ولكنكم ارتبتم وتربصتم وغرتكم الأماني) وهذا هو حالهم دوما.

نجد المنافقون يتربصون بالمؤمنين. هم يدعون أنهم مؤمنين ولكنهم ينتظرون ويتربصون بهم الدوائر ويتمنون موتهم ليعيشوا حياة الفسق كما يحبون.

{ یُنَادُونَهُمۡ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡۖ قَالُوا۟ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمۡ فَتَنتُمۡ أَنفُسَكُمۡ وَتَرَبَّصۡتُمۡ وَٱرۡتَبۡتُمۡ وَغَرَّتۡكُمُ ٱلۡأَمَانِیُّ حَتَّىٰ جَاۤءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ }
[سُورَةُ الحَدِيدِ: ١٤]

وكذلك نرى في زمننا هذا كيف أن الفساق المنافقين يتمنون زوال المؤمنين من الأرض ليفعلوا ما يحلوا لهم بل وقد يتعاونون مع اليهود والنصارى والمشركين لفعل ذلك كما فعل منافقوا المدينة المنورة سابقا فهم لا يختلفون في كل زمان ومكان.

وكان مناسبا لهم أن لا ينقلب الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى أهلهم ابدا وزين لهم الشيطان ذلك فرأوه حسنا
(وزين ذلك في قلوبهم)

من شدة بغضهم للمؤمنين.
وبغضهم هذا من بغضهم للحق واتباع الحق.
وهذا التمني والظن انهم لن يرجعوا أحياء من سوء الظن بالله وبقدرته وبنصره للمؤمنين.

لذلك قال عنهم :
(وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ) وهل هناك أسوأ من أن يسيء المرء الظن بربه؟

وأضاف في آخر الآية (وكنتم قوما بورا)

الأرض البور هي الأرض التي لا تنفع ولا تنتج. والمرأة البور هي التي لا تنجب.
أما المنافقون البور فهم لا نفع منهم ولا فائدة ترجى منهم.
كالأرض البور.
وكلما زاد عددهم في الأمة كلما أصبحت الأمة بورا.
أي أمة لا تنتج
لا تأكل مما تزرع.
ولا تلبس مما تنسج
ولا تصنع أسلحتها
ولا تستطيع الدفاع عن نفسها
ولا تصنع احتياجاتها.

تلك هي الأمة البور التي تمتلئ بالمخلفين الذين يظنون بالله ظن السوء وأنه لن ينصرهم إن قاموا وفتحوا لذلك هي أمة مخذولة.

نسأل الله إيمان صادقا ينتشلنا من حالة الخذلان التي وقعنا بها وجعلتنا كالأرض البور.

سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *