بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.
{ إِنَّاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ شَـٰهِدࣰا وَمُبَشِّرࣰا وَنَذِیرࣰا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٨]
إنا: نون العظمة يليها فعل من أفعال الله
أرسلناك: أيضا بنون العظمة.
قال بعض العلماء أن استخدام نون العظمة في أفعال الله يقصد به كل أسماء الله الحسنى.
بمعنى الذي أرسل هو الله الرحمن الرحيم العليم الحكيم الخبير والجبار القهار وجميع الأسماء الأخرى وهنا نفهم أهمية هذا الفعل من أفعال الله عز وجل.
(إنا أرسلناك) هو الله الذي أرسل بمعنى كل ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام هو رسالة من الله قام بتبليغها على أكمل وجه.
{ إِنَّاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ شَـٰهِدࣰا وَمُبَشِّرࣰا وَنَذِیرࣰا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٨]
ثم بين له ولنا وظيفته كرسول في ثلاث كلمات:
(شاهدا) يشهد علينا هل استلمنا الرسالة وهل كانت بينة واضحة وهل قبلناها ام كذبناها وهل عملنا بها أم تركناها وراء ظهورنا وهل عظمنا تلك الرسالة تعظيما لمرسلها وهو الله العظيم.
(ومبشرا) هل بشر المؤمنين برضا الله وبالجنات هل أوصل لهم صفات الله مثل الرحمة والمغفرة والكرم؟
(ونذيرا) هل حذرهم من سخط الله وغضبه وهل حذرهم من جهنم وهل أنذرهم من الله المنتقم من الظالمين.
{ إِنَّاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ شَـٰهِدࣰا وَمُبَشِّرࣰا وَنَذِیرࣰا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٨]
ثم بين لنا واجبنا تجاه الرسول عليه الصلاة والسلام.
{ لِّتُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُۚ وَتُسَبِّحُوهُ بُكۡرَةࣰ وَأَصِیلًا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٩]
وأول واجب علينا هو :
(لتؤمنوا بالله ورسوله)
فهل إيماننا صادق؟
بمعنى هل امتلأت قلوبنا به حتى فاضت على الجوارح عملا به.
هل إيماننا بالرسول عليه الصلاة والسلام وصل حد الإيمان برسالته وانها من الله؟
هل وصل إيماننا بالرسول أننا عظمنا ما جاء به من رسالة من الله بحيث عظمنا كل كلمة وكل حرف فيه وعملنا بكل ما جاء به في رسالته؟
{ لِّتُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُۚ وَتُسَبِّحُوهُ بُكۡرَةࣰ وَأَصِیلًا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٩]
(وتعزروه) هل عزرناه؟
أم حجتنا أنه ليس بيننا؟
ما معنى تعزروه؟
أي تعينوه وتنصروه.
فكيف نعينه وننصره وهو ليس بيننا؟
بذات الطريقة التي اعانوه ونصروه الصحابة عندما كان بينهم!
أن ننشر الرسالة وأن نعلم الناس وأن نبلغ الآيات ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونعلم الناس سنته وأن ننصره ممن يريدون بسمعته وسيرته وعرضه وسنته سوءا.
فكم من المرات أرادوا السخرية منه والإستهزاء به والنيل من عرضه وشرفه وتكذيب سنته فهل نصرته؟ وهل دافعت عنه؟ وهل جاهدت لتوضح الحقيقة؟
بل هل فعلت أي شيء تجاه هذا الأمر؟
{ لِّتُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُۚ وَتُسَبِّحُوهُ بُكۡرَةࣰ وَأَصِیلًا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٩]
(وتوقروه) أي تعظموه من تعظيم من أرسله وتعطوه الإحترام والتقدير والتفخيم فهو رسول رب عظيم.
فهل عظمناه بقلوبنا وهل ربينا أبناءنا على ذلك وهل علمنا من حولنا بذلك. هل تصلي عليه كلما جاء ذكره؟ هل تتحدث عنه بتعظيم؟ هل تصمت عندما يتحدث أحد ما عنه بسوء أم تدافع عنه؟
{ لِّتُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُۚ وَتُسَبِّحُوهُ بُكۡرَةࣰ وَأَصِیلًا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ٩]
(وتسبحوه بكرة وأصيلا) هل نسبح الله في وقتي البكرة (الفجر) والأصيل (العصر)؟
هل أدينا حق الله في هذا أم نحن في غفلة عنه؟
لاحظوا معي أنه بعد الإيمان بالله ورسوله وتعظيمه جاء التسبيح بكرة وأصيلا مما يدل على أهمية هذا التسبيح في هذا الوقت بالذات. ولا يقوم به إلا مؤمن إيمانا صحيحا.
ولاحظوا أنه جاء في سورة الفتح وكأن الله يفتح للمسبحين الذاكرين الله كثيرا والذاكرات.
و التسبيح في هذين الوقتين جاء ذكرهم في آيات كثيرة وهذا لأهمية هذا الفعل فالذكر الكثير وخاصة في هذين الوقتين يفرقان بين الناس. فالله سبحانه وتعالى اختار المسبحين في هذين الوقتين ليصاحبهم الرسول صلى الله عليه وسلم ويكونوا صحبته لتميزهم عن غيرهم. بل وأمره أن لا يتركهم أبدا.
{ وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِیِّ یُرِیدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ عَیۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِیدُ زِینَةَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطࣰا }
[سُورَةُ الكَهۡفِ: ٢٨]
بل ودافع عنهم وأمره أن لا يطردهم من مجلسه أبدا.
{ وَلَا تَطۡرُدِ ٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِیِّ یُرِیدُونَ وَجۡهَهُۥۖ مَا عَلَیۡكَ مِنۡ حِسَابِهِم مِّن شَیۡءࣲ وَمَا مِنۡ حِسَابِكَ عَلَیۡهِم مِّن شَیۡءࣲ فَتَطۡرُدَهُمۡ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ }
[سُورَةُ الأَنۡعَامِ: ٥٢]
هؤلاء هم المسبحين لله بكرة وأصيلا لهم ذكرهم عند ربهم بل ويصلي الله عليهم وملائكته.
{ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ ذِكۡرࣰا كَثِیرࣰا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكۡرَةࣰ وَأَصِیلًا (٤٢) هُوَ ٱلَّذِی یُصَلِّی عَلَیۡكُمۡ وَمَلَـٰۤىِٕكَتُهُۥ لِیُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَكَانَ بِٱلۡمُؤۡمِنِینَ رَحِیمࣰا (٤٣) }
[سُورَةُ الأَحۡزَابِ: ٤١-٤٣]
نسأل الله أن يرزقنا الإيمان الحق والتسبيح بكرة وأصيلا.
سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.