بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.
{ قُل لِّلۡمُخَلَّفِینَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ سَتُدۡعَوۡنَ إِلَىٰ قَوۡمٍ أُو۟لِی بَأۡسࣲ شَدِیدࣲ تُقَـٰتِلُونَهُمۡ أَوۡ یُسۡلِمُونَۖ فَإِن تُطِیعُوا۟ یُؤۡتِكُمُ ٱللَّهُ أَجۡرًا حَسَنࣰاۖ وَإِن تَتَوَلَّوۡا۟ كَمَا تَوَلَّیۡتُم مِّن قَبۡلُ یُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِیمࣰا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ١٦]
في الآية السابقة ذكر الله عقوبة للمخلفين من الأعراب وهي أنهم لا يسمح لهم بالخروج مع المؤمنين إذا كان الخروج للحصول على غنائم بلا غزو..
وهذه الآية تعطيهم فرصة للسماح ولها شرط!
{ قُل لِّلۡمُخَلَّفِینَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ سَتُدۡعَوۡنَ إِلَىٰ قَوۡمٍ أُو۟لِی بَأۡسࣲ شَدِیدࣲ تُقَـٰتِلُونَهُمۡ أَوۡ یُسۡلِمُونَۖ فَإِن تُطِیعُوا۟ یُؤۡتِكُمُ ٱللَّهُ أَجۡرًا حَسَنࣰاۖ وَإِن تَتَوَلَّوۡا۟ كَمَا تَوَلَّیۡتُم مِّن قَبۡلُ یُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِیمࣰا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ١٦]
(قل للمخلفين من الأعراب) وهو حكم الله عليهم وأمر الرسول عليه الصلاة والسلام أن يقول لهم هذا الحكم.
(سَتُدۡعَوۡنَ إِلَىٰ قَوۡمٍ أُو۟لِی بَأۡسࣲ شَدِیدࣲ تُقَـٰتِلُونَهُمۡ أَوۡ یُسۡلِمُونَۖ)
وهذه أيضا آية من آيات الله العظيمة إذ علم الله السابق بما سيكون أنهم سيتعرضون لقتال قوم أولي قوة في المستقبل وقد حصل. والقتال سيكون على أساس إما أن يقتلوهم أو يسلموا.
بمعنى التكفير عن ذنب التخلف عن رحلة تخلفوا عنها ظنا بأن من فيها سيقتلون ولن يعودوا أبدا هو أن يخرجوا في غزوة قوية قد لا يعودوا منها أبدا ليرى الله صدق إيمانهم وحسن ظنهم بالله أن قادر على نصر المؤمنين وبهذا يكونون قد خرجوا من دائرة النفاق والريب في إيمانهم بالله وبرسوله.
{ قُل لِّلۡمُخَلَّفِینَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ سَتُدۡعَوۡنَ إِلَىٰ قَوۡمٍ أُو۟لِی بَأۡسࣲ شَدِیدࣲ تُقَـٰتِلُونَهُمۡ أَوۡ یُسۡلِمُونَۖ فَإِن تُطِیعُوا۟ یُؤۡتِكُمُ ٱللَّهُ أَجۡرًا حَسَنࣰاۖ وَإِن تَتَوَلَّوۡا۟ كَمَا تَوَلَّیۡتُم مِّن قَبۡلُ یُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِیمࣰا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ١٦]
(فَإِن تُطِیعُوا۟ یُؤۡتِكُمُ ٱللَّهُ أَجۡرًا حَسَنࣰاۖ وَإِن تَتَوَلَّوۡا۟ كَمَا تَوَلَّیۡتُم مِّن قَبۡلُ یُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِیمࣰا)
فإن أطاعوا الله ورسوله وخرجوا مع المؤمنين وكفروا عن ذنبهم وسوء ظنهم بالله فسيؤتيهم الله أجرا حسنا. ولكن إن تخلفوا للمرة الثانية ورفضوا الخروج من النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته فقد أثبتوا نفاقهم وبهذا سيعذبهم عذابا أليما.
ولكن هل هذا لجميع المخلفين؟
فالله رحيم بعباده وجعل لعباده عذرا لفئات لا يستطيعون الخروج لإعاقة أو مرض ألم بهم.
{ لَّیۡسَ عَلَى ٱلۡأَعۡمَىٰ حَرَجࣱ وَلَا عَلَى ٱلۡأَعۡرَجِ حَرَجࣱ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرِیضِ حَرَجࣱۗ وَمَن یُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ یُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُۖ وَمَن یَتَوَلَّ یُعَذِّبۡهُ عَذَابًا أَلِیمࣰا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ١٧]
فالأعمى لا حرج عليه إن تخلف عن القتال.
والأعرج لا حرج عليه إن تخلف عن القتال
والمريض لا حرج عليه إن تخلف عن القتال.
فالحرج كل الحرج فيمن اعتذر بانشغاله بماله وأهله قولا باللسان. والله عليم بعباده وبما في صدورهم.
{ لَّیۡسَ عَلَى ٱلۡأَعۡمَىٰ حَرَجࣱ وَلَا عَلَى ٱلۡأَعۡرَجِ حَرَجࣱ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرِیضِ حَرَجࣱۗ وَمَن یُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ یُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُۖ وَمَن یَتَوَلَّ یُعَذِّبۡهُ عَذَابًا أَلِیمࣰا }
[سُورَةُ الفَتۡحِ: ١٧]
(ومن يطع الله ورسوله) يطيعهم في كل أمر ولو كان هذا الأمر أن يخرج لقتال قوم أولي بأس شديد…
فما هو جزاء الطائعين؟
{.. وَمَن یُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ یُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُۖ)
الطائع لله وللرسول جزاءه جنات وليس جنة أنهارها تجري من تحتها.
فالمؤمن الحقيقي يؤمن بالغيب ويدرك أن الدنيا فانية وأن الموت لن يأتي قبل انقضاء الأجل مهما فعل ومهما فعلوا به. لن يموت انسان إلا إن حان أجله. فالقتال لا يقصر عمرا والجبن لا يطيله.
ويؤمن بأن الجزاء حق وأن الجنة حق وأنه إن استشهد فهو منتقل من دار فناء إلى دار عز وخلود.
ولن يطيع الأمر إلا مؤمن ومن يرفض فما هو إلا منافق امتلأ قلبه شكا وريبا وسوء ظن بالله وبموعود الله ولا يستحق إلا العذاب الأليم.
(وَمَن یَتَوَلَّ یُعَذِّبۡهُ عَذَابًا أَلِیمࣰا)
هذا تربى الصحابة ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين لذلك الفتوحات كانت لهم. وإن آمنا مثلهم وأحسنا الظن بالله فسيفتح الله لنا المشرق والمغرب
سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.