تدبر سورة الحج 70-74
بسم الله الرحمن الرحيم. وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم . اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي . رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
(وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا)
[سورة اﻹسراء 74 – 75]
(لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ ۚ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُسْتَقِيمٍ * وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ)
[سورة الحج 67 – 68]
فإن جادلونا في شيء نرد عليهم بقول الله أعلم بما تعملون. نرد أمرهم لله هو أعلم بما يصنعون وهو الخبير العليم.
هم يعلمون أيضا أفعالهم ويعلمون مخالفاتهم لدينهم ويعلمون كم تركوا من عباداتهم وكم حافظوا ويعلمون واجباتهم.
لكم دينكم ولي دين!
والله وحده سبحانه يحكم بينهم وبيننا في ما كنا نختلف فيه. فإن كان هذا حالنا مع الأمم الأخرى
ففي الحج من باب أولى أن نترك الجدال والأمور الخلافية. الجدال محرم في الحج.
ليس الحج مكانا له لا نتدخل في مذاهب الآخرين وعقائدهم وكل شيء خلافي
ولنتذكر أن الحوار في الخلافات لن يجلب إلا الجدال والحج لا جدال فيه فلا تضيع حجك ولا تعرضه للإحباط بالجدال.
فيوم القيامة يوم يحكم الله فيه بين المتنازعين والمختلفين في ما اختلفوا فيه فلا تحكم على الناس في دينهم . لست المحيط ولا الخبير ولا العليم ولا السميع ولا البصير.
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ إِنَّ ذَٰلِكَ فِي كِتَابٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ ۗ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ)
[سورة الحج 70 – 71]
ما أكثر ما يعبده الناس ويظلمون أنفسهم ويذلون أنفسهم لمن هم دون الله ولا يجدون من ذلك إلا الهوان والفشل.
لا يؤمن أكثر الناس بالله إلا وهم مشركون.
(وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ)
[سورة يوسف 106]
كل يعبد شيئا أو أحدا .فمنهم من يعبد هوى نفسه ومنهم من يعبد زوجه ومنهم من يعبد رب عمله ومنهم من يعبد وليا أو قبرا ومنهم من يعبد عالما أو والدا . بمعنى يطيعون أوامرهم في معصية الله
هذا من غير عبادة المخلوقات والأوثان .
سبحان الله عما يشركون.
(إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)
[سورة النساء 116]
(وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ ۖ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۗ قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰلِكُمُ ۗ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)
[سورة الحج 72]
من شدة ضلالهم هؤلاء الذين أشركوا مع الله ما يعبدونهم. إذا تليت عليهم آيات ربهم. آيات واضحة بينة يتضايقون وينكرون الآيات حتى أنهم يكادون أن يهجموا على من يتلو عليهم هذه الآيات
يكادون يسطون عليه وينسون أن هذه الآيات من عند ربهم وإنما هو مذكر لهم
(فذكر إنما أنت مذكر) .
وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة فهذا من حسن اتباعك لنبيك محمد صلى الله عليه وسلم .
تعرض للمضايقات ولم يصده ذلك بل زاده عزيمة وقوة وإرادة
والتبليغ بالآيات هذه الآيام أصبح من أسهل ما يكون بوسائل الإتصال هذه وشبكات الإنترنت والتواصل الإجتماعي.
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
[سورة آل عمران 31]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ)
[سورة الحج 73]
نداء من الرحمن فاستمعوا له إخوتي هذا النداء ليس للمسلمين فقط وليس للمؤمنين فقط إنه لجميع الناس .
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ)
[سورة الحج 73]
يضرب الله مثلا هنا بعد أن تكلم عن ما يعبد الناس من دون الله سواء أوثانا أو أزواجا أو أرباب عمل أو …
يخبرهم أن كل هؤلاء الذين تدعونهم من دوني وتريدون وترجون منهم النفع أو السعادة أو المال كل هؤلاء لن يستطيعوا خلق ذبابة
سبحان الله هذا الخلق الصغير والذي يحوم حول القذارة ويزعج الناس ضرب الله به المثل أن حتى هذا الخلق الصغير الذي تتقذرون منه وتستصغرونه لن تستطيعوا خلقه أبدا ولو اجتمعتم عليه.
تذكرون أن النداء كان للناس في بداية الآية لذلك هو يقول أنتم يا جميع الناس الذين خلقتهم لو اجتمعتم في محاولة خلق الذبابة فلن تستطيعوا.
وحتى هذا الخلق الصغير الذي تستصغرونه وتتقذرون منه إن سلب منكم شيئا فلن تستطيعوا أن تستنقذوه منه.
لاحظوا أن الله عز وجل يعطيهم مثلا والله دائما يعطي أمثالا في الصميم .
ركزوا معي هؤلاء الذين تركوا الله الكبير ولم يلجأوا إليه بالدعاء وذهبوا لخلق صغير ضعيف من البشر لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا.
هذا الإنسان الذي يعتبر نفسه كبيرا وذكيا إذا لجأ إلى خلق ضعيف صغير كالذباب أولا هو لا يستطيع أن يخلقه كما خلق الله الشخص الذي يدعونه من دون الله ويعتبرونه كبيرا ومهما.
وهذا الضعيف إذا سلب منكم شيئا لا تستنقذوه أبدا . كذلك الذي تدعونه من دون الله إذا استنقذتم به لا يملك لكم ضرا ولا نفعا ضعف الطالب والمطلوب
الطالب هو الإنسان والمطلوب هو ممن تعبدونه من دون الله.
وكذلك في المثل الطالب هو الإنسان والمطلوب هو ما سلبه الذباب
جميعهم ضعفاء والله هو القوي القدير
لا أحد سيحل مشاكلك ولا أحد سيرزقك ولا أحد سينقذك ولا أحد سيشفيك إلا الله ومن دونه ضعفاء فكيف يطلب الضعيف من الضعيف؟!
(مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)
[سورة الحج 74]
هؤلاء الذين يلجأون للضعفاء لم يعرفوا قدر الله ولم يقدروه كما ينبغي له والله هو القوي. يتركون القوي ويذهبون للضعفاء . سبحان الله هو العزيز فمن طلب العزة من غير الله أذله ويطلب من البشر ولا يعطوه واذا أعطوه أذلوه
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك و نتوب إليك