بسم الله الرحمن الرحيم، وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
(وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ)
[سورة الحج 58 – 59]
عليم بنيتهم وحليم بمن عصاه إلى وقت معلوم.
كثير من الحجاج قديما قبل زمن تأشيرات السفر والجوازات والحدود كانوا إذا جاؤوا إلى الحج واطمأنت قلوبهم وشعروا بأن قربهم من البيت الحرام يعينهم على الطاعة كانوا لا يعودون لبلدانهم ويتوطنونها. لذلك كان الحجاج إذا نووا الحج سلموا على أرحامهم وودعوهم وداع من لا يضمن رؤيتهم مرة أخرى وطلبوا منهم السماح لأنهم لا يعلمون هل يعودون أم لا.
(ذَٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ)
[سورة الحج 60]
الآية التي قبلها ختمها الله عز وجل باسمه الحليم، والمؤمن كلما اقترب من ربه أكثر أحب أن يتصف ببعض صفاته مثل الحلم. فالله ذكر الحلم أولا ثم ذكر المهاجرين بما لقوه في بلدانهم من ظلم ومنع من عبادة الله كما يشتهون فإنه إذا عاقبهم بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه مرة أخرى فإن الله ينصره لأن الله يدافع عن الذين آمنوا.
ثم يختمها باسميه العفو والغفور. سبحانه سمو في التعامل ما مثله سمو يذكر أسمائه الحليم والعفو والغفور في مواضع يبين أنه من حقك أن تأخذ حقك وأن ينصرك الله ولكن المؤمن فقط هو من لن تفوته هذه الصفات التي ذكرها وسيحب أن يتصف بها مع من ظلمه.
(ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)
[سورة الحج 61]
(والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى)
بعد الظلم يأتي النصر لا تحزن يا مظلوم. وفي عز جبروت الظالم سيأتيه الانتقام.
لأن الله سميع بصير قد سمع شكواك وسمع ظلمهم وأبصركما معا وأن الله على نصر المؤمنين لقدير.
(ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ)
[سورة الحج 62]
ما دمت مع الحق وعلى الحق فالله معك وما داموا مع الباطل فالعلي الكبير عليهم وضدهم.
لا تقل أنا ضعيف ولكن قل ربي عظيم♡
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ۗ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)
[سورة الحج 63]
يا الله! الأمل بالله بإمكانه أن ينزل الماء لتخضر الأرض ويحييها بعد موتها. وكذلك بإمكانه أن ينزل رحماته ليحيي الأمل في قلوب المظلومين.
لطيف خبير♡
لطيف بعباده خبير لا أحد يعرفك كما يعرفك ربك سبحانه
يعلم حالك ويعلم سرك ونجواك يعلم ما ينفعك وما يصلح لك وما يناسب روحك فيعطيك الحل الأمثل الذي لن تعرفه بعقلك القاصر لذلك المؤمن متوكل على الله يترك الاختيار لله لأنه يعلم أن الله خبير وسيختار الأفضل
المرأة قد تستعين بخبيرة التجميل لتخبرها ما يصلح لوجهها من مواد ومن ألوان ومن أدوات. والمزارع يستعين بخبير زراعي ليحصل على منتج أفضل وأكثر. ولكن المؤمن يستعين بالخبير اللطيف في جميع أمور حياته.
(لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)
[سورة الحج 64]
لا يحتاج لعبادة الناس له لا يحتاج لشيء أو لأحد هو خالق كل شيء وبإمكانه أن يفني كل شيء ويعيد خلق ما يشاء .
هو الغني ونحن الفقراء إليه نشكره ونحمده وهو الحميد.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ)
[سورة الحج 65]
ألم تر أيها الانسان أن الله سخر لك ما في الأرض والبحر. كل هذا خلقه وسخره لك.
الملك عندما يهب شخصا هبة فهل يعطيه ما يوازي نسبة ولو ضئيلة من ملكه؟
لا لن يعطي ما يعتبره شيئا مقارنه بملكه مهما كبر وغلا ثمنه. كذلك تخيل أن الله على كل ما خلق ووهبه وسخره للإنسان فهو هبة من ملك الملوك ولا يعد شيئا عنده مهما عظمت وكبرت.
الفلك أصبحت الآن بحجم المدن وما زال الله يسيرها في البحر أليس هذا من الإعجاز تفكروا الماء الضعيف السائل يحمل مدنا فوقه تسير ولا تغرق سبحان الله.
ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه. فقط تخيل أن يوقف إمساكه لحظة ويأذن لها ما الذي سيحصل ارفع عينك وانظر إلى السماء وتخيل أن الله قد أذن لها أن تسقط.
(إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت)
يمسكها أن تقع لأنه بالناس رؤوف رحيم.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ)
[سورة الحج 65]
(وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ۗ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ)
[سورة الحج 66]
أحياكم بعد أن كنتم أمواتا ثم يميتكم ثم يحييكم أرواحنا بيديه، مدينين بها له.
(فلولا ان كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين )
يستطيع في لحظة أن يفني الكون كله ليس فقط البشرية وليس فقط روحك ويستطيع أن يحييهم جميعا بنفخة واحدة سبحانك يا عظيم ومع ذلك الإنسان ما يزال بربه كفورا يجحد نعمته يجحد عبادته كما يحب ويرضى سبحان الله.
(لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ ۚ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُسْتَقِيمٍ * وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)
[سورة الحج 67 – 69]
لكل أمة من الأمم السابقة مناسك محددة أمرهم الله بها، وأمة محمد عليه الصلاة والسلام لها مناسك محددة أمرنا بها رب العالمين
فإن جادلنا أصحاب الأمم السابقة في مناسكنا فلنعلم أن لكل أمة منسكا. فلا نحاول أن نتنازل عن عباداتنا من أجل أن نهادن النصارى واليهود في حوار الحضارات ولنثق بأن ديننا ثابت والحق ثابت والصراط المستقيم ثابت.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.