تدبر سورة الحج 42-46

بسم الله الرحمن الرحيم. وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم . اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي . رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.

فاتني في الدرس الماضي أن أذكر أن الله سبحانه وتعالى ذكر القتال في سورة الحج. وقد حدثت معارك بالبيت الحرام مرات عديدة ممن كانوا يصدون الناس عن البيت الحرام وهذا حدث في القرون الماضية وآخرها كان منذ عقود قليلة .

والأحكام في الحج تختلف في مثل هذه الحالة لذا من الأفضل معرفة جميع أحكام الحج مثلا ما نجده في هذه الآية:

(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۖ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ۚ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۚ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ ذَٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)
[سورة البقرة 196]

فإن أحصرتم بمعنى فإن لم تتمكنوا من دخول الحرم لتأدية المناسك فحينها الحكم كما فعل نبينا عليه الصلاة والسلام عندما منع من العمرة ذبح الهدي وحلق .

(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ * وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ ۖ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ)
[سورة الحج 42 – 44]

هذا الخطاب موجه للنبي عليه أفضل صلوات ربي وسلامه .ولكل من سار على نهجه واتبعه في تبليغ الرسالة. فقد يواجه هذا الأمر . التكذيب والسخرية والاستهزاء ولكن على المؤمن أن لا يتراجع وأن يثبت على الحق لأنه ليس أول من كذبه الناس ولن يكون الأخير
والحج مكان إلتقاء جميع الشعوب والثقافات وهي فرصة للدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
تخيلوا الأجر هناك مضاعف وهؤلاء ضيوف الرحمن منهم من يجهلون أحكام دينهم ربما لأنه لم يصلهم ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم . أو ربما لم يفهموا اللغة أو لم تترجم لهم الكتب بطريقة صحيحة

(فذكر إنما أنت مذكر .لست عليهم بمسيطر)

(إنما أنت منذر من يخشاها )

(إن أنت إلا نذير)

واجبك أن تبلغ فقط وما أنت عليهم بوكيل
فإن كذبوك فلا تحزن وتتضايق فقد كذب رسل الله من قبلك.

(فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ)
[سورة الحج 45]

كم من العبر التي نراها ونحن في الطريق ذاهبين للحج كم من القرى التي نمر عليها ونجدها خاوية على عروشها بيوت فارغة وبئر معطلة وقصر مشيد .

أين سكانها ؟

سبحان الله الباقي!

رحلة الحج يأتيها الناس من كل فج عميق يمرون خلالها بأهل القرى .
وحتى في بلداننا نجد قرى أثرية لا نجد من سكانها أحدا لا نحس منهم من أحد ولا نسمع لهم ركزا

(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)
[سورة الحج 46]

كم مررنا بهذه القرى ولكن لم نتفكر في سكانها لم نتفكر في أحوالها لم نتفكر في مصائرها سبحان الله.
أذكر في احدى المرات تهنا عن الطريق للمنطقة الشرقية ووجدنا قرية بأكملها بيوتها من الطين خاوية على عروشها .سبحان الله أين هم سكانها ؟
تحت التراب
ترى ما هو مصيرهم؟
هل كانوا من المكذبين أم ممن كذبوهم ؟
هل كان بينهم مصلحون يشفعون لهم أم كانوا ساكتين ؟
سبحان الله بعض القلوب تعقل وأكثرها تختار العيش كالأنعام بلا تفكر
القلوب بعضها بصيرة وأكثرها عمياء تختار العمى والظلمات ليس بها نور الذكر الكثير
كيف لقلب أن يبصر في الظلمات بلا نور .
وكيف يتأتى بالنور والله يقول عن القرآن

(ولكن جعلناه نورا)

العيون العمياء لا ترى إلا الظلام وكذلك القلوب العمياء لا ترى إلا الظلام.

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *