تدبر سورة الحج 36-41

بسم الله الرحمن الرحيم. وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي . رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.

(ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ۗ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ ۖ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)
[سورة الحج 30]

هنا يذكرنا بأنه أحل لنا بهيمة الأنعام ولكنه حرم بعضها بما تلاه علينا رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم

(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
[سورة المائدة 3]

فالحلال بين واضح في آيات الله البينات والحرام أيضا بين واضح في آيات الله البينات تلك الآيات تبين الانعام المحرمة
وينهانا عن الرجس من الأوثان وما لم يذكر عليها اسم الله وان نجتنب قول الزور.

(حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ۚ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)
[سورة الحج 31]
يشبه الله سبحانه وتعالى من يشرك به مع الله سواء هوى النفس أو من نحبهم من الآباء أو الأزواج أو الأبناء أو…..
يشبههم كمن يسقط فجأة من السماء ولا يصل الى الأرض اما تتخطفه الطيور أو ترمي به الرياح .تخيلوا حجم الخوف لا تصل للأرض ومستمر في السقوط لا تشعر بالاستقرار النفسي ولا الراحة ولا الطمأنينة . لأن من طبيعة الأرض القرار والاستقرار ولكن من يشرك بالله لا يجد الاستقرار النفسي يظل في خوف وقلق دائما ولا يجد الراحة أبدا

(ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)
[سورة الحج 32]

هنا نحتاج لوقفة..

تعظيم حرمات الله ولن نعظم حرمات الله إلا لو عظمنا الله العظيم

” إنه كان لا يؤمن بالله العظيم”

كثير من الناس يؤمنون بالله ولكن لا يؤمنون به عظيما أقصد كإله عظيم ولذلك تسهل عليهم معصيته واستحلال حرماته.
ولا يعظمه إلا من يتقيه وتكون التقوى نابعة من قلبه.

(ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)
[سورة الحج 32]

فمن عظمه سيعظم شعائره وينفذها خوفا وطمعا. ليس رياء ولن يجادل فيها ولن يهملها وراء ظهره.

فإنها من تقوى القلوب.
التقوى تنبع من القلب لتظهر على الجوارح.
فمن فقد التقوى في قلبه سيجد صعوبة ومشقة في تحريك جوارحه لتأدية شعائر الله.

تماما كما يحدث مع المنافقين عندما يقومون للصلاة فإنهم يقومون كسالى.

(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا)
[سورة النساء 142]

لو فقط تأملنا خلق السماء فقط لو تأملنا فيها دقائق وتفكرنا كم عظيم هو هذا الإله لما تجرأنا أن نستسهل اتيان الصغائر من المحرمات ولاتقينا العظيم الذي نعصيه.

(لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ)
[سورة الحج 33]

لكم في الشعائر التي تعظمونها لله منافع بعد اتخاذكموها لله بدنا أو هدايا ، بأن تركبوا ظهورها إذا احتجتم إلى ذلك ، وتشربوا ألبانها إن اضطررتم إليها والأجل المسمى الذي قال جل ثناؤه : ( إلى أجل مسمى ) إلى أن تنحر .

(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ)
[سورة الحج 34]

والحج ليس لأمة الاسلام فقط ولكنه كان أيضا لأمم سابقة ولكن لكل أمة منهم منسكا ليشكروا الله ويذكروا اسمه على ما رزقهم من بهيمة الأنعام. تكرر ذكر الحج كمنسك لشكر الله على بهيمة الأنعام . سبحان الله!

(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ)
[سورة الحج 34]

نذكر اسم الله عليها لأنه إله واحد نعبده ونذكره لا إله إلا هو يأمرنا ربنا أن نسلم له .وهذه الكلمة تحتاج لوقفة
فالإسلام هو أن نستسلم لأمره وننقاد لأوامره كلها وننتهي عن كل نواهيه بلا مناقشة ولا اعتراض ولا حتى تفكير

(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)
[سورة الصافات 102 – 105]

هل سيدنا ابراهيم سأل ربه لماذا يا رب وما الحكمة وماذا فعل لأذبحه؟ لا
هل ابنه سأل لماذا وماذا فعلت وما الحكمة؟ لا
ولكنهما أسلما أمرهما لله بلا مناقشة ولا سؤال مع أن الأمر خطير وفيه ذبح فكيف بنا وأوامره لنا سهلة ميسرة ومازلنا نسأل لماذا وكيف وما الحكمة؟؟؟

هؤلاء هم المخبتون والمخبتون يبشرهم ربهم والبشرى لا تكون إلا بالخبر السعيد ولا يوجد خبر أسعد من رضا الله وجائزته الجنة
فمن هم المخبتين؟

(الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)
[سورة الحج 35]

هذا تعريفهم وهذه صفاتهم:

اذا ذكر الله وجلت قلوبهم
الصابرين على ما أصابهم
المقيمي الصلاة وليس المؤدين للصلاة هناك فرق
المنفقين مما رزقهم الله

إن كنت تشتاق للبشرى اتصف بصفات المخبتين وليس هذا خيارا تختاره لأن البشرى هي فقط للمخبتين المتقين أولي الألباب فإن لم تتصف بهم فلا بشرى لك

(الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
[سورة يونس 63 – 64]

هل أنت من المخبتين ؟ هل إذا ذكر الله وجل قلبك إذن انتظر البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة

عرفنا في الآخرة فكيف تكون البشرى في الدنيا ؟

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما معناه أنها الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له. يبشر بها بالجنة ورضا الرحمن.

اللهم اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *