تدبر سورة الحج 11-16

بسم الله الرحمن الرحيم. وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم . اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي . رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)
[سورة الحج 11]

بعض الناس يرجعون إلى الله على حرف وفي أنفسهم حاجة ربما لشفاء مريضهم أو للحصول على وظيفة أو للحصول على زوج و ربما للذرية وووو…..

فإن حصل على ما تمنى اطمأن به أنه جزاء له وشعر بأن هذا الدين فيه الخير وإن أصابته فتنة ترك الدين كله!!!
هؤلاء هم الخاسرون وهذا هو الخسران المبين لأنهم يخسرون الدارين الدنيا والآخرة.

يخسرون فرصتهم لعبادة الله في الدنيا ويخسرون الجزاء الكريم في الآخرة.

(يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ * يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ ۚ لَبِئْسَ الْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ)
[سورة الحج 12 – 13]

يعلمنا الله عز وجل دروسا في الإخلاص ونحن مقبلون على زيارة بيته المحرم . كم عشنا في هذه الدنيا نسأل الرزق من البشر ونسأل الشفاء من البشر ونسأل الذرية من البشر ووووو…..
امتلأت المستشفيات بالمرضى ومراكز الإخصاب بالعقيمين ومكاتب التوظيف بالباحثين والشوارع بالمتسولين.

ليس العيب أن نأخذ بالأسباب ولكن العيب كل العيب هو أن نتوكل عليها ولا نلجأ إلى الله بالدعاء الخالص والتوكل الكامل.

(يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ * يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ ۚ لَبِئْسَ الْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ)
[سورة الحج 12 – 13]

ونحن مقبلون على الحج إن لم نتعلم درس الإخلاص في بلداننا فسوف يعلمنا الله إياه قسرا هناك.
تحصل للحجيج حوادث في الحج تنقطع معها الأسباب ولا يبقى إلا الله ندعوه مخلصين له.

مثال:
تضيع الأموال كلها بطريقة أو بأخرى فلا نجد أحدا يساعدنا لأن جميع الحجاج لديهم بالكاد ما يكفيهم هم ونشعر بالعجز والضعف ونلجأ إلى الله بالدعاء الخالص فيرجعها لنا بقدرته.

مثال:
تجد نفسك تائها عن حملتك ولا تعلم سبيلا للعودة لا تعرف الطريق وليس معك من يوصلك ولا يعرفك .تعود إلى الله فيرسل لك من يعيدك آمنا مطمئنا.

دروس في الإخلاص يعلمنا إياها ربنا في الحج فلا تشعر بالضيق هناك وتسخط على ربك وأقداره بل كن راضيا مطمئنت اقطع الأسباب جميعها والجأ إلى الله الواحد القهار

(يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ * يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ ۚ لَبِئْسَ الْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ)
[سورة الحج 12 – 13]

ربما في بلدك تدعو من دون الله من لا يملك لك ضرا ولا نفعا فان كنت هكذا واعتدت ذلك فسيعلمك الله كيف تترك هذا الضلال البعيد وتعود إلى الله وحده هناك في بيته المحرم حتى ولو كان اعتمادك الكلي على صاحب الحملة فقد تضيع منه من أول يوم ولا تجده إلا آخر يوم أو قد لا تجده إلا في بلادك عندما تعود وقد حدثت لأكثر من شخص.

(يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ * يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ ۚ لَبِئْسَ الْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ)
[سورة الحج 12 – 13]

عندما تكون ضيفا للرحمن تأكد بأن الله خير منزلا وأن الله أكرم الأكرمين فلا تتعامل معه بغير هذا الأساس. اعتمد عليه وتوكل عليه نعم المولى هو ونعم النصير لا تتوكل على خدمة الحج بخمس نجوم أو أربع نجوم .
إن أراد الله أن يكرمك فسيكرمك وإن كنت في حملة نصف نجمة وإن أراد أن يضرك فليس لك من دون الله من واق.
تدرب قبل السفر على التوكل على الله كنوع من الإستعداد للسفر تماما كما تستعد له بالتطعيمات أو تجهيز الأمتعة أو ….

(إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ)
[سورة الحج 14]

تحدثنا في الآيات الماضية عن دروس الإخلاص التي يعلمنا إياها ربنا في الحج وسقنا معها بعض الأمثلة الواقعية والتي تحدث للحجاج . ثم نجد بعدها توكيد من الله عز وجل أنه يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات وقد ربط بين الإيمان والعمل الصالح دائما في كتابه.
إن كان الإيمان غير موجود في القلب فلن ينفعه عمله الصالح فهو إما أنه من المنافقين أو من الكفار الذين تحبط أعمالهم ولا يتقبل الله الأعمال إلا من المتقين

“إنما يتقبل الله من المتقين”

أو أن يكون الإيمان بالله موجودا ولكنه بدون عمل فذلك أيضا لن ينفعه لأن العمل الصالح يصدق الإيمان. فالإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل الصالح.

يبدأ الآية بإن للتأكيد والله إذا وعد أوفى واذا أعطى أدهش سبحانه الكريم القدير يؤكد أنه يدخل من وقر إيمانه بقلبه وصدقه العمل الصالح بالجنات التي تجري من تحتها الأنهار وأنه يفعل ما يريد وهذه ارادته. سبحانه فعال لما يريد.
ومن علامات الإيمان الخالص التوكل على الله والتوجه إليه والإخلاص في الدعاء إليه وحده.

(مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ)
[سورة الحج 15]

أي من دخل في قلبه ظن أن الله لا يقدر على نصر عباده في الدنيا والآخرة . فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع .

فليمد حبلا إلى السقف ويخنق نفسه !

هل سيذهب ذلك غيظه؟!
وهل سيوقف ذلك نصر الله لعباده؟
لا أحد يستطيع منع رحمة الله أن تنزل على من يشاء من عباده.
فلا تقنط ولا تخاف ولا تحزن
إن كنت من عباده حقا فتأكد أنه سينصرك في الدنيا والآخرة.

(وَكَذَٰلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ)
[سورة الحج 16]

الله يهدي من يريد .الله سبحانه يختار وحده من يريد أن يهديه

( ومن يؤمن بالله يهد قلبه)

(انهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى)

الإيمان الخالص في القلب ويصدقه العمل الصالح وجزاءه الهداية من الله
يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم , والإيمان الخالص لا يأتي إلا بالذكر الكثير في القرآن بالآيات البينات.

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *