القرآن شفاء ٥

بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم اسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينغعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي . رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [سورة يونس : 57]
نبحث بإذن الله في كتابه الكريم عن شفاء مرض من أمراض الصدور وهو الوسواس.
” وشفاء لما في الصدور”
(الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) [سورة الناس : 5]

وهذا الوسواس يكون من الجن أو الناس من قرناء السوء.

(مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [سورة الناس : 6]

وهؤلاء هم شياطين الإنس والجن فالشيطان هو كل من شطن أو بمعنى تمرد على أمر الله.
فمنهم الجن ومنهم الإنس لقوله تعالى

(وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا ((شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ)) يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) [سورة اﻷنعام : 112]

وهؤلاء الشياطين يقيضهم الله بمعنى يسلطهم على كل من يعش عن ذكره . العشى مرض يصيب الانسان بالعمى في الظلام فلا تعتاده ولا يتمكن من الرؤية.
ومن يعش عن ذكره هو من يتجاهل أو يتعامى عن ذكر الله .

(وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) [سورة الزخرف : 36]

يرسله الله ويسلطه على كل من لا يذكر الله كعقوبة له فيصبح قرينا له أي صاحبا له يرافقه أينما ذهب ويوسوس له بلا توقف .
(وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ) [سورة فصلت : 25]

وظيفتهم هؤلاء القرناء الشياطين من الإنس والجن أن يزينوا لهم ما يفعلون ليصدوهم عن السبيل ويجعلهم يشعرون أنهم مهتدون.
(وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) [سورة الزخرف : 37]

وقد لا ينتبه لسوء هذا القرين إلى يوم الندامة
(حَتَّىٰ إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) [سورة الزخرف : 38]

وقد ينتبه ويتخلص منه قبل لقاء ربه فينجو
(قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ) [سورة الصافات : 51]

(يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ) [سورة الصافات : 52]

(أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ) [سورة الصافات : 53]

(قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) [سورة الصافات : 54]

(فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ) [سورة الصافات : 55]

(قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ) [سورة الصافات : 56]

(وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) [سورة الصافات : 57]
إذن علمنا للآن مسبب المرض وهو ترك الذكر الكثير..
وعلمنا ما يفعله هذا المرض
(أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) [سورة مريم : 83]

وعلمنا أن بعض الناس قد يفتك بهم المرض وفي النار لن يلوم بعضهم بعضا وبعضهم ينجو.
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ ۖ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا ۚ قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) [سورة اﻷنعام : 128]

الوسواس من شياطين الإنس ظاهري تراه وتسمعه بوضوح وتتمكن من الابتعاد عنهم ليبقى تأثير وسوستهم مرافقا لنفسك بحيث توسوس نفسك لنفسك بعد تأثرها لكن الوسواس من شياطين الجن داخلي لا تراه ولا تميز بينه وبين وسوسة النفس وبين وسوسة الشيطان وفي كلا الحالات هو مرض واحد هو الوسوسة والشفاء منه بقطع أسباب المرض وهو الذكر الكثير لأن الذكر الكثير في القرآن يجعله يخنس
(مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) [سورة الناس : 4]

والشياطين يولون الأدبار لا يطيقون سماع القرآن سواء إنس أو جان
(وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا) [سورة اﻹسراء : 46]
ينفرون من القرآن لأن صدورهم ضيقة حرجة لسماع القرآن.

(فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) [سورة اﻷنعام : 125]

وذكر الله واللجوء إليه طلبا للحماية من الشياطين يعد من ذكر الله الذي يخلصك من الوسوسة
(وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ) [سورة المؤمنون : 97]

(وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) [سورة المؤمنون : 98]

طالما أنت مع الله في الذكر الكثير لاجئا إليه طالبا حمايته داعيا له أن لا يبتليك بحضورهم ووسوستهم فأنت في خير .

(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [سورة اﻷعراف : 200]

استعن بالله بذكره لتكون في معيته ليحميك وكذلك يفعل المتقين الذاكرين إذا مسهم طائف من الشيطان.
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ ((تَذَكَّرُوا)) فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) [سورة اﻷعراف : 201]
تنبهوا وذكروا الله ولجأوا إليه مستعذين به.
والمتقي يعرف أن توقفه عن ذكر الله جالب للقرناء من الشياطين.
(وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) [سورة الزخرف : 36]

لذا يقطع سبب المرض من أصله بالذكر الكثير ويتعالج مما تراكم عليه سابقا أيضا بالذكر الكثير ” في القرآن وحده”
وكلما مسهم طائف من الشيطان تنبهوا وعادوا للذكر في القرآن بترديد آيات الله بالتفكر فيها وفي الكون.
أحيانا يبتليك الله بقرناء من الإنس فانتبه أيضا نفرهم منك بأن تذكر لها الآيات وقدرة الله إلى أن ينفروا منك أو يهديهم ربهم إن رأى في قلوبهم خيرا.
(وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ ۖ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) [سورة اﻷنفال : 23]

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *