بسم الله الرحمن الرحيم. وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم . اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي . رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) [سورة اﻹسراء : 82]
هذا القرآن فيه الشفاء لما في الصدور شفاء من مرض القلوب الخطير ” النفاق”.
فيه شفاء ولكنه لا يزيد الظالمين إلا خسارا. لذلك أول خطوة في طريق الشفاء هو التوقف نهائيا عن الظلم للنفس بالمعاصي وأشد الظلم هو الإعراض عن ذكر الله.
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا ۚ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) [سورة السجدة : 22]
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ۚ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۖ وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا) [سورة الكهف : 57]
وكما في أي مرض عضوي يخبرك الطبيب بتغيير حميتك الغذائية فيمنعك عن أغذية وقد يفرض عليك أغذية معينة ويكون هذا النظام مترافق مع خطة العلاج ولا ينجح العلاج إلا به.
كذلك النفاق مرض قلبي غيبي عليك إن سلكت طريق العلاج التوقف والتوبة والإستغفار عن ذنوب السمع والبصر والفؤاد. واستحضار
(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [سورة اﻹسراء : 36]
وأن تنتبه إلى أن تضيف الذكر الكثير لحياتك فريضة من الله.
(إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ۚ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [سورة القصص : 85]
وأن تتذكر أن من يعرض عنه يأثم
(مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا) [سورة طه : 100]
وأن المؤمن هو الذاكر لله ذكرا كثيرا بينما المنافق هو الذاكر لله ذكرا قليلا.
فالمسألة ليست هينة كما تبينا في الدروس الماضية وأن المنافق له مصير مأساوي في
في الدنيا والآخرة.
إذن الخطوة الأولى هي تغيير نمط الحياة بالذكر الكثير استجابة لأمر الله
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا) [سورة اﻷحزاب : 41]
والتوبة من الذنوب.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [سورة التحريم : 8]
الخطوة الثانية ..
ركز معي ! لأنها مهمة!
وهي خطة مجربة وناجحة جدا وتم تجربتها للآلآف في دورات تدبر القرآن مع المبيت في المسجد لمدة اسبوع
(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) [سورة النور : 36]
(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) [سورة الكهف : 28]
فإن لم يكن متاحا لك فهذه خطة مقاربة لها.
وهو عمل برنامج لفسك تجتهد فيه أن تقوم ثلاث ساعات من آخر الليل
ساعة كاملة للصلاة
وساعتين لتدبر وتلاوة القرآن والتفكر في آيات الله دون العجلة خذ آيات قليلة جدا لا تتجاوز الصفحة وتبحر في دراستها والتفكر فيها لمدة ساعتين لا تلتفت خلالهما لا ببصرك ولا بسمعك ولا حتى بقلبك لأي شيء آخر خارج الآيات والتفكر فيها تعلم فن التركيز فيها.
(لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) [سورة القيامة : 16]
(فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) [سورة طه : 114]
ثانيا بعد الفجر أيضا تفكر في الآيات لمدة ساعة كاملة لا تلتفت فيها إلا للآيات وانزع عن قلبك أفكار الدنيا.
اجتهد طوال النهار بترديد آية أو آيات بقلبك .
(وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) [سورة اﻷحزاب : 42]
عند الأصيل أيضا تفكر لمدة ساعة كاملة في الآيات. ثم اجتهد إلى العشاء في ترديد آية أو آيات بقلبك. وأنت تمارس أعمالك اليومية كما في النهار القلب يردد الآيات ويتفكر والجوارح تعمل.
(رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) [سورة النور : 37]
مارس هذا البرنامج على
الأقل لأربعة أيام متواصلة دون انقطاع وستبدأ بالشعور بالفرق وكأن غشاوة نزعت من عينيك وكأن وقرا حفر من اذنيك وكأن أكنة تحطمت من قلبك وستبدأ بالنظر للكون بنظرة مختلفة وللآيات أيضا.
وهذا بداية العلاج وليس آخره وبعدها استمر بهذا النظام إن أردت فعلا الخروج من الظلمات للنور إلى أن تصل لصفات المتقين وأولي الألباب وعباد الرحمن وهذا قد يأخذ وقتا. وتستمر بلا انقطاع.
إن لم تشعر بالفرق في اليوم الرابع راجع نفسك ربما أذنبت خلال هذه الأيام فلا تستسلم وأكمل المحاولة.
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [سورة العنكبوت : 69]
ولا تستسلم لوساوس الشيطان أنك ربما لن تصل وربما تموت قبل أن تصل. ركز في الآية
(وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [سورة النساء : 100]
فإن وصلت ستدرك عظمة القرآن يقينا بالقلب وليس كلاما باللسان وستعلم أنه قرآنا عجبا يهدي للرشد.
وستميز الفرق بإذن الله.
هذه الخطة إن استطعت تنفيذها في بيتك فبها ونعمت وإن لم تستطع فنصيحتي هي الدخول في دورة تدبر المبيت لمدة اسبوع كامل في المسجد حيث البيئة طاهرة من المعاصي ويسهل الذكر الكثير فيه.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك