الذكر الكثير شفاء

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.

يدعونا رب العالمين أن نتفكر في أنفسنا لعلنا نصل لليقين به.

(وَفِیۤ أَنفُسِكُمۡۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ)
[سورة الذاريات 21]

جسم الإنسان خلق في غاية الدقة والإعجاز خلقه الله لعبادته وجعل صحته في اتباع عبادته.

(وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِیَعۡبُدُونِ)
[سورة الذاريات 56]

كيف وما هي العلاقة؟ كيف تؤدي العبادة واتباع أوامر الله لصحة البدن.

لنأخذ بعض الأمثلة..

مثلا الغدة النخامية في الرأس تفرز عدة هرمونات منها هرمونات سُميت بهرمونات السعادة فعند افرازها بشكل طبيعي كان الإنسان سعيدا وإذا قل افرازها كان كئيبا وقد يصل للذهان ولذلك يعالج بالحبوب التي هي تعويضية عن هذه الهرمونات.

ورب العالمين وصف حالة الإنسان الذاكر له بوصف الإنسان الطبيعي الذي لا يعاني من الإكتئاب ويشعر بالطمأنينة.

(.. أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَىِٕنُّ ٱلۡقُلُوبُ)
[سورة الرعد 28]

الذاكر في حالة مستقرة إذن هرمونات السعادة في الحدود الطبيعية.

والذكر كما نعلم عبادة وقد أمرنا الله عز وجل بها في آيات كثيرة. منها:

(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ ذِكۡرࣰا كَثِیرࣰا)
[سورة الأحزاب 41]

بل من علامات الطمأنينة عدم الخوف فهو شعور مناقض للطمأنينة.
لذلك عندما قال موسى عليه السلام أنه خائف من فرعون أن يبطش به أمره الله بالذكر ليطمئن.

(قَالَ رَبِّ إِنِّیۤ أَخَافُ أَن یُكَذِّبُونِ ۝ وَیَضِیقُ صَدۡرِی وَلَا یَنطَلِقُ لِسَانِی فَأَرۡسِلۡ إِلَىٰ هَـٰرُونَ ۝ وَلَهُمۡ عَلَیَّ ذَنۢبࣱ فَأَخَافُ أَن یَقۡتُلُونِ ۝ قَالَ كَلَّاۖ فَٱذۡهَبَا بِـَٔایَـٰتِنَاۤۖ إِنَّا مَعَكُم مُّسۡتَمِعُونَ)
[سورة الشعراء 12 – 15]

وأيضا الخوف عند الحروب وهو خلاف الطمأنينة جاء الذكر حلا لها ومعينا على الثبات.

(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا لَقِیتُمۡ فِئَةࣰ فَٱثۡبُتُوا۟ وَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَثِیرࣰا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ)
[سورة الأنفال 45]

فالطمأنينة تبث في القلب الثقة بالله ومعية الله وهذا يساعد على الثبات والنصر والفلاح من بعدها.

وبالمقابل المنافقون قليلوا الذكر كما وصفهم الله تعالى في كتابه بهذه الصفة.
(إِنَّ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ یُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَـٰدِعُهُمۡ وَإِذَا قَامُوۤا۟ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُوا۟ كُسَالَىٰ یُرَاۤءُونَ ٱلنَّاسَ (((وَلَا یَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِیلࣰا)))
[سورة النساء 142]

فهم لا يتمتعون بمزايا الذكر الكثير وهو الطمأنينة والأمان فنجدهم يخافون.

(وَلِیَعۡلَمَ ٱلَّذِینَ نَافَقُوا۟ۚ وَقِیلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡا۟ قَـٰتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَوِ ٱدۡفَعُوا۟ۖ قَالُوا۟ لَوۡ نَعۡلَمُ قِتَالࣰا لَّٱتَّبَعۡنَـٰكُمۡۗ هُمۡ لِلۡكُفۡرِ یَوۡمَىِٕذٍ أَقۡرَبُ مِنۡهُمۡ لِلۡإِیمَـٰنِۚ یَقُولُونَ بِأَفۡوَ ٰ⁠هِهِم مَّا لَیۡسَ فِی قُلُوبِهِمۡۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا یَكۡتُمُونَ ۝ ٱلَّذِینَ قَالُوا۟ لِإِخۡوَ ٰ⁠نِهِمۡ وَقَعَدُوا۟ لَوۡ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا۟ۗ قُلۡ فَٱدۡرَءُوا۟ عَنۡ أَنفُسِكُمُ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ)
[سورة آل عمران 167 – 168]

وكذلك جاء في وصف الكفار وأهل الكتاب أنهم في الحروب في حالة رعب وهذا سبب يؤدي للخذلان والهزيمة.

(إِذۡ یُوحِی رَبُّكَ إِلَى ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ أَنِّی مَعَكُمۡ فَثَبِّتُوا۟ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ۚ سَأُلۡقِی فِی قُلُوبِ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ٱلرُّعۡبَ فَٱضۡرِبُوا۟ فَوۡقَ ٱلۡأَعۡنَاقِ وَٱضۡرِبُوا۟ مِنۡهُمۡ كُلَّ بَنَانࣲ)
[سورة الأنفال 12]

وعندما كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حزينا ضائق الصدر وهو خلاف السعادة. أمره الله بالذكر ليصل للرضى وهو مساو للسعادة والطمأنينة.

(فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا یَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ غُرُوبِهَاۖ وَمِنۡ ءَانَاۤىِٕ ٱلَّیۡلِ فَسَبِّحۡ وَأَطۡرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرۡضَىٰ)
[سورة طه 130]

(وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ یَضِیقُ صَدۡرُكَ بِمَا یَقُولُونَ ۝ فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِینَ ۝ وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ یَأۡتِیَكَ ٱلۡیَقِینُ)
[سورة الحجر 97 – 99]

من العجائب أن هناك علاقة بين أحد هرمونات الغدة النخامية وبين العقم عند النساء والرجال.

والعلاج الذي قدمه رب العزة للعقم هو الذكر الكثير!!

فنجد في قصة زكريا هذا الأمر

(قَالَ رَبِّ ٱجۡعَل لِّیۤ ءَایَةࣰۖ قَالَ ءَایَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَـٰثَةَ أَیَّامٍ إِلَّا رَمۡزࣰاۗ وَٱذۡكُر رَّبَّكَ كَثِیرࣰا وَسَبِّحۡ بِٱلۡعَشِیِّ وَٱلۡإِبۡكَـٰرِ)
[سورة آل عمران 41]

وكذلك في سورة نوح.

(فَقُلۡتُ ٱسۡتَغۡفِرُوا۟ رَبَّكُمۡ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارࣰا ۝ یُرۡسِلِ ٱلسَّمَاۤءَ عَلَیۡكُم مِّدۡرَارࣰا ۝ وَیُمۡدِدۡكُم بِأَمۡوَ ٰ⁠لࣲ وَبَنِینَ وَیَجۡعَل لَّكُمۡ جَنَّـٰتࣲ وَیَجۡعَل لَّكُمۡ أَنۡهَـٰرࣰا)
[سورة نوح 10 – 12]

فالذكر يؤدي لتحسن تلك الهرمونات ويعالج العقم.

وأيضا من هرمونات الغدة النخامية ما هو متحكم بالخمول (الكسل) أو النشاط.

تخيلوا أن قلة الذكر الكثير تترافق مع صفة الكسل والتثاقل.

(إِنَّ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ یُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَـٰدِعُهُمۡ وَإِذَا قَامُوۤا۟ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُوا۟ كُسَالَىٰ یُرَاۤءُونَ ٱلنَّاسَ وَلَا یَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِیلࣰا)
[سورة النساء 142]

(۞ وَلَوۡ أَرَادُوا۟ ٱلۡخُرُوجَ لَأَعَدُّوا۟ لَهُۥ عُدَّةࣰ وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنۢبِعَاثَهُمۡ فَثَبَّطَهُمۡ وَقِیلَ ٱقۡعُدُوا۟ مَعَ ٱلۡقَـٰعِدِینَ)
[سورة التوبة 46]

وقد استعاذ نبينا صلى الله عليه وسلم من الكسل.

فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه: أنه كان يسمع النبي صل الله عليه وسلم كثيرا، يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن وضَلَعِ الدين وغلبة الرجال. رواه البخاري ومسلم.

في حين أن كثرة الذكر ترافقت مع صفة النشاط والمسارعة والمسابقة فهي صفات المؤمنين.

(أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡخَیۡرَ ٰ⁠تِ وَهُمۡ لَهَا سَـٰبِقُونَ)
[سورة المؤمنون 61]

وفي جسم الإنسان الكثير من آيات الله لو تأملناها

(سَنُرِیهِمۡ ءَایَـٰتِنَا فِی ٱلۡـَٔافَاقِ وَفِیۤ أَنفُسِهِمۡ حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ أَوَلَمۡ یَكۡفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ شَهِیدٌ)
[سورة فصلت 53]

خلق الله أجسادنا هكذا فإن اتبعنا رسالاته وعرفنا ما يجب علينا فعله وفعلناه ارتحنا ونجحنا في حياتنا فقد ترافق ذكر الفلاح والنجاح مع الذكر الكثير

(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا لَقِیتُمۡ فِئَةࣰ فَٱثۡبُتُوا۟ وَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَثِیرࣰا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ)
[سورة الأنفال 45]

وإن تجاهلنا الرسالة وتجاهلنا ما علينا فعله وقعنا في الكآبة وما تجر إليها من أمراض وكسل وخذلان.

اللهم أرنا آياتك في الآفاق وفي أنفسنا حتى نصل إلى اليقين بك يا رب العالمين.

سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *