بسم الله الرحمن الرحيم . رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما
نتحدث اليوم بموضوع الشيطان الرجيم عدونا الذي حذرنا الله منه في آيات كثيرة* استعيذوا بالله حتى ﻻ يعميكم الشيطان عن اﻵيات التي تكشفه وتكشف عداوته لنا وكيف نتعامل مع وسوسته لكي نعرف أهداف ابليس يجب أن نعرف من هو أوﻻ
قال تعالي( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ , أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) (50)الكهف*
فإبليس مخلوق بشهوة وهو مكلف ﻷنه من الجن والجن مخلوقة لعبادة الله ولكنها ركنت لشهواتها اﻻ من رحم ربي يوسوس لهم ابليس مثلنا. وأخبرنا ربنا عز وجل ان الشيطان عدو لنا وقد تكررت تنبيهات الله العظيم لنا بهذا في كتابه لنا أكثر من ( 14) مرة !*
نأتي اﻵن لمعرفة أصل العداوة
عندما قرر رب العباد أن يخلق بشرا من طين ويكون الخلق الوحيد الذي يجعل لهم الحرية في أن يطيعوه ويحبوه ويتعرفوا عليه من آثاره دون أن يروه أو يسمعوا صوته فيخرج من بينهم من يستميت حبا فيه ويضحي بنفسه وماله وأهله من أجله و يطيعه .
( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30)إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31) )الحجر
فكانت ردود ابليس لربه وهو مصدوم أن يكون البشر خير منه ومن المﻼئكة وأعتقد أن الله ربه قد أخطأ في هذا القرار فرد عليه بكل تكبر (قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33)الحجر”
وقال ” وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) اﻻسراء “
وقال ” قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76)) ص
وعندما غضب الله عليه بسبب تكبره وازدرائه على قراراته وأوامره واصراره طرده من رحمته فأصر ابليس وتمرد وأراد مهلة الى يوم القيامة ليثبت لربه أنه مخطئ في قرار التكريم*
وقال( قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) اﻻسراء
وقال أيضا ” لَعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119))النساء*
ﻻحظوا من اﻵية السابقة إصراره على أنه يريد تغيير اﻻنسان لخلقته حسدا منه وكأنه يريد أن يرد على ربه بأن الخلقة التي كرمت بها الناس علي سأجعله يتكبر عليها ويغيرها
وﻷنه أصر على فتنة الناس الى يوم القيامة فكانت لعنة الله عليه أيضا الى يوم القيامة.*
(وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ (78))ص.
فالشيطان كان وما يزال يتأمل أن يستطيع اثبات وجهه نظره لله بخطأ الله في قرار التكريم ومن بعدها يظن بأن الله سيكرمه و يعفو عنه ويدخله الجنة جزاءا له فابليس كلم الله ورأى الجنة ورأى المﻼئكة
(كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16))الحشر
فعمل الشيطان ليس اغضاب الله فقط ولكن أيضا هو اثبات أن اﻻنسان ﻻ يستحق التكريم الذي كرمه الله له وهذا ما يغضب ربه عليه أنه يحاول اثبات الخطأ والنقص في ذات الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
واﻵن بعد أن علمتم هدف الشيطان يا بني آدم كيف ستتعاملون مع مخططاته؟
ان الله قد أعطى الحماية لعباده المخلصين من وساوس الشياطين
وقال (ان عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بالله وكيﻼ) اﻻسراء*
وحذرالمؤمنين من أن الشيطان يجرنا للرذيلة على خطوات فكانت خطته هو ان نتبع خطواته فقال لنا ربنا عز وجل
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21))النور
وغيرها من اﻵيات التي حذرت من اتباع خطوات الشيطان ولكي نحمي أنفسنا منه علينا أن نكون من عباده فما هي الطريقة وما هو وصف عباده فقد وصف الله عز وجل عباده ب 12 صفة في سورة الفرقان وهي: ( وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)الفرقان وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64)الفرقان وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65)الفرقان وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا (67)الفرقان وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)الفرقان وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72)الفرقان وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73)الفرقان وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)) الفرقان
جعلني الله واياكم من عباده المخلصين وأعاذنا ممن صدقوا ابليس ظنه ( وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20))سبأ هناك عبرة مهمة جدا في قصة ابليس وتساعد في منع النفس من تزكيتها وهو أنه ابليس وهو في قمة معصيته دعا الله دعاء ﻻ يخطر على البال
قال (انظرني الي يوم يبعثون)
فاستجاب الله لدعائه لماذا؟ ﻻنه ربنا مجيب الدعاء* فاذا كان الله يستجيب لك الدعاء فﻼ تصدق وسوسة ابليس انك من عباد الله المخلصين لذلك استجاب لك وانك مجاب الدعوة . فالله استجاب ﻷبليس وهو عاصي فﻼ تأمن أن تكون من الصالحين* وابقى بين خوف ورجاء ولا تزكي نفسك على الله فهو أعلم بمن اتقى.
فتزكيتك للنفس تذهب الخوف وترفع الرجاء وهذا يؤدي للخمول والكسل عن العبادات.
وكذلك عبرة مهمة أيضا في قصته أنه ابليس عصى الله معصية واحدة فقط وهي التكبر على الله ورفض أوامره تكبرا على خلقه. وزاد ذلك اصراره عليها بدﻻ من اﻻستغفار والتوبة واﻻنابة لذلك ﻻ تأمن نفسك من غضب الله وعقابه اذا عصيت الله معصية واحدة فقط واصريت على اﻻستمرار عليها وعدم التوبة منها واﻻنابة واﻻستغفار . ﻻنك حينها تكون كابليس اللعين ﻻ فرق بينكما . ولكن اذا عصيتي الله كوني توابة منيبة الى ربك خاضعة ﻷوامره مستغفره . وﻻ تصري عليها* وخاصة الكبر وان كان مثقال ذرة فقط فلن تدخلي الجنة بهذه الذرة من الكبر . وكذلك غيرها من المعاصي والذنوب وأمراض القلوب سورة اﻷعراف, اﻵية 201: (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) المؤمنون
الذين يذكرون الله ذكرا كثيرا في القرآن يجعل الله من حولهم سورا وحجابا مستورا
فاذا جاءتهم الوسوسة تذكروا وانتبهوا ان هذا من الشيطان فاستعاذوا بالله وطردوا وسوسته.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك