بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا من لدنه علما وحكمة. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما . رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي . رب ادخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
(إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) [سورة النمل : 80]
(وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ ۖ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ) [سورة النمل : 81]
ربط ربنا بين الموت والحياة وبين الاستماع للآيات والاستسلام لها وعدمه.
فمن يعرض ويتولى فهو ميت أعمى أصم.
ومن يسمع فهو حي بصير آمن باﻵيات واسلم لها.
وهؤلاء الذين آمنوا باﻵيات واسلموا أنفسهم لها هم الأحياء حقا في الدنيا واستحقوا الحياة الأبدية في اﻵخرة.
تأملوا معي تكرار مثل هاتين اﻵيتين في سورة الروم.
(فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) [سورة الروم : 52]
(وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ ۖ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ) [سورة الروم : 53]
اﻷولى في سورة النمل وهذه في الروم.
فسبحان من جعل الحياة الحقيقية في اﻵيات.
(أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة اﻷنعام : 122]
وجعل من يؤمن باﻵيات ويسلم لها في دار السلام لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
(يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) [سورة الزخرف : 68]
(الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ) [سورة الزخرف : 69]
(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ) [سورة الزخرف : 70]
(يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ ۖ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ۖ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [سورة الزخرف : 71]
(وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [سورة الزخرف : 72]
(لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ) [سورة الزخرف : 73]
بل أيضا يصف الله الشهداء بأنهم أحياء يرزقون وليسوا أمواتا!!
(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [سورة آل عمران : 169]
بينما من عاشوا وهم ميتي القلوب في الدنيا فهم في اﻵخرة لا يموتون ولا يحيون.
(إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ) [سورة طه : 74]
(الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَىٰ) [سورة اﻷعلى : 12]
(ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ) [سورة اﻷعلى : 13]
حياة تتناسب مع ما عاشه في الدنيا بالضبط !
كان حيا وميتا في الدنيا أيضا.
حياة بقلب ينبض وميتا بقلب ميت بلا ذكر.
تخيلوا مدى الضنك الذي يعيشونه لا هم أحياء ولا أموات.
وهذا مشابه لحالة الضنك في الدنيا لمن يعرض عن ذكر ربه.
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ) [سورة طه : 124]
تجد من يعيش الضنك في الدنيا يقول أحس كأني ميت أو نصف ميت.
أتمنى الموت هذه ليست حياة!!
حياتي ميتة!!
لا يموت فيها ولا يحيى.
لا هو بميت ولا يشعر بالحياة
نفس الحياة الدنيا يعيشها في اﻵخرة ولكن بأشد من ذلك.
فمن شدة العذاب لا هو حي ولا ميت.
فيتمنون الموت ولكن هذه المرة لا موت.
(وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ۖ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ) [سورة الزخرف : 77]
(لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ) [سورة الزخرف : 78]
أنت وأنا لدينا اﻵن نعمة الوجود مازالت أرواحنا موجودة.
ولكن هل قلوبنا حية ؟
هل نتأثر بالإنذار ؟
تابع…
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.