بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
بين أن تكون من أصحاب اليمين و أن تكون من أصحاب الشمال بون شاسع والسبب هو الأقوال والأعمال وأسلوب الحياة لكلا الفريقين في الدنيا.
فمن الفروق الجوهرية في أسلوب الحياة هو أن أصحاب الشمال كانوا في الدنيا من المترفين..
(إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُتْرَفِينَ)
[سورة الواقعة 45]
من المنعمين الذين تنعموا ولم يتذكروا المنعم ولم يشكروه. الذين تنعموا وتبطروا على أوامر الله وتكبروا على الناس. الذين أنعم الله عليهم فاستخدموا نعمه في معصيته. الذين أنعم الله عليهم بالرزق فلم يؤدوا حق الله فيه من زكاة وصدقات. الذين تنعموا وأسرفوا فوقعوا في جريمة الإسراف والتي عقوبتها أن يخسروا حب الله لهم.
(إنه لا يحب المسرفين)
يتنعمون بنعم الله ولا يشكرون الله بل يستخدمون نعمه في معصيته ويصرون عليها.
(وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ)
[سورة الواقعة 46]
لا يبالون أصغائر كانت أم كبائر.
لا يبالون إن حلفوا بالله صدقا أم كذبا.
لا يبالون إن شهدوا زورا وبهتانا
هم لا يبالون بموضوع السيئات والآثام.
لماذا؟
ما يدفعهم إلى ذلك هو الشك والريب الذي داخل قلوبهم في موضوع البعث والحساب.
(وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ)
[سورة الواقعة 47 – 48]
يفكرون ربما في أنفسهم وربما نطقت به ألسنتهم.
مجرد هذا التفكير يجعلك في شك وريب من البعث وهذا الريب يجعلك تتهاون وترتكب المعاصي والآثام.
ثم تأتي الحقيقة القرآنية الثابتة لتؤكد لكل مؤمن بالكتاب أنهم أولهم وآخرهم لمجموعون ليوم عظيم.
(قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ)
[سورة الواقعة 49 – 50]
قد يتساءل مكذب قائلا ماذا لو لم يكن هناك بعث ولا نشور وأنا ضيعت عمري في الطاعة والعبادة.
فليتساءل أكثر ماذا لو لم أستعد للبعث والنشور وتبين لي أنه حق؟
الدنيا وإن طالت فإنها قصيرة جدا وطاعتك لربك بإيمان حقيقي تتناسب مع فطرتك فتشعر معها بالراحة والسعادة ولكن لو اتبعت الشك والظن واتبعت الهوى فلن تسعد سعادة حقيقية لا في الدنيا القصيرة ثم يوم البعث يكون أشد الندم…
( وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَٰذَا يَوْمُ الدِّينِ)
[سورة الصافات]
(قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا ۜ ۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ)
[سورة يس 52]
عندها يجدون العقاب الذي ينتظر كل مكذب ومرتاب ضل عن الطريق المستقيم..
(ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * هَٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ)
[سورة الواقعة 51 – 56]
يا الله!
تنازلوا عن الأكواب والأباريق والولدان المخلدون والسرر الموضونة والفواكه مما يتخيرون ولحم الطير مما يشتهون ورضوا لأنفسهم الزقوم طعاما لهم لا يسمن ولا يغني من جوع ورضوا لأنفسهم ماء حميما يقطع أمعاهم واختاروا لأنفسهم مهادا وفراشا من النار.
سبحان الله العظيم لا يفعل هذا عاقل بل حتى أن الأنعام تفر من العذاب وتفضل الطعام على الأشواك لذلك وصفهم الله بالأنعام وقال بل هم أضل!
(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا)
[سورة الفرقان 44]
في الدنيا لم يكن ليتنازلوا عن مال لهم ولكنهم يتنازلون لأهلهم من المتقين ليرثوا عنهم جنات عرضها السماوات والأرض!
(أُولَٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)
[سورة المؤمنون 10 – 11]
يقدمون نصيبهم للمؤمنين حلالا زلالا دون اكتراث.
فكيف نعالج مشكلة الريب في البعث والنشور؟
تابعونا في الدرس القادم إن شاء الله..
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.