الدرس العاشر

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.

كنز اليوم هو الكنز الذي وصفه الله جل جلاله بأنه الخير الكثير هو خير من المال والبنون والملك بل بدون هذا الكنز يضيع كل ما سبق.
إنه كنز الحكمة!!

(يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)
[سورة البقرة 269]

والحكمة لا ينالها كل إنسان وإنما هي للقلة فقط!
وما قد يظهر لك من حكمة لغير المؤمنين فهي ليست حكمة حقيقية ويتبين بعد فترة حقيقتها فهي إما مكر لمصلحة أو مدفوعة الثمن أو انها قرارات لتوصله للإستدراج الرباني الموصل للعذاب ولو بعد سنوات طويلة!!

فكيف أحصل على هذا الكنز الثمين؟؟
لنغص عميقا في بحر القرآن لنستخرجه..

يوسف عليه السلام عُرف بالحكمة فقد آتاه الله الحكمة ونجد هذا الخبر في قوله تعالى:

(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ((آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا)) ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)
[سورة يوسف 22]

نجد نهاية الآية ختمت بالسبب الغيبي الذي به نتحصل على الحكمة.
(وكذلك نجزي المحسنين)

إذن الحكمة مكافأة ربانية للمحسنين.
ونجد أيضا أنه آتى موسى عليه السلام أيضا الحكمة.

(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)
[سورة القصص 14]

وكذلك ختم الآية بنفس السبب الغيبي.
إذن السبب الأول للحصول على الحكمة هو الإحسان.
هل المقصود هو الإحسان في العبادة فقط كما جاء في الحديث؟
الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك أو كما قال.

الإحسان يبدأ بحسن عبادتك لله. صلاتك حسنة وصيامك حسن وحجك حسن وزكاتك حسنة بمعنى أن تودي عباداتك على أكمل وجه وكما يحب ربي ويرضى وباتقان.
ثم يشمل الإحسان بر الوالدين.

(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)
[سورة اﻹسراء 23]

وثم تعاملاتك من الناس بالمعاملة الحسنة بالقول والفعل.

(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ)
[سورة البقرة 83]

فإذا لزمت الإحسان بأبشر بالمكافأة (الحكمة)!

ولو بحثنا أكثر في كتاب الله عن الحكماء سنجد داوود وسليمان عليهما السلام والإثنان تميزا بكثرة التسبيح قبل طلوع الشمس وقبل غروبها.

(اصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ۖ كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ)
[سورة ص 17 – 20]

(فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ)
[سورة اﻷنبياء 79]

إذن السبب الثاني الذي به تتحصل على الحكمة هو التسبيح قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وقد حثنا ربنا بهذا في آيات عديدة بمسميات كثيرة مثل:
بالعشي والإشراق
(إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ)
[سورة ص 18]

بكرة وعشيا

(فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا)
[سورة مريم 11]

بكرة وأصيلا

(وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)
[سورة اﻷحزاب 42]

بالغدو والآصال

(وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ)
[سورة اﻷعراف 205]

فهذه الأوقات هي أوقات اختلاف الليل والنهار ومن خصص وقتا لنفسه للتسبيح والتفكر في هذين الوقتين أصبح حكيما عليما من أولي الألباب.

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ((وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ)) لَآيَاتٍ ((لِأُولِي الْأَلْبَابِ))
[سورة آل عمران 190]

والتسبيح في هذين الوقتين يشمل التفكر والتأمل في خلق السماوات والأرض ويشمل قراءة الآيات قراءة تفكر وتدبر ويشمل أذكار الصباح والمساء.

فإن كنت حقا ترغب في الحصول على الحكمة وهي الخير الكثير فاتبع سببا بالإحسان والتسبيح المستمرين ولا تتعجل ولا تيأس ولا ترتاب..
وتابع الدرس القادم..

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *