بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا من لدنه علما وحكمة إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ * ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)
[سورة السجدة 5 – 6]
من فوائد التأمل أنك تتيقن أن الله بيده مقاليد الأمور.
بيده أمرك
هو من يملك أن يرزقك
وهو من يملك أن يقدر عليك رزقك
هو من يعزك
وهو أيضا من بيده أن يذلك
هو الذي يشفيك إن مرضت
وهو الذي يمنع عنك الشفاء ولو ذهبت ﻷحسن المستشفيات في العالم وتعالجت عن أشهر طبيب في العالم وتناولت أفضل دواء في العالم.
بيده كل شيء
بأمره يحدث كل شيء
كيف أصل لهذا الشعور من خلال التأمل؟!!!
مثال:
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۚ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)
[سورة الحديد 6]
أولج الله الليل في السنوات الماضية كلها في الليالي التي بتاريخ اليوم في نفس الجزء من الثانية في هذه الليلة .
بمعنى لو أن الله أولج الليل بتاريخ 23 يونيو في السنوات الماضية في الساعة السابعة تماما فإنه يولج الليل اليوم بنفس الوقت تماما.
دقة متناهية لا يستطيعها بشر
تخيل ملايين السنين منذ أن خلق الله السماوات والأرض وهو يولج الليل والنهار بنفس الأوقات دون تأخير.
من منكم يشهد أنه منذ أن وصل لسن التكليف وهو ملتزم بمواعيده في المدرسة وفي العمل وفي لقاء الناس والزيارات ولم يتأخر ولم يتغيب ولا لمرة واحدة؟
لنفترض أن هناك من سيشهد أنه كذلك . فهل يستطيع الاستمرار هكذا ل100 سنة قادمة؟
الله عز وجل دقيق في مواعيد الشروق والغروب منذ أن خلق السماوات والأرض إلى يوم القيامة.
فهل يشعرك هذا بالأمان بأن الله له مقاليد الأمور؟
وأن كل شيء عنده بمقدار؟
وأنه ما أخر فرجك إلا بعلمه ؟
وما أخر رزقك إلا بعلمه؟
هو ليس غافلا عنك ولكنه يرزق بقدر لحكمة منه
(وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ)
[سورة الشورى 27]
التأمل يعلمك أمور كثيرة جدا فهو
يعرفك على ربك وعلى صفاته وأفعاله و أسماءه الحسنى
ويزيدك إيمانا ورضا وتسليما بأمر الله.
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ * ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)
[سورة السجدة 5 – 6]
هو الذي يدبر أمرك كله
مثال:
توظفت بمؤسسة تظن أنه بأمرك أو أمر صاحب العمل ولكن في الحقيقة
هو الذي أراك إعلان وظيفتك وأوصل لك تلك المعلومة .
وهو الذي أيقظك في الوقت المناسب وسيرك إلى مكان تقديم الطلب. وهو الذي جعل سيرتك الذاتية تثير إهتمام صاحب العمل وهو الذي أنطقك بالإجابات التي أثارت اعجاب صاحب العمل بك فوظفك.
الله هو الذي دبر لك هذا الأمر.
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ * ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)
[سورة السجدة 5 – 6]
الله دبر لك هذا الرزق وهذه الوظيفة قبل أن يخلقك !!
فلا تأسى على ما فاتك
ولا تفرح بما آتاك.
حقا؟!!!
نعم!
تأمل معي..
(مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ ((مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا)) ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)
[سورة الحديد 22 – 23]
(لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)
[سورة الحديد 23]
فما فاتك لم تكن لتحصل عليه لأن كل شيء تحصل عليه مكتوب في كتاب من قبل أن يخلق الله الأرض!
“من قبل أن نبرأها”
وما حصلت عليه ليس إلا إبتلاء وإختبار ليرى ما تصنع به.
فوظيفتك وراتبك ليسا إلا إبتلاء فلا تختال بهما وتتفاخر.
أي فضل من الله تحصل عليه ليس إلا إبتلاء
تأمل معي قول الله عن سليمان عليه السلام.
(ُ قَالَ هَٰذَا مِنْ ((فَضْل))ِ رَبِّي ((لِيَبْلُوَنِي)) أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)
[سورة النمل]
الغافل فقط من قد يظن الفضل من الله كرامة
(فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَامَا ((ابْتَلَاهُ رَبُّهُ)) فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ((ابْتَلَاه))ُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ)
[سورة الفجر 15 – 16]
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ * ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)
[سورة السجدة 5 – 6]
فهو عالم الغيب وعالم الشهادة
عالم بما كان وما يكون وما إن كان كيف كان يكون.
ويعلم ما الذي ستفعله قبل أن يخلقك وكتب ما الذي سيفعله لك في تلك الحالة.
عالم بسرك وجهرك
عليم بذات الصدور
تأملك في الآيات يعطيك الشعور بالرضا بقضاء الله ويزيل عنك الخوف والقلق من المستقبل.
يعطيك الشعور بالأمان بأن كل شيء يحصل لك هو بإذن الله ولن يحصل لك إلا ما كتبه الله لك أو عليك ولو اجتمعت الإنس والجن واتحدوا معا في ذلك فلن يحصل إلا ما أراده الله.
فإن أصابك خير فبإذن الله
وإن أصابك ضر فبإذن الله
” وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله”
ولنا أسوة في إبراهيم عليه السلام
عاش متأملا متفكرا
فكان مطمئنا تمام الإطمئنان عندما أجمعوا أمرهم عليه و أشعلوا النار وعندما وضعوه في المنجنيق ليقذفوه في النار وحتى عند قذفه كان متوكلا على الله لم يلجأ إلا إليه.
فكانت النتيجة مذهلة لا تخطر على قلب بشر .
“يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم”
وفي المقابل التأمل يجعلك تخشع وتخضع لربك وتأتمر بما أمرك وتنتهي عن ما نهاك عنه ليتولاك ربك ويحفظك ويحميك من كل شر.
فهو يدافع عن أولياءه المؤمنين.
(إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ)
[سورة الحج 38]
تتأمل لتعظم الله وتخشاه ويخضع قلبك وتخشع جوارحك فتلتزم بكل ما أمر لتكون مؤمنا حقا حنيفا مسلما حقا فيدافع الله عنك..
تذكر أنه بيده الأمر وبيده ما يحصل لك.
بيده أن يأذن لجنوده أن يؤذوا من يعصيه
وبيده أن يأمر جنوده أن يدافعوا عن من يطيعه.
يأمر نارا لتكون سلاما على عبده.
و يكفي المؤمنين القتال بأن يأمر الريح لتهاجم أعداءهم بدلا عنهم في غزوة الأحزاب.
وينجي هودا عليه السلام والمؤمنين بأن يأمر الإعصار أن يهلك قوم عاد.
وبالمقابل هناك المؤمنين.
المتأملين لما في السماوات والأرض ويخشون ربهم
تأملك لقوة الله وأن كل شيء حولك هم جنود لله يأمرهم لينجوا المؤمنين ويدافعوا عنه وكذلك يسلطهم لمن يعصيه ويكفره.
هذا التأمل كاف ليجعلك تخضع له خوفا من عقابه.
فسقف بيتك جندي من جنود الله
وكذلك أسلاك الكهرباء
وانبوبة الغاز
والنار في الطباخة
وسكاكين البيت
ومقصاتها
والكرسي
والباب
ووووو..
هذا فقط بداخل بيتك وما خارجه أكثر وأكثر فكيف تعصيه وأنت تعيش في ثكنة جنود الله في أرضه؟؟!!!
تخيل أنك معتقل في ثكنة عسكرية لأنك معارض سياسي .
عارضت الملك في حكمه .
عارضته في أوامره .
وأنت حولك الجنود
هذا وظيفته أن يسلط عليك الكشاف
وهذا ليغرق رأسك في سطل ماء
وهذا ليقتلع أظافرك
وهذا ليجلدك .
ثم يسألك الضابط ما رأيك في حكم الملك؟
ماذا ستكون إجابتك ساعتها؟!!
إذا أمرك أن تنفذ أمره هناك وسط الجنود فهل تنفذ أم تقول
لم أقتنع بعد
أو عندما أكبر مازلت شابا
أو عندما أتقاعد ؟!
(وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)
[سورة الفتح 7]
أنت تعيش بين جنود الله فكيف لا تخشى أن يأمرهم فيهاجموك؟
انظر حولك هل هناك شيء حولك ليس ملكا لله؟
اذن من فوائد التأمل :
الخضوع والخشوع القلبي
خشوع الجوارح
تذكر الآخرة (الخوف والرجاء)
التوكل على الله
تولي الله
الرضا بما قدر الله
تنسب كل شيء له ” التسبيح القلبي”
استشعار عظمة الله وقوته
الإطمئنان وترك القلق والخوف من المستقبل.
التعرف على صفات الله
اليقين بأن منزل القرآن هو نفسه خالق الكون
ألا يستحق ذلك كله أن أبدأ واستمر في التأمل؟!
ولكن ماذا أتأمل أيضا غير السماوات والأرض؟
هذا ما سنتحدث عنه غدا إن شاء الله
تابعونا…
مشاهدة “جند من جنود الله ( أنظر إلى عظمة الخالق) “سبحان الله”” على YouTube – https://youtu.be/TJ3O89vPLBg
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك