الدرس السادس

بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي .رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

(..أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) [سورة التوبة : 38]
(إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ) [سورة يونس : 7]
الغافل يكون فريسة لوسوسة الشيطان سواء شياطين الإنس أو الجن فهم يعدونهم الفقر ويخيفونهم من الإنفاق
(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [سورة البقرة : 268]
فتجد شياطين الإنس ليس فقط يبخلون ولكن أيضا يأمرون الناس بالبخل!!
(الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ۗ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [سورة الحديد : 24]
والمسألة تتعدى البخل بالمال وأمر الناس بالبخل به.
ولكن حتى الكلمة الطيبة يبخلون بها!!

(وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ) [سورة الماعون : 3]

لا يطعم ولا يحض الناس على الإطعام
لا يفعل الخير ولا يدل الناس عليه
بل حتى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قلبوهم وعكسوهم

(الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [سورة التوبة : 67]
البخل أنواع
بخل مادي
وبخل معنوي
وقد تفوق الغافلون في الإثنين !!

كل هذا البخل لأن ابليس يلعب على حبلين
الخلد و الملك الذي لا يبلى
تماما كما فعل مع أبوينا
(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَىٰ) [سورة طه : 120]

يشعرنا بأننا باقون على الأرض خالدون فنعيش على هذا الأساس
والكنز نكنزه للأيام القادمة فالشعور بالخلد يرافق الغافل
لذلك لا يحبون ذكر الموت
وكذلك الملك الذي لا يبلى
يظن أنه سيبقى غنيا للأبد
و الاطمئنان للدنيا دائماً بصاحبه شعور ان الموت بعيد و الدنيا خالدة
ينسون أن الله سبحانه يبسط الرزق لمن يشاء ويقبض
(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [سورة سبأ : 36]

ﻷنهم بعيدون عن الله
متشبثون بالدنيا
يعتقدون أن الرزق بيدهم و بعملهم
اﻷسباب الظاهرة
بل يتوهمون أنهم يكنزهم للأموال وحبهم للأبناء هو تعبد لله وتقرب إليه.
(وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ) [سورة سبأ : 37]

ويكرهون أن يحمد الله إن أعطوا الناس شيئا
يعطي الفقير مالا ويريد أن يحمد هو . فإذا حمد الفقير الله غضب!!
(وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ((وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ)) [سورة الحجر : 20]

(لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا ((وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا )) فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [سورة آل عمران : 188]

الغافل تائه في الدنيا
بوصلته تضيعه فهي لا تعمل جيدا
زينة الحياة الدنيا عنده غير واضحة لا يعلم كيف يتعامل معها.

(الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) [سورة الكهف : 46]

يقطع الآية عند المال والبنون زينة الحياة الدنيا والشيطان يعميه عن بقية اﻵية
ما يبقى عند الله هو الباقيات الصالحات وهي كل عمل صالح يبقى عند الله هي خير من المال وخير من البنون هي خير ثوابا وخير أملا
(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [سورة اﻷنفال : 28]

واعلموا….
فعل أمر
ركزوا
(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ ((فِتْنَةٌ )) وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [سورة اﻷنفال : 28]

الأموال والبنون اختبار وليس كرامة ليبلوكم بهما ويرى كيف تتعامل معهما.

هل ستركن إليهما وكأنك خالد أم ستتعامل معهما وكأنك غريب أو عابر سبيل؟

سبحان الله
المعادلة جداً واضحة و نرى كثير من الناس من ينطقها و مقتنع بأن الباقيات الصالحات هي اﻷفضل ولكنهم غير قادرين على التطبيق بسبب انغماسهم في الدنيا و نسيانهم لذكر الله

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ ((عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ )) وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [سورة التغابن : 14]

نداء للمؤمنين ولا ينتبه للنداء إلا المؤمن ولا بستجيب له إلا المؤمن
الغافل عندما يسمع للآية سيجادل ويتضايق ويضيق صدره رافضا لها.

اﻵية واضحة
هناك فعلا من الأزواج والأولاد من هو عدو لهم
وهنا يأتي أمر الله للمؤمنين بأن يحذروهم!
تجد زوجا يجبر زوجته على معصية الله والعكس الزوجة تجبر الزوج على معصية الله
هؤلاء أعداء وعلى المؤمن الحذر
وأن يصفح ويعفو عنهم ليبقي قلبه سليما
يصفح +يعفو + يغفر
لهم ليغفر الله لهم
وكذلك الأولاد الذين هم زينة وفتنة فإن منهم من يجبر الوالدين بالبكاء والاستعطاف ليعصوا الله من أجلهم.

فعلى المؤمن أن يحذر ولا ينجر لأهوائهم ويحسن التعامل معهم بما يرضي الله
هذه هي الدنيا فمن أراد أن يتحرر من عبوديتها فعليه بالذكر الكثير ليخرجها من قلبه ويضعها بيمينه حتى لا تؤثر على بوصلة حياته ويتوه عن الطريق المستقيم.

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *