بسم الله الرحمن الرحيم . رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما
ندخل الآن في آيات النعم ونبدأ بخلقنا نحن البشر
سورة الحج, الآية 5:
(يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج)
خلقنا الله من تراب سبحان الله اختار مادة رخيصة تداس بالأقدام .مادة لا تباع وليس لها قيمة حتى لا نتكبر ولكن سبحان الله أكثر الناس يداخل قلوبهم الكبر
هذه الآية درسها أحد علماء الأجنة فأسلم لما رأى من دقة في وصف تكون الجنين سبحان الله
التراب تحول الى نطفة لا ترى بالا بالميكروسكوبات الالكترونية ثم علقة تتعلق بالرحم لتستمد منه الغذاء ثم مضغة وشكلها وكأنها لقمة ممضوغة وعليها آثار كأنها أسنان. مخلقة وغير مخلقة ثم يصبح طفلا ويكبر الى أن يرد الى أرذل العمر
الآية تستحق الوقوف عند مراحل الخلق
سبحان الله كنا ترابا لا قيمة له اذا أصابنا نفضناه ثم أصبحنا أطفال ضعفاء لا قوة لنا وعندما نكبر ونتقوى نتكبر على الناس وعلى أوامر الله ثم نرجع الى الضعف مرة أخرى
خذ دقائق من وقتك تأمل الآية وتفكر في الانسان وخلقه
سورة النحل, الآية 4:
(خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين)
هذه هي حقيقة الانسان خلقه الله من نطفة لا ترى بالعين المجردة فاذا هو خصيم مبين
هنا اعجاز الحقيقة في زمن نزول القرآن لم تكن هناك ميكروسكوبات ولكن الله ذكر وجود النطفة فان كان كلام محمد صلى الله عليه وسلم فكيف عرف أن الانسان يخلق من نطفة ونطفة واحدة فقط هم يعلمون الماء المهين ولكن النطفة لم يعلموا بها الا من كلام الله عز وجل
شاهدنا فيديو يعرض خلق الانسان من بداية خلقه الى الولادة نرى في الفيديو حوالي 40 إلى 600 مليون نطفة تخرج في الدفقة الواحدة وتنطلق كلها في طريقها للبويضة
حجم النطفة مقارنة بالمسافة الى البويضة تعادل المسافة التي يقطعها الانسان الى القمر!
تواجه النطف أغشية في الرحم تمنعها من الوصول وبعضها يكمل المسير كذلك البشر بعضهم تواجهه عقبات الحياة والفتن فلا يكمل المسير .
تقل الاعداد وهي في الطريق
يصل القليل الى مفترق الطرق بين قناتي فالوب وبالرغم أن النطفة بلا عينين ولكن لا تخطيء أي منهم الطريق كلها تذهب للطريق الصحيح الذي فيه البويضة
يصل عدد قليل جدا الى البويضة ولكن واحد فقط يعطيه الله الأمر فيفرز مادة تفتح له الطريق ويدخل ويقفل الطريق وراءه مباشرة فلا يدخل غيره.
تخيل أنت اختارك الله من بين الملايين من النطف فكيف ستشكره على هذه النعمة
ثم تنطلق البويضة وتنقسم الخلايا فيها الى أن يغرسها الله في الرحم كبذرة ثم تنبت المشيمة ثم الجنين كثمرة والمشيمة كساق النبات سبحان الله كثيرا ما شبهنا الله بالنبات في آيات كثيرة اذا مررت بها تفكر فيها.
أول ما يبدأ من أعضاء الانسان بالعمل هو القلب لأهميته الى الله فالله ينظر الى ما في قلوبنا
ثم انظر الى الجنين عندما يكون مضغة وعلامات اسنان عليه ثم عظاما ثم يكسوه لحما لاحظ كيف يصوره أحسن تصوير
شكله في البداية مخيف لكن انظرالى جماله بعد التصوير سبحان الله انظر الى وجهك في المرآة واشكر الخالق على ما صورك عليه
سورة المؤمنون, الآية 14:
)ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين(
ولكن انتبه أبعد هذا الاعجاز وهذا الخلق هل كان عبثا؟
سورة القيامة, الآية 36:
(أيحسب الإنسان أن يترك سدى(
لا والله لم يخلق الله الانسان عبثا ولن يتركه سدى
علينا أن نحسن شكر النعم ظاهرة وباطنة بالعمل الصالح وتنفيذ أوامره والخضوع له
اذا قرأت سورة الانسان بتدبر ستعرف أن الله لم يخلق الانسان ليعذبه بل خلقه ليكرمه سخر له أشياء كثيرة وكرمه وأعد له الجنات ولم يجبره لعبادته وانما هداه السبيل فاما يكون شاكرا واما كافرا
سورة المرسلات, الآية 20:
(ألم نخلقكم من ماء مهين(
سبحان الله خلقنا الله من ماء وصفه أنه مهين أي مهان يتقذر منه الانسان اذا أصابه يغتسل واذا اصاب ثوبه ينظفه وكان بامكانه أن يخلقنا من ماء صاف نظيف.
وكذلك التراب جربي امسكيه ستجدين نفسك تنفضين يديك منه سبحان الله
كل هذا حتى يعيننا أن نتذكر ولا نتكبر ولكن!
انظروا الى حال أكثر الناس
ومن خلال قصة صاحب الجنتين سنلاحظ أكثر هذه القضية
سورة الكهف, الآية 32:
(واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا)
يصف الله الجنتين وصفا رائعا نعرف أن الاعناب تنمو على العريش أو سقف يتسلق عليه فلا تأخذ أشجاره مساحة من الأرض زراعتها على السقف ثم نعلم أن النخيل أشجار طويلة وباقي الزروع المثمرة أقل طولا . وكأنه يريدنا أن نتخيل كثرة المزروعات في هذه الجنتين على ثلاث مستويات على الارض وعلى السقف واعلى من السقف
سورة الكهف, الآية 33:
)كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا)
الثمار كانت بكثرة بحيث لم تظلم منه شيئا وفوق هذا تخيلي نهرا بينهما يجري
فقط اسرحي بخيالك وتخيلي هذه الجنتين
سورة الكهف, الآية 34:
(وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا)
وكان صاحب الجنتين في أوج النعمة وقمتها وكان الثمر على الأشجار هنا داخله الكبر على صاحبه فقال أنا وكلمة أنا خطيرة قالها ابليس (أنا خير منه ) فطرده الله من الجنة. وقال قارون ( انما أوتيته على علم ) فخسف الله به.
المهم صاحب الجنتين قالها وظلم نفسه بها (أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا)
سورة الكهف, الآية 35:
(ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا)
أخواتي التكبر على الخلق يجر الى التكبر على الله
ابليس تكبر على خلقة آدم أي تكبر على آدم لانه من طين ولكن بعدها تكبر على الله فرفض الامتثال لأمره وبعد ذلك بدأ يسئ الأدب مع الله.
كذلك صاحب الجنتين تكبر على صاحبه أولا لفقره وقلة نفره ثم بدأ بالتكبر على الله
نسي أن هناك نهاية لكل شي .نسي أنه لا يوجد شي خالد نسي اليوم الآخر وكفر به قال (ما أظن أن تبيد هذه أبدا)
سورة الكهف, الآية 36-37:
)وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا . قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا)
ثم كفر بربه وكفر باليوم الآخر وكثير من الناس اليوم يكفرون باليوم الآخر ليس باللسان ولكن بالأعمال.
يعيشون ولا يفكرون أنهم سيموتون في أي لحظة ولا يستعدون لما بعد الموت
يظنون أنهم خالدون للابد
تقول للبنات لا تبدي زينتك أمام الرجال تقول لك أنا بعدني صغيرة . هي في الواقع تقول ما أظن أن تبيد هذه أبدا وقس عليها بقيه الاشياء
المنافق يشكر الله على النعم العامة التي هي لعامة الناس مثل الشمس والقمر والارض والبحر وووو
لكنه لا يشكر الله على النعم الخاصة به مثل جماله ماله ذكاؤه صحته أبناؤه سيارته رزقه ثمار مزروعاته
لانه يكفر بهذه النعم ويشرك نفسه مع الله ويظن أنها جائت بمجهوده هو وليس من الله.
وهذا هو الكفر بعينه ابحثوا عن آيات الشكر ستجدون أن الله دائما يقابلها بالكفر والشرك .ان لم تشكر الله على نعمه وترجع فضلها كله لله فأنت كافر بها مشرك بالله أشركت نفسك مع الله.
الموضوع خطير جدا ولكن الشيطان يجتهد أكثر ما يمكن أن يعميك عن آيات الشكر وآيات النعم لتكون كافرا به مشركا نفسك أو واسطة فلان او الطبيعة أو …
ركزي أختي على آيات النعم صدقيني أول شي بيحاول ينسيك الشيطان هو آيات النعم والشكر.
ولذلك يقول الله عز وجل ( وقليل من عبادي الشكور)
( أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا(
أدرك هذا المؤمن أن صاحبه قد كفر مع أنه قال ولئن رددت الى ربي فهو يعلم أنه ربه لكنه كفر به.
فيذكره بأصله ومم خلق لانه عرف أن كفره نتيجة تكبره فذكره انك يا صاحبي تراب ونطفة وماء مهين فلماذا تتكبر سبحان الله
سورة الكهف, الآية 38:
(لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا)
سورة الكهف, الآية 39:
(ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا)
سورة الكهف, الآية 40:
)فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا)
سورة الكهف, الآية 41:
)أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا)
لاحظوا الردود قال (لا أشرك بربي أحدا ). لاحظ أن صاحبه يرجع فضل نعمة الجنتين الى نفسه ويشرك نفسه مع الله في فضلها فهو فخور بنفسه .
(ولولا اذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة الا بالله)
أي أن هاتين الجنتين شاء الله أن تكونا هكذا وليس بحولك أنت ولا قوة تملكها أنت تجعل النبات يخرج وينمو ويثمر لا قوة الا بالله
سورة الكهف, الآية 42:
)وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا(
والآن عرف صاحب الجنتين خطأه واعترف بذنبه وتمنى لو لم يشرك بربه أحدا
لاحظوا حركة تقليب الكفين تشبه الحركة التي نفعلها عندما ننفض الغبار من أيدينا من التراب
تذكر أصله وضعفه
أخوتي ليس لنا حول ولا قوة الا بالله
وكل ما نفعله من جهد في الدنيا سواء لأجل دنيانا أو لآخرتنا انما هو صفر لا يقدم ولا يؤخر وانما هو أخذ بالأسباب حتى لا نتواكل ولكن التوفيق كله من الله
لا تمدح فعلا فعلته لم تكن لتفعله لولا توفيق الله ولا تفخر بانجاز فعلته لم تكن لتفعله بدون توفيق الله
وما توفيقي الا بالله
(ولا تمش في الأرض مرحا انك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا )
(ان الله لا يحب كل مختال فخور(
ارجعي فضل جميع النعم العامة والخاصة الى الله وحده لا شريك له
ابنك الذي انجبته جميلا أو ذكيا أو صحيحا أنت لم تخلقه لتفخر به
ثمار بيتك أنت لم تنبت شجرتها أنت فقط رميت البذرة وسقيتها من ماء الله الذي خلقه وهو انبتها. اذا كانت ثمار بيتك لذيذة لا تفخر أنك زرعتها الله هو الذي زرعها ورزقك من الطيبات
)أفرأيتم ما تحرثون ءأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون)
سورة إبراهيم, الآية 34:
(وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار)
أكثر الناس يكفرون بنعم الله والمؤمن فقط هو الذي يشكر النعم كلها الخاصة والعامة لانه يذكر الله ذكرا كثيرا
المنافق الذي لا يذكر الله الا قليلا واذا قام للصلاة قام متكاسل من صفاته أنه يرجع النعم الخاصة الى نفسه تجده يقول أنا ذكي لاني أذاكر وحصلت على معدل كبير لاني مجتهد ولا يذكر الله أن الله وفقه لهذا
تجد الام عندما يمدحون طفلها تقول نعم أنا اللتي أنجبته أنا بطني لا ينجب الا الحلوين أنا حلوة وطفلي طالع علي
ركز على كلمة أنا
ترجع الفضل لنفسها
الله يحبنها كرمنا ويرعانا فاذا وفقك الله لقيام الليل والقنوت فيه فهذا من فضل الله عليك ورحمته فكيف تتعامل مع الله اذا أحبك؟
***: هذا والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله الا أنت أستغفرك وأتوب إليك