الدرس السادس

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.

لكي نحصل على اللؤلؤ والمرجان النفيسين علينا أن نغوض عميقا في عمق البحر قاطعين أنفاسنا ونظل نبحث ونبذل الجهد للحصول عليها، نتحمل كل ذلك لأن له منفعة دنيوية كبيرة مع أن المنفعة محدودة ولوقت قصير.
ثوب نفيس يبلى أو يرمى.
مجوهرات تتحطم أو يذهب بريقها.
بيت يتشقق بمرور الزمن.
حفلات تنتهي.
سيارات تتعطل.

ولكن كيف أحصل على منافع دنيوية وأخروية باقية في نفس الوقت؟

غص عميقا في القرآن وابحث جيدا وخذ وقتك لتحصل على أسراره قد تتعب ولكن اصبر فالكنوز العميقة ليست في متناول الجميع وإنما هي لمن اجتهد ومن جد وجد.

المشكلة الكبرى هي عندما تقدم كنوز القرآن على طبق من ذهب لا يستفيد منها الكثير جدا.
لماذا؟؟
لأن الأكثرية يعانون الريب في حقائق القرآن والقرآن لا ريب فيه.

(ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)
[سورة البقرة 2]

كيف أحكم على الأكثرية بهذا الحكم؟
تأملوا معي..

(أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ ۚ بَلْ ((أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ))
[سورة البقرة 100]

(وَإِنْ تُطِعْ ((أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ)) عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)
[سورة اﻷنعام 116]

(لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَىٰ ((أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ))
[سورة يس 7]

(..لَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ ۚ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَٰكِنَّ ((أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ))
[سورة هود 17]

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ المر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ ۗ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَٰكِنَّ ((أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ))
[سورة الرعد 1]

(إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَٰكِنَّ ((أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ))
[سورة غافر 59]

((وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ))
[سورة يوسف 103]

والأشد هو:
الأكثرية التي تظن نفسها من المؤمنين هم في الواقع متلبسين بالشرك الخفي!!

(وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ)
[سورة يوسف 106]

ولكن ما علاقة الريب والإيمان الحق في الإستفادة من كنوز القرآن؟؟

الله عز وجل لا يجرب والقرآن لا يجرب.
الموضوع يحتاج لليقين. فالريب خصلة من خصال المنافقين.

لماذا أحتاج لليقين للإستفادة من القرآن؟

سأعطيكم مثالا:

عندما يسمع المنافق والمؤمن هذه الآية.

(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ)
[سورة الحديد 11]

تكون ردود الأفعال كالتالي:
المؤمن يوقن بالآية فيسرع ليقرض الله قرضا حسنا ويعلم أن القرض الحسن يتطلب الصبر والإنتظار ويكون على يقين بأنه سيضاعف له فالله عز وجل يربي الصدقات. فيحصل على المضاعفات لما أنفق ولو بعد حين ويعتبره استثمارا ذكيا بلا خسائر محتملة.

المرتاب يسمع الآية و يعلم أنها آية ولكنه يتردد ويفكر هل حقا ستعود لي أموالي أم أنها ستذهب بلا عودة وأخسرها وهل حقا ستتضاعف ام سيرجع لي نصفها ومتى سيكون ذلك. فيجرب بمبلغ بسيط جدا ينفقه على ريب وكراهة فيتصدق به وهو قلق أن يخسره. فما النتيجة؟
لا يقبل الله منه نفقته هذه!!

(وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ)
[سورة التوبة 54]

وعندما لا يحصل على المضاعفات يزداد ريبا في القرآن فيضله الله بما كسبت يداه.
فالقرآن يزيد المؤمن ايمانا ويزيد الضالين ضلالا.

(وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ)
[سورة التوبة 124 – 125]

الموقنين بالله وبكتابه هم قلة وهم من يستفيد حقا من كنوز القرآن.
نسأل الله أن نكون منهم جميعا.

ولكن إن كنت من المرتابين فما الحل؟؟

الحل هو أن تذكر الله ذكرا كثيرا فهذه الصفة تخرجك من صف المنافقين المرتابين لصف المؤمنين المستفيدين من كنوز القرآن.

فإن كنا موقنين ولا يخالجنا الريب وقلوبنا سليمة من حب الدنيا ومن أمراض القلوب التي تكلمنا عنها في الدروس الماضية فسننطلق باذن الله من الدرس القادم بالغوص عميقا لإستخراج أسرار القرآن وكنوزه فتابعونا..

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *