بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الأعراف : … وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) ) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23).
السؤال :
آدم عليه السلام هل قال لربه : ألأجل معصية واحدة فقط تخرجني من الجنة ؟ هل قال آدم عليه السلام ذلك .
هل قال آدم عليه السلام لربه : ألأجل أني عصيتك معصية واحدة فقط ( واحدة فقط )تخرجني من الجنة ؟ هل قال ذلك .
أم سارع إلى الاعتراف ؟
الجواب : آدم عليه السلام سارع إلى الاعتراف ، لأن المعصية الواحدة ليست هينة ، هي هينة عند المجرمين ، لكنها عند الله عظيمة .
سورة الأعراف : قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23).
وسنرى تعامل المخلوق مع مخلوق أقل منه رتبة ، لا يقبل منه هذه المعصية الواحدة ، يعني الوالد لا يقبل من ولده المعصية الواحدة :
قصة :
نفترض أن والداً اسمه عمر ، وله ولد اسمه مازن ، وجه الوالد عمر لولده مازن أمراً ، لكن مازن لم يطع والده :
فقال الوالد عمر : ماذا حدث ؟.
فقال الولد مازن : أني أعصيك يا أبي .
فقال الوالد عمر: ولماذا يا بني ؟
فقال الولد مازن : أني نويت أن أعصيك مرة واحدة فقط ، ثم أعود إلى الطاعة .
الوالد لن يقبلها من ولده ، لأنه أقل منه رتبة ، كيف يقبلها الخالق من المخلوق؟ .
لا يقبلها الوالد من ولده ، لا يقبلها المدير في الشركة أو المؤسسة من العامل في تلك الشركة ، لا يقبلها القائد في المؤسسة العسكرة من الجندي الذي هو أقل منه رتبة ، يعني الجنرال أو اللواء لا يقبلها من ضابط أقل منه رتبة ، ولا يقبل الضابط معصية واحدة من الجندي ، ولا يقبلها المعلم في المدرسة من الطالب ، المعلم لا يقبل معصية واحدة من الطالب ، فكيف يقبلها الخالق من المخلوق؟ ، كيف يقبل الخالق معصية واحدة من المخلوق (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) .
سورة الأعراف : وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25).
سبق وأن أجبنا على السؤال الأول : كم معصية عصى آدم عليه السلام ؟
الجواب : معصية واحدة فقط ، وهي أن آدم عليه السلام أكل من الشجرة .
فلا تعصي ربك ولا حتى معصية واحدة فقط ( معصية واحدة فقط ) .
السؤال الثاني : آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة ، هل ذاق منها قليلاً فقط ، أم أكلها برمتها ولم يبقي على حبة منها ؟
الجواب : أكل قليلاً ، بل أنه ذاق فقط (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ) .
آدم عليه السلام عصى معصية واحدة فقط ، وبحجم قليل فقط، ، ومع ذلك أخرجه الله من نعمة عظيمة ، وهي الجنة .
القاعدة : ( لا تعصي ربك ولو واحدة فقط ، ولو قليلاً فقط ) .
لا عبرة بعدد المعاصي ، بل العبرة بمن عصي ، وهو الله العظيم .
ولا عبرة بحجم المعصية ، بل العبرة بمن عصي ، وهو الله العظيم .
سبق أن تكلمنا عن عدد المعاصي ، وقلنا لا تعصي ربك ولا حتى معصية واحدة فقط ، الآن سنتكلم عن حجم المعصية :
( لا تعصي ربك ولو قليلاً فقط ) .
(فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ) : هل أكل قليلاً من تلك الشجرة ، أم أكل كثيراً ولم يبقي على حبة منها ؟
الجواب : آدم عليه السلام أكل قليلاً فقط .
(فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ) : هل أكل قليلاً من تلك الشجرة ، أم أكل الشجرة كلها ولم يبقي على حبة منها ؟
الجواب : آدم عليه السلام أكل قليلاً ، هو فقط ذاق الشجرة (ذَاقَا) .
(فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ) : هل آدم عليه السلام عصى معصية كبيرة ، أم معصية صغيرة ؟
الجواب : آدم عليه السلام عصى قليلاً فقط ، معصية صغيرة فقط ، معصية هينة فقط .
لكل : هل العبرة بحجم المعصية ، أم أن العبرة بمن عصي ؟ العبرة بمن عصي ، وهو الله العظيم .
يعني ليست العبرة بالعدد ولا بالحجم ، ليست العبرة بعدد المعاصي ، وليست العبرة بحجم المعاصي ، بل العبرة بمن عصي وهو الله العظيم .
( لا تعصي ربك ولو واحدة فقط ولو قليلاً فقط ) .
فلو تجرأت وعصيته ( واحدة فقط وقليلاً فقط ) لأنك تستصغر ذلك وتراه صغيراً وهيناً ، فكن على استعداد ، وترقب أن تفقد نعمة ، ليست بسيطة بل عظيمة ، كنعمة السكن والأهل والولد والوظيفة والسيارة ، فلو فقدت ذلك فلا تلومن إلا نفسك ، لأنك لست أفضل من آدم عليه السلام ، وقصة آدم عليه السلام أساساً موجهة إلينا .
سورة الأعراف : … فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23).
السؤال : هل قال آدم عليه السلام لربه : ألأجل أني ذقت من الشجرة قليلاً تخرجني من الجنة ؟ هل قال له ذلك ؟
أم أن آدم عليه السلام ، سارع إلى الاعتراف؟
الجواب : آدم عليه السلام ، سارع إلى الاعتراف بمعصيته ، ولم يبررها ، وأنت لا تبرر معاصيك .
سورة الأعراف : قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23).
لا يقبلها المخلوق من مخلوق مثله ، إذا كان هناك ضرر يترتب عليه ، يعود عليه بالضرر ، إذا كانت تلك المخالفة تعود عليه بالضرر .
مثال (1) :
من منكم يقبل أن يغتاب في مجلس ما ، قليلاً فقط ؟ لا أحد منا يقبل ذلك .
من منكم يقبل أن يغتاب في مجلس ما ، قليلاً فقط ، يعني ليس كثيراً ، يعني يتصل بك مازن وهو في مجلس ما مع أصدقائه ، ويستأذن منك ، يريد أن يغتابك بعد أن يستأذن منك ، يقول لك : أنا في مجلس مع أصدقائي ، وأريدك أن تأذن لي أن أغتابك قليلاً فقط ( قليلاً فقط ) وليس كثيراً ، فهل تسمح لي بذلك ؟ من منكم يسمح له بذلك ؟ ، لا يقبلها المخلوق من مخلوق مثله ، عندما يترتب على ذلك ضرر عليه ، كيف يقبلها الخالق من المخلوق .
مثال (2) :
من منكم يقبل أن يسرقه عامله في المتجر قليلاً فقط ، عندك عامل في الدكان ، هل ترضى أن يسرقك قليلاً فقط بين حين وآخر؟ ، يعني هو ليس من النوع الذي يسرق كثيراً ، بل هو يسرق قليلاً فقط ، هل تقبل به عامل لديك في دكانك ؟ من منكم يقبل أن يسرق قليلاً ؟ ، هذا بالطبع بعد الاتفاق ، يأتيك العامل مازن قبل التوقيع على عقد العمل ، وأنت تتفق معه على الشروط مثلاً ، ويقول لك: أنا سأعمل معك ، فهل تأذن لي أن أسرقك بين الحين والآخر ،لكن أعدك أني لا أكثر ، سأسرق قليلاً فقط ، فأنا لست من النوع الذي يسرق كثيراً ؟ من منكم يرضى بذلك ؟ لا أحد يقبل ، لأن هذا يعود بالضرر عليه ، هذا يجعلك لا تثق فيه أصلاً ، ستسحب منه الثقة .
مثال (3) :
من منكم يرضى من مازن أن ينظر إلى زوجته قليلاً فقط ، يعني يأتيك مازن ويستأذن ، زوجتك في البيت ، وهي محترمة ومحتشمة ومتحجبة ، يأتيك ويستأذن يقول لك : هل تأذن لي أن أنظر إلى وجهها قليلاً فقط ثم أنصرف؟، من منكم سيأذن له بذلك ؟ من منكم يرضى أن ينظر إليها قليلاً فقط؟ ، فهو لن يطيل ، لثانية أو ثانيتين فقط ، ثم ينصرف ، وهو يستأذن ، من منكم يرضى بذلك ؟ ركز : يأتيك مازن مستأذناً ، يقول لك : هل تأذن لي أن أنظر إلى زوجتك قليلاً فقط ، وهذا النظر يتم بحضرتك ، وأنت تراقب الوضع ، من منكم يقبل بذلك ؟ لا أحد يقبل بذلك ، لا يقبلها المخلوق من مخلوق إذا كان هناك ضرر يترتب عليه ، هذا حط من القدر والكرامة والعفة والعرض والشرف ، هذا شيء غير مقبول ، كيف يقبل الخالق من المخلوق ذلك ، كيف يقبل الخالق من المخلوق المعصية القليلة ، كيف يقبل الخالق من المخلوق المعصية الهينة الصغيرة ، (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) .
يتبع….