الدرس السابع

بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا من لدنه علما وحكمة إنه هو العليم الحكيم . اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.

(وَفِي الْأَرْضِ ((آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ)) * ((وَفِي أَنْفُسِكُم))ْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)
[سورة الذاريات 20 – 22]

تحدثنا عن أهمية تأمل السماء والأرض

بنظرة التفكر .

بنظرة البصيرة

لكي ترى آيات الله في الكون على أنها آيات لتكون من الموقنين.

واليوم دعونا نتفكر في أنفسنا نحن البشر .

” وفي أنفسكم أفلا تبصرون”؟؟

لم يقل: أفلا تنظرون؟

فنحن ننظر لأنفسنا تقريبا يوميا في المرآة وننظر للآخرين حولنا ولكنها نظرة مختلفة تماما عن ما يريدها الله في الآية .

بل قال لنا :

“أفلا تبصرون”؟!

يريدنا أن نبصر بقلوبنا ونتأمل خلقه لنا.

أن نتأمل جمال ودقة وبديع صنعه.

(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهٍُ)
[سورة السجدة 7]

هل نظرت لنفسك في المرآة نظرة تأمل في خلقتك؟

هل تأملت عينيك؟

هل تعجبت من شق جلدة وجهك تماما بحجم يناسب حجم مقلة عينيك؟

هل تعجبت أن يكون في هذا الشق ثقب تخرج منه الدموع لتبلل مقلة عينيك حتى لا تجف وتتحجر؟

هل تعجبت أن هذا الشق قد أنبت الله حوله شعيرات لتحمي عينك من الشوائب لتتمكن من الرؤية بوضوح؟

(أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ)؟
[سورة البلد 8]

هل تأملت فتحتي أنفك؟

هل تعجبت أنهما في المكان الصحيح بالضبط للطريق المؤدي لرئتيك؟

هل تعجبت من أن الله أنبت بداخلهما شعيرات لتمنع عنك الشوائب ليحميك من الأمراض والإختناق؟

هل تعجبت أن الله جعل هاتين الفتحتين بأنف جعله مرنا بغضروف ليتحمل الصدمات كونا بارزا في الوجه؟

هل تعجبت أن تكون الفتحتين واسعتين كبيرتين لسكان المناطق الاستوائية لتتناسب مع جوهم وكمية الرطوبة والأكسجين بينما سكان المناطق الجافة والصحراوية فلهم فتحات أنف صغيرة لتناسب جوهم الجاف؟

(هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ۚ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)
[سورة لقمان 11]

هل تأملت الشق الجميل الملون الممتلئ على وجهك ؟

هل تعجبت من دقة صنعه؟

هل تعجبت من أنه في المكان المناسب المؤدي للجهاز الهضمي؟

هل تعجبت من قدرته على الحركة كما تريد؟

هل تعجبت من أنه يصدر صوتا مختلفا مع كل حركة لتتمكن من الكلام والتواصل مع الآخرين؟

هل تعجبت أن بداخل هذا الشق كل الادوات اللازمة للأكل؟

هل تعجبت من لسانك وكونه عضلة تتحرك أيضا كما تشاء وتصدر صوتا مختلفا مع كل حركة؟

هل تعجبت من قدرته على التذوق لمختلف أنواع الأطعمة؟
حلو . مالح . مر . حارق. حامض. ووووووو….

(ألم نجعل له عينين)؟

(وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ)؟
[سورة البلد 9]

هل تعجبت من فتحتي الأذن على جانبي رأسك؟

هل تعجبت أن خلف هذه الفتحة تجعلك تسمع الأصوات؟

وأنك إذا وضعت سدادة فيهما فلن تسمع شيئا؟

هل تعجبت أن وجود الفتحتين ساعدتاك على السمع ولولاهما لكانت الاصوات لا تصل؟

هل تعجبت أنك أيضا بهذه الأذن تميز بين الصوت العالي والمنخفض؟

وتميز بين الصوت الحاد والناعم والأجش؟

بل وتستطيع تمييز صوت اﻵخرين وتعرف صاحب الصوت؟

هل تعجبت أنك أيضا تميز بهاتين الأذنين ما يقال لك فتستطيع التجاوب معهم؟

(قُلْ ((هُو))َ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۖ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ)
[سورة الملك 23]

هل تفكرت أن عينيك وسمعك هي آلات تسجيل غيبيه صوت وصورة وبالألوان وبدقة عالية لما تفعله يوميا من أعمال ولها حجم ذاكرة يكفي لتسجيل حياتك كلها منذ ولادتك وحتى وفاتك؟

ويوم القيامة سيتم تشغيل هذا التسجيل أمامك وستتابعه كاملا غير منقوص؟

(حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا ((شَهِدَ عَلَيْهِمْ)) سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
[سورة فصلت 20]

لك الخيار في الدنيا أن تجعلها شاهدة لك
أو شاهدة عليك.
ويوم القيامة تفقد هذا الخيار فتنطق بما شهدت إن خيرا فخير وإن شرا فشر.

ترى هل ستتغير نظرتك الآن لعينيك وسمعك وشفتيك؟

هل ستحاسب في إستخدامهم؟

(وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ)
[سورة فصلت 22]

إذا كانت لديك كاميرا إحترافية دقيقة ذات تكبير وتقريب عال جدا فهل يهمك شكلها الخارجي كثيرا أم يهمك دقة تصويرها؟

إذا تعاملت مع بصرك وسمعك وشفتيك على أنهم آلات تسجيل غيبية فلن تتفاخر بجمالها ولن تتذمر من شكلها .

(الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ)
[سورة يس 65 – 67]

(الْيَوْمَ ((نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِم))((ْ وَتُكَلِّمُنَا)) أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَلَوْ نَشَاءُ ((لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِم))ْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ)
[سورة يس 65 – 67]

يديك ورجليك هل تأملت دقة صنعهما؟

هل تعجبت من فوائد أصابعك؟

بدون وجود إصبع واحد منهم لصعب عليك إستخدام يديك أو رجليك كما تريد.

لم أكن أتخيل فائدة أصابع القدمين حتى رأيت أحد أقاربي وقد بترت ثلاثة أصابع من قدمه ولم يعد قادرا على المشي إلا بالعكازات.

أصبع واحد فقط يحدث فرقا كبيرا في الإستخدام.
سبحانه لم يخلق شيئا عبثا.

وهذا يذكرك بكمال صنع الله

” صنع الله الذي أتقن كل شيء”

هل تأملت مفاصلك التي في يديك ورجليك؟

أي تعطل أوتيبس أو تآكل لمفصل واحد فقط يجعل حياتك عذابا لا ينتهي.

هذا كمال خلق الله!

هذا صنع الله!

(هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ۚ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)
[سورة لقمان 11]

لاحظوا أن تأملي لم يدخل في العلوم الحديثة هو تأمل متاح لأي إنسان ولكنه يوصل لمحبة الله.

(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ ((فَأَحْسَن))َ صُوَرَكُمْ ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ)
[سورة التغابن 3]

(اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ ((فَأَحْسَنَ صُوَرَكُم))ْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)
[سورة غافر 64]

(الَّذِي ((أَحْسَن))َ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ)
[سورة السجدة 7]

(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي ((أَحْسَنِ)) تَقْوِيمٍ)
[سورة التين ]

(وَفِي الْأَرْضِ ((آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ)) * ((وَفِي أَنْفُسِكُم))ْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)
[سورة الذاريات 20 – 22]

لاحظوا أن الآيات التي تتحدث عن تأمل خلق الانسان تسبقها تأمل السموات والأرض سواء في نفس الآية أو الآيات التي تسبقها.

التقديم في التأمل هو في السماء والأرض ثم تأمل خلق الإنسان

(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي(( الْآفَاقِ)) وَ((فِي أَنْفُسِهِم))ْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)
[سورة فصلت 53]

(أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ۚ بَنَاهَا)
[سورة النازعات 27]

خلق السماء والأرض أشد من خلقنا
لذلك الشعور بالتعظيم يكون أكبر بتأمل خلق السماء والأرض.

بينما شعور الشكر يكون أكبر بتأمل خلقنا.

وربط دوما ذكر نعم السمع والبصر والفؤاد بالشكر

(وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ ((السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ))ۙ ((لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))
[سورة النحل 78]

(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ ((السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ ))((قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ))
[سورة المؤمنون 78]

(ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ۖ وَجَعَلَ لَكُمُ ((السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَة))َ ۚ ((قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ))
[سورة السجدة 9]

(قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ ((السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَة))َ ۖ ((قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ))
[سورة الملك 23]

تأملك الدائم يجعلك معظما لربك ويجعلك من الشاكرين

يجعلك تجتهد لتشكر ربك
حمدا وشكرا

والشكر يكون بالأعمال الصالحة وليس بالحمد فقط

((اعْمَلُوا)) آلَ دَاوُودَ ((شُكْرًا)) ۚ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)
[سورة سبأ 13]

لتصل للإيمان الحق واليقين لست بحاجة للعلوم الحديثة .

فقط أنت بحاجة للتأمل الذي هو متاح للمتعلم ولغيره .

فأصحاب النبي عليه الصلاة والسلام تأملوا ولم تكن لديهم هذه العلوم وكان إيمانهم عميقا ويقينهم صادقا فنالوا رضى الله عنهم.

لا أقصد منع الإطلاع على الإعجاز العلمي ولكن أقصد أنك لا تحتاج إليه بالضرورة .

فقط تحتاج للآيات وللنظر والبصيرة.

انتهى الدرس ولم ننتهي من تأمل خلقنا نكمل إن شاء الله غدا

فتابعونا….

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *