بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
السابقون السابقون في جنات النعيم على سرر من ذهب متكئين عليها ويطوف عليهم الولدان المخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين يتخيرون من الفواكة وما تشتهييه أنفسهم من لحوم الطير مستمتعين بالجو حيث لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا.
تخيلوا معي تلك الجلسة وتلك المناظر مع استشعار الأجواء الرائعة.
هناك لا تحلو الجلسة إلا بالحور الحسان.
(وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ)
[سورة الواقعة 22 – 23]
الحور العين هن نساء أهل الجنة وخلقن خاصة لأهلها.
فما هو وصفهن؟
(وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ)
كأمثال اللؤلؤ المكنون..
هل سبق وأن رأيتم لؤلؤا؟
هل رأيتم صفاءه؟ نعومة ملمسه؟ إشراقة لونه؟
تخيل لؤلؤة أو انظر لؤلؤة أو حتى لصورة لؤلؤة إن لم تتمكن وتخيل تلك الحوراء الحسناء.
الحور العين جمعن بين الجمال الشديد والطهر والعفاف فمن طهرهن وصفهن باللؤلؤ المكنون. مكنونات كاللؤلؤة في محارتها حيث لم يلمسها إلا من حصل عليها. كذلك الحوراء لم يلمسها أحد قبلك!
(لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ)
[سورة الرحمن 74]
لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان مكنونة كاللؤلؤة في محارتها.
وهن قاصرات الطرف فلا تنظر لغيرك وتقارنك بهم.
(وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ)
[سورة الصافات 48]
لا ينغصك شعور بالغيرة عليها ولا بالشك من ماضيها ولا حاضرها ولا مستقبلها فهي لك وحدك فهن المقصورات في الخيام.
(حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ)
[سورة الرحمن 72]
فهن لا يخرجن ولا يراهن غيرك.
وفي وصف آخر..
(كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ)
[سورة الصافات 49]
كالبيضة المكنونة داخل قشرتها أول من يلمس تلك البيضة هو من قشرها وأخرجها.
فهل رأيت البيضة المسلوقة إذا خرجت من قشرتها بيضاء كاللؤلؤ ناعمة الملمس؟
انهن الحور الحسان جزاء لهم بما كانوا يعملون.
(جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
[سورة الواقعة 24]
هم سابقوا فسبقوا إليهن فاستحقوهن…
تلك هي الجائزة التي تستحق أن تسابق إليها بجهدك ووقتك وتفكيرك وليست جوائز الدنيا الرخيصة.
فهل تزعجك تلك الحور بثرثرات النساء والكلام الذي لا نفع منه؟
لا!
فهي لن تطلب منك قلادة كقلادة ابنة خالتها.
ولن ترهق ميزانيتك بطلباتها.
ولن تؤذيك بكلام يجرحك
حور حسان وكلام طيب مريح للأبد بلا توترات ولا خوف من المشاكل.
(وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ * جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا)
[سورة الواقعة 22 – 26]
السلام هو سيد الموقف واللغو والثرثرة اختفت بلا عودة.
سلام في القول
وسلام داخلي في القلب.
وأمامك تلك الأنهار تجري من تحتك.
والجنات الخضراء
وإجازة بلا نهاية فلا عمل ولا انشعال ولا مسؤوليات.
تشتري كل ذلك بسباق للوصول إليها.
بالعمل الصالح
بترك المعاصي
بالتوبة النصوح
بمجاهدة النفس
وقد تسأل النساء فماذا ينتظرنا نحن؟
أنت الملكة وهن الوصيفات
أنت المنعمة وهن اللواتب يشتغلن لراحتك.
أنت الظهارة وهن البطانة.
هذا هو الفرق!
اللهم اجعلنا من أهل السباق السابقين لجنات النعيم يا رب العالمين.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب.