بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
كنز اليوم كنز ثمين جدا. كنز أنفق الناس لأجله المليارات حول العالم للكهنة والعرافين ووظف البعض الموظفين برواتب باهضة ليوفروا لهم هذا الكنز.
كنز اليوم هو كنز الحفظ والحماية من كل من يريد بنا شرا وسوءا من الجن والإنس.
فلا تخاف معه الأذى من الأعداء ولا سحر ساحر ولا حسد حاسد ولا تخاف الشرور كلها.
كنز نجده جليا في آخر صفحة من كتاب الله.
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)
[سورة الفلق 1 – 5]
فعن عقبة بن عامر رضی الله عنه ، قال: بينا أنا أسير مع رسول الله صلی الله علیه وسلم بين الجحفة وأبواء إذ غشيتنا ريح وظلمة شديدة، فجعل رسول الله صلی الله علیه وسلم يتعوّذ: [قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق ] ، و: [ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس ]، ويقول: ((يا عقبة تعوذ بهما فما تعوّذ متعوذ بمثلهما ))، وقال: وسمعته يؤمُّنا بهما في الصلاة([7]).
فالإستعاذة معناها اللجوء والإحتماء بالله سبحانه وتعالى وما خاب من لجأ إلى الله.
فقد أمرنا الله عز وجل أن نجير المشرك بالله إذا استجارنا في قوله تعالى:
(وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ)
[سورة التوبة 6]
فكيف إذا استجاره عباده المؤمنون؟
ومن توكل على الله فهو حسبه ولكن مسألة اليقين هنا مهمة جدا فالله لا يجرب والقرآن لا يجرب كما قلنا سابقا ولن يصيبك بعدها إلا ما كتبه الله لك حتى لو جعلت جيشا من الحراس حولك!!
(أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ۗ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِنْدِكَ ۚ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا)
[سورة النساء 78]
ولدينا مثال من سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهو في حياته كان مستجيرا بالله فكان يأمن على نفسه حتى أن أحد رسل الفرس جاءه فوجده نائما بأمان تحت شجرة فتعجب منه فقال عدلت فأمنت فنمت.
ولكن عندما جاء أجله لم يمنع قاتله وجوده بين أصحابه ولا كونه بين يدي ربه.
فهذه السورة حفظ لك إلا أن يأتي أجلك فلا يتأخر ساعة ولا يتقدم.
سورة الفلق حفظ لنا من شر الأشرار ومن شر السحر والحسد.
وهي وسيلة حفظ مجانية وسهلة ومتاحة للجميع فكم منا من يلتزم بقراءتها كل صباح ومساء ويتيقن أن الله سيحفظه بها؟
الطريقة الثانية للحفظ هي أن تكون في معية الله.
(قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَىٰ * قَالَ لَا تَخَافَا ۖ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ)
[سورة طه 45 – 46]
معية الله حفظت موسى وهارون عليهما السلام من الطاغية فرعون مع أنه قتل الابناء واستحيا النساء وصلب السحرة في جذوع النخل ولكنهما لم يصبهما شيء.
فكيف أكون في معية الله؟
أن تكون في ذكره ذكرا كثيرا.
(اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي)
[سورة طه 42]
فقد جاء في الحديث
(وأنا معه إذا ذكرني)
ذكرك الكثير لله حماية وحفظ لك ليس فقط من الطغاة ولكن أيضا من الوسواس الخناس وبالتالي حفظ من الوقوع في الذنوب.
(..وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا)
[سورة اﻹسراء 46]
وقال صلى الله عليه وسلم حكاية عن يحيى عليه السلام إذ أوصى قومه بقوله: وآمركم أن تذكروا الله، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعاً حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم، وكذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله. رواه الترمذي، وصححها الألباني.
فإذا ذكرت ربك وولت عنك الوسوسة ولم تقع في المعصية فقد حفظت نفسك من غضب الله أيضا.
من طرق الحفظ أيضا قراءة الآيتين من آخر سورة البقرة مساءً فعن أبي مسعود الأنصاري البدري عقبة بن عمرو قال : قال رسول اللّه : «الآيَتانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ مَنْ قَرأ بِهِما في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ».[ متفق عليه ]
وكذلك قراءة آية الكرسي فلا يزال عليك من الله حافظ حتى تصبح.
كل هذه الكنوز في كتاب الله وما يزال الناس يطلبون الحفظ والحماية من الناس بالأموال الطائلة ويتبين لهم بعدها أنها حماية من لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا.
فإنك كنت راغبا حقا في الحصول على هذا الكنز الثمين فاجعله في جدول يومك كل يوم وتابع الدرس القادم…
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.